—————-
صورة المسألة: يتفق مجموعة من الشبان على الذهاب للمطعم، على أن يدفع كل واحد منهم بطاقة الصراف أمام المحاسب، ثم يختار المحاسب أي بطاقة منها ويخصم من رصيده مبلغ الطعام، فيكون هو المحاسب عن الكل، والبقية على حسابه يأكلون، هل هذا التصرف صحيح جائز، أم ممنوع محرم؟
—————
هذا من الميسر إذا كان الاتفاق على الدفع بهذه الطريقة، فهو من الغرر: وهي كل معاملة تدور بين الغنم والغرم في أصل المال لا في ربحه. وهو مجهول العاقبة.
فأحدهم غارم، وغيره غانم.
وهي من الميسر، والفرق بين الميسر والغرر:
الميسر يكون في اللعب والمغالبات والمسابقات بينما الغرر يكون في المبايعات والصحيح أنهما يشتركان في جهالة العاقبة ولكن الميسر فيه مغالبة بينما الغرر لا تشترط فيه المغالبة.
وأما إذا كان كل واحد منهم حريصاً على إطعام غيره، وتنافسوا في ذلك
وتوصلوا إلى القرعة بهذه الطريقة، فلا بأس إذا كان بطيب نفس كل واحد منهم، وفي الحديث: (لو يعلم الناس ما في الصف الأول والنداء ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه).
وأما إذا كانت القرينة تدل على أنه إذا دفع لم تكن عن طيب نفس منه فلا يجوز فيما لم يجب عليه شرعاً كالضيافة ونحوها.
فإن الضيافة واجبة على المضيف، وفي صحيح البخاري:
(قُلْنَا للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّكَ تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بقَوْمٍ لا يَقْرُونَا، فَما تَرَى فِيهِ؟ فَقالَ لَنَا: إنْ نَزَلْتُمْ بقَوْمٍ، فَأُمِرَ لَكُمْ بما يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فإنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا منهمْ حَقَّ الضَّيْفِ).
وهناك فرق بين عقود المعاوضات، كما في الصورة الأولى، فلا يجوز أن تبنى على الغرر والميسر والقمار.
وبين عقود التبرعات -كالهبة- فليس فيها معاوضة، ولم يؤخذ من مال الغير بغير طيب نفس منه، (لا يحل مال امريء إلا بطيب نفس منه).
تنبيه: أخذ أموال الناس من طعام وغيره فيما لا يجب عليهم شرعاً من أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل).
والله أعلم.
كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق