قاعدة : فرق بين فرض العين وفرض الكفاية.
ففرض العين ينظر فيه الشارع الى الفاعل، كوجوب الصلوات الخمس، لا تسقط عن الإنسان بفعل غيره، مطلقاً، وكذا وجوب الزكاة ، ينظر فيها الشارع الى الفاعل ، ولكنها تسقط عن الإنسان بفعل غيره عنه ، على القول الراجح، لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر لما بعثه لجمع الزكاة فقال منع الزكاة ثلاثة : ابن جميل ، وخالد بن الوليد ، والعباس) فقال صلى الله عليه وسلم( أما ابن جميل فما ينقم إلا أن كان فقيرا فأغناه الله ، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً فقد حبس أعتاده وأدرعه في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها معها أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه) ، فالزكاة من العبادات التي تدخلها النيابة فتصح عن الغير ولو كان ذلك بغير إذنه لقوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سمعه يقول : لبيك عن شبرمة . قال : ومن شبرمة قال : أخ لي أو قريب لي . قال : هل حججت عن نفسك قال: لا . قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة. ولم يقل : هل استأذنته في الحج عنه . وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم من المقال . فكل من عمل عن غيره عملاً تدخله النيابة صح ذلك العمل ولو بغير إذن من له العمل على القول الراجح. ولهذا تصح الزكاة ممن أخذت منه وهو مانع لها لقوله صلى الله عليه وسلم ( إنا لآخذوها وشطر ماله ) . وأما فرض الكفاية ينظر فيه الشارع الى المفعول ، فإذا وجد المفعول سقط الإثم عن الباقين ، كالجهاد في سبيل الله ، إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين أذ أن الأصل فيه كونه فرض كفاية لقوله تعالى ( وماكان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) - وهذا مع القدرة، فكل واجب عيني أو كفائي من شرطه القدرة لقوله تعالىfrown رمز تعبيري لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . أما إذا كان جهاد دفاع أو حضر صف القتال كان واجباً عينياً لقوله تعالى ( ( ياأيها الذين ءامنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ) وكذا إذا كان محتاجاً إليه أو استنفره الأمام لقوله تعالى ( ياأيها الذين ءامنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الأخرة فما متاع الحياة الدنيا في الأخوة إلا قليل) ولقوله صلى الله عليه وسلم ( وإذا استنفرتم فانفروا) - ولا يشكل على هذا فعل غيره عنه في فروض الأعيان مما تدخله النيابة، لأن فروض الكفاية يفعلها المسلم عن نفسه ويسقط الإثم عن غيره، أما فروض الأعيان مما تدخلها النيابة يفعلها المسلم عن غيره لا عن نفسه ، فتنزل منزلة الفعل من ذلك الغير، ولهذا قال تعالى ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) فلا يؤخذ عمل الإنسان ويعطى غيره بغير إذنه ، ( ولا تزروا وازرة وزرى أخرى) ، ولا يعني ذلك عدم جواز سعي الإنسان لغيره ، ولهذا جاءت النصوص الكثيرة بمشروعية فعل السعي والعمل للغير ، منها قوله صلى الله عليه وسلم ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه) ففي هذا الحديث دليل على عدم اشتراط نية الغير وعدم اشتراط إذنه في فعل العمل عنه
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هيئة التدريس / كلية الشريعة / جامعة أم القرى/ مكة المكرمة/ في ١٤٣٦/٨/١٢هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق