( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون ، هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون، لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ، سلام قولاً من ربّ رحيم ، وأمتازواا اليوم أيها المجرمون ) . أي أن أهل الجنة في ذلك اليوم مشغولون عن غيرهم بأنواع النعيم التي يتفكهون بها ، فهم في شغل بما هم فيه من اللذات ، مما لا عين رأت ،ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، اشتغلوا بذلك عن الاهتمام بأمر الكفار، ًومصيرهم إلى النار، وإن كانوا من قراباتهم ، و(فاكهون) أي : متنعمون. هم وأزواجهم متنعمون بالجلوس على الأسرة المزينة ، تحت الظلال الوارفة . لهم في الجنة أنواع الفواكه اللذيذة ، ولهم كل ما يطلبون من أنواع النعيم ، سلام أي ولهم أن يسلم الله عليهم ، ( قولاً من رب رحيم ) أي : من جهته ، يقول لهم : سلام عليكم يا أهل الجنة ، وقيل : الملائكة تدخل على أهل الجنة من كل باب يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من رب رحيم ، فيحتمل هذا ويحتمل الذي قبله ، والنص إذا احتمل أكثر من معنى ولا تعارض بينهما حمل على جميع تلك المعاني ، وهي القاعدة التي ذكرها الشافعي في الأم : ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم من المقال . وفي قوله تعالى ( سلام ) بعد قوله تعالى ( ولهم ما يدعون ) مع أن سلام الله عليهم وكلامه لهم غاية مناهم( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) عدم تخصيص النعيم بالسلام وذلك لأن احد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم . ويقال للكفار في ذلك اليوم : تميزوا عن المؤمنين ، وانفصلوا عنهم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى / في يوم الأثنين / ١٤٣٦/١٠/٩ه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق