حكم الإنكار على من يتكلم والإمام يخطب الجمعة :
——————
لا يجوز أثناء خطبة الجمعة لمن رأى شخصاً يتحدث أن يأمره بالسكوت، ولا يأمره بالسكوت بالإشارة أيضاً.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم :( من قال لأخيه والإمام يخطب أنصت فقد لغى ، ومن لغى فلا جمعة له ).
وهذا نص صريح في عدم الإنكار عليه والإمام يخطب .
وقال في الانشغال بالفعل : :( من مس الحصا فقد لغى ، ومن لغى فلا جمعة له).
أي مسه على وجه اللعب والهو ، لا مجرد المس، فهو عام الذي يراد به الخصوص .
وكل فعل فيه انشغال عن الخطبة مما لا يشرع جنسه في الصلاة والخطبة فهو مقيس على مس الحصا.
والقاعدة : الشارع لا يفرق بين متماثلين ، ولا يجمع بين مختلفين.
وإذا كان لا يشرع الإنكار بالقول في الخطبة، فكذلك الفعل ، بجامع الإنشغال عن الخطبة في كل.
والقاعدة : الإشارة تنزل منزلة الفعل في الأحكام الوضعية مطلقاً،
وفي الأحكام التكليفية عند وجود العذر .
وقد سبق تقريرها في كتاب القواعد الفقهية والأصولية -.
وههنا في مسألتنا من الأكام الوضعية التي لا يعذر فيها المستمع لخطبة الجمع بالإشارة لما فيها من الاشتغال عن الخطبة .
وأما ما جاء عن ابن عمر : «أنه رأى رجلاً يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة،فرماه بحصی، فلما نظر إليه وضع يده على فيه» .
ومعنى « وضع يده على فيه»: أي أشار له بالسكوت.
فالجواب عنه على فرض صحته ؛ أنه اجتهاد من صحابي وليس إجماعاً.
وفعل الصحابي وقوله ليس بحجة في الأحكام الشرعية ، لأن قول الصحابي ليس بحجة على صحابي آخر بالإجماع فلا يكون حجة علينا لكوننا جميعاً مخاطبون بالتشريع .
وعلى فرض كونه حجة : فإنه عارض الأدلة السابقة، وبالإجماع إذا عارض قول الصحابي النص من الكتاب أو السنة فلا يحتج به.
- وقد تقدم في القواعد تقرير عدم حجة قول الصحابي المجرد-.
وقد اختلف العلماء في مشروعية التأمين على دعاء خطيب الجمعة ، فمنهم من منع ذلك ، وقال : إذا كان لا يجوز إنكار المنكر وخطيب الجمعة يخطب ( من قال لأخيه والإمام يخطب : أنصت ، فقد لغى..). فمن باب أولى عدم جواز التأمين الذي هو سنة، ومنهم من قال بالجواز وهو الأقرب، لكونه مما يشرع جنسه في الصلاة - وقد سبق بيانه -.
فإن قيل : الإشارة في الصلاة لا تبطلها، والكلام فيها يبطلها، فيكون ذلك مشروعاً الأمر بالسكوت لمن تكلم بالإشارة إليه بالإنصات .
فالجواب : هذا القياس في مقابلة النص.
وكل قياس يصادم النص فهو فاسد الاعتبار .
فالنص صرح بالحركة المشغلة ( من مس الحصا فقد لغى ..).
ولا قياس مع النص، فالإنكار بالإشارة يشغل عن الانصات للخطبة.
فإن قيل : رفع اليدين في الاستسقاء أثناء الخطبة مشروع بالنص، وهو سنة فيقاس عليه الإنكار الواجب على من تكلم والإمام يخطب .
فالجواب : أن رفع الأيدي في الاستسقاء والإمام يدعو في الجمعة ، لم يثبت كون المأمومين رفعوا أيديهم ، وعلى فرض جوازه ، فإن هذا فعل لا تشغل عن الإنصات بخلاف الإنكار سواء كان بالفعل أو القول فهو مشغل عن الإنصات .
- والله أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى- مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق