القواعد والضوابط في باب القرض.
القرض لغة : القطع ، ومنه المقراض الذي يقص به الأظفار .
واصطلاحاً : - دفع مال لمن ينتفع به ، ويرد بدله .
١ - القرض من عقود الإرفاق والأحسان لا من عقود المعاوضات .
فإذا كان في الأموال التي يجري فيها الربا ، وانقلب إلى عقود المعاوضات، جرى فيه الربا .
ولما كان القرض من عقود الإرفاق والإحسان ، جاز القرض مع أن صورته صورة ربا ، فإذا بعت دينار بدينار من غير تقابض في مجلس العقد كان من الربا ، وإذا أقرضت دينار بدينار إلى ميسرة جاز ولم يكن من عقود الربا . ولم تختلف الصورة إلا بالنية .
٢ - المثلي يضمن بمثله، والقيمي- الذي لا مثل له - يضمن بقيمته.
والمثلي عند الحنابلة : كل مكيل ،أو موزون ، لا صناعة فيه مباحة، يصح السلم فيه.
والصحيح : أن المثلي : ما كان له شبيه ونظير، ولهذا لمّا كسرت إحدى أمهات المؤمنين إناء ضرتها، أخذ صلى الله عليه وسلم إناء وقال : ( إناء بإناء ، وطعام بطعام ).
٣ - لا يكون الشيء مثلياً إلا إذا لم تتغير عينه وقيمته.
- فالمالين إنما يتماثلان إذا استوت قيمتهما ، ومع اختلاف القيمة فلا تماثل -.
خلافاً للمذهب عند الحنابلة : فتغير سعر المثلي ، لا يغير المثلية، لأنه رده على صفة الحق الذي له ، فلزمه قبوله، وأما إذا تعيب القرض ، كحنطة ابتلّت ، أو عفنت، فلا يلزمه قبولها، لأن عليه فيه ضرراً، لكونه دون حقه.
والصحيح : أن تغير قيمة القرض يضره في النقص، والقرض ثبتت قيمته وقت القرض ، فإذا أقرضه طعاماً - على سبيل المثال - فنقصت قيمته ، فهو نقص النوع، فلا يجبر على أخذه ناقصاً، فيرجع إلى القيمة ، وهذا هو العدل، فإن المالين إنما يتماثلان إذا استوت قيمتهما ، وأما مع اختلاف القيمة فلا تماثل.
وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله.وعلى هذا فإذا منع السلطان التعامل بالفلوس - كل نقد من غير الذهب والفضة - فللمقرض القيمة وقت القرض .
ولو استدان الرجل الذهب من زوجته ، إلى أجل سنة ، فللمرأة قيمة الذهب وقت القرض.
ولأن وقت القرض ، هو الوقت الذي انتقل فيه الحق من ملك المقرض إلى ملك المقترض .
فالعبرة بالمنظور لا بالمنتظر .
٤ - إذا كان المقصود الأعظم في المنفعة المشتركة في القرض للمقرض كان - القرض - حراماً، وإذا كان للمقترض جاز.
فإذا كان النفع في القرض خاصاً للمقترض فهو جائز بالإجماع، وإذا كان النفع في القرض خاصاً للمقرض حرم بالإجماع.
- وقد سبق بيانها في حكم جمعية الموظفين - .
٥ - كل هدية من المقترض أو زيادة لم ينوي المقرض مكافأته عليها، أو احتسابها من الدين قبل وفاء الدين فهي حرام إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك .
لأن العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، فكانت هذه الهدية أو الزيادة بسبب القرض ، وكل قرض جرّ نفعاً فهو ربا .
وقال صلى الله عليه وسلم لابن اللتبية لمّا أرسله لجمع الزكاة ، فقال : هذه زكاة المال ، وهذا أهدي إليّ ، فقال : صلى الله عليه وسلم ( هلا جلس في بيت أمه حتى يهدى إليه ).
٦ - كل هدية أو زيادة غير مشروطة عند وفاء القرض أو بعده فهي حلال.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكراً- الفتي من الإبل - فرد خيراً منه ، وقال
frown رمز تعبيري
خيركم أحسنكم قضاء )متفق عليه.
٧ -كل مؤونة تسليم القرض على المقترض في مكان القرض، وكل مؤونة القرض من مكان القرض إلى غيره على المقرض، وإلا وجبت له القيمة في وقت القرض. فالعبرة ببلد القرض ، لانه المكان الذي يجب التسليم فيه، فإن أراد المقرض القرض في بلد آخر فليس له إلا قيمة القرض في بلد القرض، ويتحمل مؤونة الحمل المقرض في غير بلد القرض . والله أعلم .
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي.
كلية الشريعة / جامعة أم القرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق