حكم القَسَم في التطبيقات:
حكم الموافقة على القسم في تحويل السعي لموقع حراج:
———-
هذه المسألة تعتمد على قاعدة، وهي: أن الإشارة والكتابة تنزل منزلة المقول في خطاب التكليف عند وجود العذر، و تنزل منزلة المقول في خطاب الوضع ولو من غير عذر -إذا كانت مفهمة-.
وقد سبق تقريرها في القواعد.
وفي مسألة: حكم إرسال الدعاء مكتوباً في مواقع التواصل الاجتماعي (لمراجعته اضغط هنا).
وفي مسألة: حكم رد السلام برسالة لمن أرسل عليك السلام برسالة أم يكفي التلفظ بالرد بدون إرسال وإبلاغ له بذلك (لمراجعته اضغط هنا).
———-
واليمين من الأحكام التكليفية (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت).
(من حلف بغير الله فقد أشرك).
وترتب الإثم على من كذب في يمينه أو حلف بغير الله تعالى.
فإذا حلف بالإشارة أو الكتابة مع العذر -لبعده، أو نحوه من الأعذار- نزل منزلة المقول.
فإن قيل: حديث: (إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم).
وهذا عمل بالكتابة، أو بضغط الزر على الموافقة بالقسم، فكأنه أقسم.
والجواب عن ذلك: أن الحديث محمول على الأحكام الوضعية مطلقاً، والتكليفية عند وجود العذر.
بدليل أن من أشار برأسه وهو يصلي بنعم أو لا، لا تبطل صلاته بالإجماع، وإلحاق الكتابة بالإشارة أولى من إلحاقها بالكلام.
والقاعدة: العام يخصص بالقياس -كما تقدم في القواعد-.
وقد أشار النبي صلى الله وسلم برد السلام وهو يصلي ولم يتكلم.
وموقع حراج ونحوه من المواقع التي تطلب القسم، العذر موجود في عدم اللفظ، لأنه لا يتابع كل أحد يعرض سلعته فيه، ليسمع منه القسم فكان عدم دخوله إلا بالقسم، فيقسم بالموافقة على القسم بضغط الزر كاف في حدوث القسم ولزومه.
وعندما لا يحق -شرعاً- للإنسان منع غيره من الدخول في مواقع معينة إلا بالقسم أو الضغط على زر القسم أو كتابة القسم، فلا يكون ذلك القسم موجباً للحنث ولا لازماً، فكل ما ينتفع به الإنسان ولا ضرر على غيره فيه، فمنعه منه لا يجوز، لحديث: (لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره) -وقد سبقت في القواعد-.
علماً: أن جمعاً من أهل العلم: لا تنعقد عندهم اليمين بالكتابة إلا بالنية، أي نية القسم أو الحلف؛ لأن الكتابة عندهم ولو كانت بالصريح تعتبر كناية، وهم الشافعية.
والجواب: أن الصريح سواء كان لفظاً أو كتابة لا يحتاج إلى نية.
ومنهم من يرى أن اليمين لا تنعقد بالكتابة مطلقاً، وهم الحنابلة.
جاء في أسنى المطالب: الْيَمِينَ بِاَللَّهِ إنَّمَا تَكُونُ بِاسْمِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ. اهـ.
وفي قواعد ابن رجب: الْيَمِينَ بِاَللَّهِ لَا تَصِحُّ بِالْكِتَابَةِ. اهـ.
والجواب: أن الكتابة عمل.
والعمل يؤاخذ به الإنسان (ما لم تعمل أو تتكلم) ولهذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم في رد السلام عند وجود العذر وهو كونه في صلاة.
وإنما قيدنا العمل بوجود العذر في الاحكام التكليفية قياساً على الإشارة، والعام يخصص بالقياس.
والله أعلم.
كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق