حكم الاستفتاح بهذا الذكر: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك، ولا إله غيرك .
هذا الذكر ثبت من قول عمر بن الخطاب كما عند الدارقطني موصولاً من قول عمر، وهو المحفوظ، ولم يثبت رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول : سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ) رواه مسلم بسند منقطع، لأن عبدة بن لبابة لم يدرك عمر بن الخطاب، وإنما لقي ابنه عبدالله.
ورواه الدارقطني موصولاً وموقوفاً، والمحفوظ هو الموصول، وأخرجه أبو داود والحاكم من حديث عائشة مرفوعاً: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك ....) ورجال إسناده ثقات إلا أن فيه انقطاعاً، وأعله أبو داود ، وقال الدارقطني : ليس بالقوي.
@ وعلى هذا فإن كان الثابت في هذا الذكر أنه من قول عمر رضي الله عنه ولم يثبت رفعه، وقول الصحابي المجرد لا سنة الخليفة الراشد: ليس بحجة ، لأن العلماء أجمعوا على أن قول الصحابي ليس بحجة على صحابي آخر ، فلا يكون حجة علينا ، لأننا جميعاً مخاطبون بالتشريع.
اللهم ما كان من قول الصحابي الذي لا مجال للاجتهاد فيه، وكان غير معروف بالأخذ عن أهل الكتاب.
فتقول : إما أن هذا الذكر توقيفي ، ولا يجوز افتتاح الصلاة إلا بما ثبت وروده بالنص .
فيكون قول عمر هذا له حكم الرفع، فلا نتعبد لله إلا بما شرعه، وعمر غير معروف بالأخذ عن أهل الكتاب، فيكون هذا الذكر له حكم الرفع.
وإما أن يقال : إن الاستفتاح يشرع بكل ما فيه حمد لله وثناء عليه، ولا يجب الاقتصار على ما ورد به النص، ولكن هو الأفضل، وهذا في نظري أقرب، وعلى هذا فعمر رضي الله عنه : حمد الله وأثناء عليه بغير ما ورد به النص، ويؤيد هذا حديث رفاعة بن رافع عند النسائي وأبي داود مرفوعاً( إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى ، ثم يكبر الله تعالى ويحمده ويثني عليه ) فقوله : يحمده ويثني عليه : يدل على أن أي ذكر فيه حمد وثناء على الله تعالى يجوز افتتاح الصلاة به ، والأفضل أن يكون بما ورد، والقاعدة : أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم .
ومن هذا أيضاً الذكر الذي يكون بعد قول ربنا ولك الحمد، فإنه لو قال : ربنا ولك الحمد والشكر فلا ينكر عليه، فقد روى البخاري عنالنبي صلى من طريق رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ قَالَ :
( كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ . فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قَالَ : أَنَا . قَالَ : رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُم يكتبها أول
).
مما يدل على أنه لم يعلمه هذا الذكر قبل أن يقوله ، وأنه لا يشترط فيه الاقتصار على ما ورد.
@ معنى سبحانك : تنزيهاً لك يا رب عن كل نقص .
@ وبحمدك : أي أنزهك تنزيهاً مقروناً بالحمد.
والحمد: ذكر أوصاف المحمود الكامل ، وأفعاله الحميدة ، مع محبته وتعظيمه.
@ وتبارك اسمه: أي اسم الله تعالى كله بركة ، فإذا صاحب شئياً صارت فيه بركة ، وإذا كان الاسم فيه بركة فالمسمى أعظم بركة وأشد وأولى . فإن وصف الله تعالى بالبركة ، كقوله تعالى ( تبارك الذي نزل الفرقان ) صار معناه: تعالى وتعاظم .
@ تعالى جدك : أي ارتفع ، والجد: العظمة، والمعنى : عظمتك عظمة عالية .
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد الهليل العصيمي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق