قاعدة : فرق بين تام الأهلية وناقصها .
قاعدة : فرق بين تام الأهلية وناقصها . وأهلية الإنسان للشيء : صلاحيته لصدور ذلك الشيء ، وطلبه منه . فإن كانت صلاحيته لصدور الفعل عنه على الوجه المعتبر شرعاً فهي صلاحية أداء، وإن كانت صلاحيته لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه فهي صلاحية وجوب . وإن كانت صلاحيته معتبرة أحياناً وغير معتبرة أحياناً فهي أهلية ناقصة - كالصبي المميز-، وكذا إذا كانت صلاحيته غير معتبرة مطلقاً- كالصبي غير المميز والمجنون- فهي أهلية ناقصة أيضاً . فتصرف العاقل البالغ الحر الرشيد الخالي من الموانع -كالغضب الشديد- معتبر شرعاً لكونه كامل الأهلية خالِ من موانعها، إذ أن الشيء لا يتم إلا بوجود شروطه وأنتفاء موانعه. ويدل لذلك قوله تعالى ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها وأكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً) والسفيه ههنا سفيه المال وهو الأرجح وقيل سفيه الدين ، وقيل : سفيه الدين والمال. وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع) اللام الأولى : للأختصاص ، واللام الثانية : للملك . وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا طلاق في إغلاق) والإغلاق : من أغلق عليه عقله فلا يدري ما يقول من شدة الغضب مثلاً، ففسر : بالغضب لأن الغضبان قد أغلق عليه باب القصد والعلم عنه كانغلاقه عن السكران والمجنون . فهو من انغلق عليه رأيه.قال شيخ الإسلام : وحقيقة الإغلاق أن يغلق على الرجل قلبه، فلا يقصد الكلام، أو لا يعلم به، كأنه انغلق عليه قصده وإرادته. وعلى هذا يدخل المكره والمجنون، ومن زال عقله بسكر أو غضب ، وكل من لا قصد له ، ولا معرفة له بما قال فتصرفه غير معتبر. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ) . ولما كان الصبي ناقص الأهلية كانت تصرفاته لا تخلوا من ثلاث حالات : ١ - تصرف لا يكون إلا نفعاً محضاً له، ولا ضرر عليه فيه فهذا يصح تصرفه من غير إذن وليه ، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لقي قوماً بالروحاء - مكان بين مكة والمدينة - فقال : من القوم . قالوا : المسلمون. قالوا : من أنت . قال : رسول الله . فرفعت امرأة صبي لها ، فقالت : ألهذا حج ، قال : نعم ، ولك أجر) . ٢- تصرف ضرر محض للصبي لا نفع له فيه . وهذا لا يصح تصرفه ولو بإذن وليه .لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار) . ولقوله تعالى ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) وكل من يتصرف لغيره يجب عليه اختيار الأفضل لذلك الغير. ٣ - تصرف للصبي المميز - إذ أن غير المميز لا رأي له معتبر شرعاً - يحتمل النفع والضرر فهذا يجوز تصرفه بإذن وليه ، وسواء كان. هذا الإذن لفظاً أو عرفاً ويدل لذلك حديث عمرو بن أبي سلمة قال أتى أبي فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يأوم القوم أقرأهم لكتاب الله ...) فقدموني وأنا ابن سبع أو ثمان سنين) وما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يعلم به فإن الله يعلمه والعهد عهد تشريع ولو كان منكراً لأنكره الله في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مما يدل على كونه حجة في الأحكام الشرعية، وإذا كان هذا في الصلاة فغيرها من التصرفات من باب أولى.
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى/ في ١٤٣٦/٨/١٣هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق