حكم زواج المسلم بالكتابية من وليها الكافر:
حكم ولاية اليهودي والنصراني على اليهودية والنصرانية :
—————————
1 - لا يجوز للمسلم أن يتزوج بالكافرة إلا إذا كانت يهودية أو نصرانية فقط، فلا يجوز أن يتزوج بالمجوسية ولا المرتدة عن دين الإسلام ، ولا غير المسلمة ما لم تكن يهودية أو نصرانية ، بشرط الأمن من التأثر بدينهن ، إذ القاعدة : المباح إذا ترتب عليه فتنة حرم بالإجماع .
وذلك لقوله تعالى :( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ).
وتفسيرها : اليوم أَحَلَّ الله لكم أكل المستلذات، وأكل ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وأحل ذبائحكم لهم، وأحل لكم نكاح الحرائر العفائف من المؤمنات، والحرائر العفائف من الذين أُعْطُوا الكتاب من قبلكم من اليهود والنصارى إذا أعطيتموهن مهورهن، وكنتم متعففين عن ارتكاب الفاحشة غير متخذين عشيقات ترتكبون الزنى معهن، ومن يكفر بما شرعه الله لعباده من الأحكام فقد بطل عمله لفقد شرطه الذي هو الإيمان، وهو يوم القيامة من الخاسرين لدخوله النار خالدًا فيها مخلدًا.
2 - لليهودي والنصراني ولاية على موليته اليهودية والنصرانية ما لم تسلم .
فإذا أراد المسلم أن يتزوج باليهودية أو النصرانية فإن الذي يزوجها هو أبوها اليهودي أو النصراني ، إن وجد ، فإن لم يوجد فلمن بعده حسب درجات الولاية ، وهي بنوة ثم أبوة ، ثم أخوة ، ثم عمومة ، ثم ولاء.
وقدم الحنابلة الأبوة على البنوة ، والأول أصح ، لأن الابن أقرب .
وذلك لأن القاعدة : الكفار مخاطبون بفروع الشريعة .
وهي لم تسلم بعد فبقيت ولايتها لموليته ، لوجود السبب وانتفاء المانع.
والقاعدة : الشيء لا يتم إلا بوجود شروطه ، وانتفاء موانعه .
3 - انتقال اليهودية إلى النصرانية مع بقاء وليها على اليهودية ، أو العكس لا يبطل ولايته عليها في عقد النكاح ، وكذا انتقال وليها من اليهودية أو النصرانية إلى دين آخر غير دين الإسلام ، ككونه انتقل من دين الكتاب إلى دين المجوس، أو إلى الملاحدة الذين لا دين لهم .
لكون الكفر ملة واحدة ، لا ملل شتى ، وفي الحديث:( لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم )، وفي الحديث الآخر :( لا يتوارث أهل ملتين شتى ).
والكفر ملل متعددة ، ولكنه بالنسبة للإسلام ملة واحدة ،
فيكن المعنى لا يتوارث أهل ملتين شتى بفسر بالحديث الآخر :( لا يرث المسلم الكافر ….).
وقاعدة الراسخين في العلم : رد المتشابه الذي يحتمل أكثر من معنى إلى المحكم الذي لا يحتمل إلا معنى واحد .
والعبرة في الزواج من الكتابية بالنسبة للمسلم أن تكن هي يهودية أو نصرانية بغض النظر عن ديانة وليها، ولا تنقطع ولاية وليها الكافر إلا إذا أسلمت .
4 - إذا أسلمت اليهودية أو النصرانية وبقي وليها كافراً، ولم يوجد من بعده ممن لهم الولاية عليها مسلماً، انتقلت ولايتها لولي المسلمين في ذلك المكان ، أو من ينيبه كالقاضي، فإن لم يوجد فلمن له الولاية من المسلمين في تلك الولاية، فإن لم يوجد، أو تعذر ذلك منه لأي سبب من الأسباب، فلمن له الكلمة في تلك الولاية كالمفتي، فإن لم يكن أو تعذر ذلكزفأي فرد ذكر من المسلمين .
والقاعدة : العجز الحسي ينزل منزلة العجز الحكمي، والعكس صحيح.
- وقد تقدم بيانها في القواعد الفقهية والأصولية -.
5 - لا يجوز للمسلة أن تتزوج اليهودي ولا النصراني، ولا المرتد عن دين الله تعالى، ولا الملحد، ولا من خرج عن دائرة الإسلام بالإجماع .
قال تعالى :( وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ).
والله أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق