قاعدة : الإكراه الغير ملجيء : وهو ما يستطيع فيه الإنسان الإمتناع عما أكره عليه ويخاف الضرر . ففي هذه الحال يكون الإنسان معذوراً إذا كان الضرر الواقع عليه أعظم من الضرر الواقع منه ، وما لا فلا . فلو قيل له : أقتل فلاناً وإلا ضربناك لم يجز قتله ، لأن الضرر الواقع منه أعظم من الضرر الواقع عليه ، بخلاف لو قيل له إضرب فلانا وإلا قتلناك، وغلب على ظنه صدق وعيدهم. وأما إذا كان الضرر الواقع عليه مساوٍ للضرر الواقع منه لم يجز ، كقولهم : إقتل فلاناً - المسلم معصوم الدم - وإلا قتلناك لم يجز ؛ فليس بقاء روحك أولى من بقاء روح غيرك . ويدلّ لذلك قوله تعالى ( ولا يضار كاتب ولا شهيد ) حيث دلت الآية على جواز ترك الشهادة بالحق عند خوف وقوع الضرر ، وهو نوع من الإكراه الغير ملجيء ، ولقوله تعالى ( من كفربالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ولقوله صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار ) ولقوله صلى الله عليه وسلم ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) . ولأن الضررين إذا غلب على الظن وقوع أحدهما إن لم يقع الآخر فإن الضرر الأدنى يتحمل من أجل دفع الضرر الأعظم ، فالمسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وإذا كان لنفسه يتحمل الأدنى من أجل دفع الضرر الأعلى ، فكذا يتحمل الضرر الأدنى الواقع عليه حتى لا يقع الضرر الأعلى على أخيه ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) . وأما الإكراه الملجيء : وهو أن يتخذ الإنسان وسيلة كالآلة ، ولا يملك الامتناع عن ما أكره عليه . فهذا لا شيء عليه . لقوله تعالى ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) ولقوله تعالى ( لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها) .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هئية التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى / في ١٤٣٦/١٠/٣٠هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق