قواعد فقهية في باب المساقاة : -
المساقاة : دفع شجر لمن يقوم عليه بجزء مشاع من ثمره .
والمزارعة : دفع أرض لمن يزرعها بجزء مشاع من الزرع .
فالمزارعة على الزرع ، والمساقة على الشجر.
والغِراس : دفع أرض ليغرسها ، ويعمل فيها بجز مشاع من الغرس.
إذ المشاركة في الزروع والنخيل لا تخلو من أحد هذه الأنواع الثلاثة: مساقاة، ومزارعة ، ومغارسة . وهي متحدة في الأحكام ، وإن اختلفت في الصورة.
١ - المشاركة في الزروع والثمار لا بدّ أن ينتفي عنها الغرر.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن الغرر.
فإذا كان في العقد غرر ، فسد العقد ، فلو ساقاه على بستان غير معين ، ولا موصوف، أو على أحد هذين البستانين ، لم يصح ، لوجود الغرر في عقد المعاوضة، أو زراعة على بعض بساتينه ولم يحدد، وكان عدم تحديده له أثر في اختلاف العوض ، كان غرراً، أو عامله على عمل لم يحدد لفظاً ، ولا عرفاً ، كان من الغرر المنهي عنه .
٢ - كل شركة يشترك فيها الشريكان في المغنم والمغرم فهي جائزة، وكل شركة لا يشترك فيها الشريكان في المغنم والمغرم فهي محرمة.
فلو زارعه على أن لرب المال الجهة الشرقية، وللعامل الجهة الغربية من الزرع لم يصح .
لحديث حنظلة بن قيس - رضي الله عنه - قال : سألت رافع ابن خديج عن كراء الأرض بالذهب والفضة . فقال : لا بأس به . إنما كان الناس يُواجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الماذيانات - الخطوط الرئيسية للماء- ، وإقبال الجداول - الخطوط الفرعية للماء في المزارع- ، وأشياء من الزرع ، فيهلك هذا ويسلم هدا، ويسلم هذا ويهلك هذا ، ولم يكن للناس كراء إلا هذا ، ولذلك زجر عنه ، فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به. رواه مسلم ، وعلى هذا يحمل حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة ، وأمر بالمؤاجرة .رواه مسلم . فالمزارعة المنهي عنها المعهودة عندهم المبنية على الغرر والجهالة.
٣ - لا يشترط في عقود التبرعات ما يشترط في عقود المعاوضات ، فلو ساقاه على أن يعمل في شجره بدون مقابل متبرعاً ، جاز ، لأنه من بذل الخير للغير وقد قال تعالى.
( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ).
٤ - أن عقود المساقاة ، والمزارعة ، والمغارسة، من العقود الجائزة - على القول الراجح - لما في الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل - تصرف الشخص مع غيره في عمل مشترك بينهما- أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع) وفي رواية لهما : فسألوه أن يٌقرهم بها على أن يكفوه عملها ولهم نصف التمر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نُقركم بها على ذلك ما شئينا، فقروا بها، حتى أجلاهم عمر - رضي الله عنه - .
الشاهد : نُقركم بها على ذلك ما شئنا ) يحتمل : نبقيكم في أرضنا ما شئنا ، ويحتمل: نُقركم على معاملة المساقاة ما شئنا ، وإذا كان اللفظ يحتمل معنيين و لا تعارض بينهما حمل على جميع تلك المعاني ، كما هو الشأن ههنا.
٥ - أن العقود الجائزة إذا ترتب على فسخها ضرر على أحد المتعاقدين انقلبت إلى عقود لازمة ، أو يضمن الفاسخ مقدار الضرر للطرف الآخر .
لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار ) - وقد تقدم توضيح هذه القاعدة - .
٦ - الحكم التكليفي : ما ترتب عليه الثواب والعقاب.
والحكم الوضعي : ما يترتب عليه الصحة والفساد . - وقد تقدم توضيحها- .
٧ - إذا فسد العقد في المساقاة والمزارعة والمغارسة ، فلكل واحد منهما أجرة المثل أو سهم المثل حسب العرف - المتعارف عليه في هذه العقود هل هو سهم المثل أو أجرة المثل - من القيمة عند عإمة الناس، لا من الثمن الذي وقع عليه العقد .- وقد سبق بيانها -.
٨ - النهي في المعاملة إذا كان يعود لحق الله تعالى ، فإن النهي يقتضي الفساد- وقد تقدمت-.فليس كل محرم غير صحيح .
٩ - أن القول في المساقاة والمزارعة والمغارسة قول العامل ، لأن يده يد أمانة . - تقدمت-.
١٠ - كل من كان القول قوله فعليه اليمين - وقد تقدمت -.
١١ - ما يعود بصلاح النخل او الزرع على ربّ المال ، وما يعود بتصريفه على العامل ، مالم يكن هناك شرط لفظي أو عرفي، ولا عبرة بالشرط العرفي مع وجود الشرط اللفظي .
وذلك لأن هذا مقتضى العقد.
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة/ جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق