قاعدة : فرق بين المنفعة والانتفاع . المنفعة : ما تكون مملوكة للإنسان ، كمن استأجر داراً يجوز أن يؤجرها لغيره ممن هو مثله في الضرر أو أخف منه مالم بشرط عليه عدم التأجير . والانتفاع : ما يحق له أن ينتفع به وهو غير مالك له . فإذا استغنى عن الانتفاع به لا يجوز أن يأخذ مالاً ليترك الانتفاع به لغيره ، كالعارية ؛ يباح له أن ينتفع بها بإذن مالكها ولا يجوز له تأجيرها لنفسه ،وكالأموال المشتركة المجتمعة بفعل الله تعالى قبل حيازتها كالماء والكلأ ، فهي أعيان ليست من ملكه وإنما له حق الانتفاع والتقدم إذا سبق ، وكذا الأرض الموات قبل إحيائها . ومما يدل على ذلك ما يلي : - ١ - قوله صلى الله عليه وسلم ( من سبق إلى مالم يسبق إليه مسلم فهو أحق به ) . ٢ - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام ( لا تبع ما ليس عندك) فدلّ على أن الغير مملوك لا يجوز بيعه سواء كان عيناً أو منفعة . ٣ - قوله صلى الله عليه وسلم ( المسلمون شركاء في ثلاثة : الماء والكلأ والنار) . فهذه الثلاث من الأموال المشتركة قبل حيازتها لا يجوز بيعها وإنما هو احق بالانتفاع بها إذا سبق إليها . ٤ - في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من عمر أرضاً ميتة فهي له ) وفي لفظ في السنن ( من أحيا أرضاً ميتة فهي له ). فالموات قبل إحيائها يجوز الانتفاع بها إذا سبق إليها ولا يجوز بيعها قبل إحيائها لأنها غير مملوكة له . ٥ - في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء. وذلك لأن الأنسان غالباً لا يبيع إلا ما زاد عن قدر الحاجة - وما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له - وهذا قبل الحيازة فمن حازه في قارورة أو خزان أو وعاء جاز له بيعه لقوله صلى الله عليه وسلم ( لئن يمد أحدكم حبله فيحتطب فيبيعه خير له من أن يسأل الناس شيئاً) . فهذه الأدلة وغيرها تدلّ على التفريق بين المنفعة والانتفاع ومن لم يفرق وقع في اللبس والخطأ ، وعلى هذا فالذي يأخذ مالاً في مقابل تأخره عن الصف الأول ليكون المكان للدافع يأخذ حراماً.، لأنه أحق بالمكان الذي هو فيه لسبقه إليه فإذا تركه لا يجوز أن يأخذ عليه مالاً لأنه لا يملك المكان ، وكذا الذي يبيع في رحبة المسجد الخارجة عنه هو أحق بالانتفاع به إذا سبق إليه ، فإذا استغنى عنه لا يجوز أن يبيعه لغيره ، لأنه غير مملوك له . وكذا لا يجوز بيع القرض العقاري ولا الرقم العسكري ولا يجوز بيع المنحة العقارية قبل حيازتها وإحيائها إن لم تكن محياة . وكل ذلك مبني على هذه القاعدة ، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى . في يوم الخميس /١٤٣٦/١٠/١٢هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق