حكم التمويل بعقد المضاربة المشتركة :
——————————
( دراسات في عقود التمويل الإسلامي)
صورة المسألة : يقوم المصرف بعرض استثمار مدخرات عملائه لهم ، ثم يعرض المصرف باعتباره وكيلاً لعملائه على رجال الأعمال وأرباب التجارة استثمار أو تشغيل تلك الأموال ، على الطريقة النمرية : توزيع الأرباح على حسب قدر المال، وفترة الاستثمار ، والخسارة إنما تكون عند إفلاس الشركة وعدم قدرتها على المواصلة في الاستثمار .
مع ملاحظة التالي :
1 - يقوم المصرف بخلط أموال المستثمرين التي أودعها أصحابها بهدف الاستثمار ، ويدفع بها إلى رجال الأعمال وأرباب التجارة كل حسب نشاطه .
مع العلم أن الخلط ليس فقط عند تأسيس عقد الشركة ، بل الخلط المتلاحق لأموال المستثمرين .
2 - يجري حساب الأرباح في كل سنة اعتماداً على التنضيض التقديري - لا الحقيقي- ، أو التقويم لموجودات الشركة بعد خصم النفقات .
والتنضيص: هو تحويل العروض إلى قيمتها النقدية .
3 - توزيع الأرباح قائم على الطريقة النمرية : وهي توزيع المال وتقسيمه على أصحاب المال حسب قدر المال - قلة وكثرة - وفترة استثماره .
4 - في المضاربة المشتركة يضمن رأس المال من قبل المضارب لصاحبه .
5 - عدم توقف الشركة في المضاربة المشتركة على انسحاب أحد الشركاء بعد انتهاء مدة الاستثمار السنوي أو النصفي بحسب نظام الشركة ، فإذا سحب أحد الشركاء ماله بقي مال الآخرين .
————-
وبعد هذا العرض يلاحظ على الشركة في المضاربات المشتركة ما يلي :
1 - مخالفة هذه الصورة في المضاربة المشتركة القاعدة العامة في الشركات المشروعة ، وهي : توزيع الأرباح على الشركاء بنصيب مشاع متفق عليه بين الأطراف الثلاثة : ( العملاء- والمصرف- ورجال الأعمال )،
والخسارة على صاحب العمل في عمله ، وعلى صاحب المال بقدر نصيبه المشاع من رأس مال الشركة .
2 - عدم معرفة رأس المال عند عقد الشركة وتأسيسها لكل مساهم فيها، حيث إنها قائمة على خلط الأموال المتلاحق ، فكل من يودع للاستثمار يدخل في المشروع في أي وقت ولو قبيل التصفية .
ومن الشروط المتفق عليها في عقد الشركات : معرفة قدر مال كل من ساهم بمال ، حتى يكون عليه من الخسارة بقدر نصيبه المشاع من رأس مال الشركة .
3 - ضمان رأس مال المساهم ، حيث يسمح لكل من أراد المساهمة أن يسحب رأس ماله في أي وقت شاء وتقدر له أرباح رأس ماله بالطريقة النمرية السابقة .
وضمان رأس المال في عقد الشراكة لا يجوز لكون الشريكين أو الشركاء لم يتساووا في الغنم والغرم، وهي وسيلة وذريعة للربا والحالة تلك .
4 - الطريقة النمرية : توزيع الأرباح حسب كمية المال ، وفترته، ، ليست هي الطريقة الشرعية في توزيع الأرباح في الشركات، إذ إن الطريقة الشرعية : يكون الربح بنصيب مشاع متفق عليه بين الشركاء، والخسارة على صاحب العمل في عمله ، وعلى صاحب المال في ماله، فإن كانوا مجموعة فعلى كل واحد منهم بقدر نصيبه المشاع من رأس مال الشركة .
والطريقة النمرية هي الطريقة الربوية في توزيع الأرباح بين الشركاء، حيث تقوم على كمية المال ومدته.
5 - في هذه الصورة من المضاربة المشتركة : لا يعلم كل شريك أو مساهم بنصيبه المشاع من رأس مال الشركة .
ولا يعرف قدر مال الشركاء لكونها قائمة على الخلط المتلاحق لأموال المساهمين ، وهذا لا يجوز بالاتفاق.
6 - عند سحب الشريك حصته قبل التصفية وتوزيع الأرباح ليس له إلا رأس ماله، سواء ربحت الشركة أو خسرت ، وهذا غير مشروع .
وفي هذه المخالفات الشرعية لهذه الصورة من المضاربات المشتركة يتبين أنها غير مشروعك.
وبناء على ذلك فإن التمويل بعقد المضاربة المشتركة بهذه الصورة محرمة ، ولا تجوز ، والله أعلم .
كتبه / محمد بن سعد المهلهل العصيمي/ أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق