—————-
فمثلاً، إذا قالت المرأة لزوجها طلقني، فقال لها : اذهبي لأهلك ، ولم يرد به الطلاق، هل يقع طلاقاً، مع وجود قرينة إرادة الطلاق، لكونه جواباً لسؤالها الطلاق ، أم لا يعتبر طلاقاً، لأنه من الفاظ الكناية التي لا تقع إلا بنية ، أو قرينة تدل على نيته الطلاق عند عدم تصريحه بعدم إرادة الطلاق بهذا اللفظ .
الجمهور ذهبوا إلى عدم وقوع الطلاق والحالة تلك أي عند تعارض القرينة الدالة على إرادته الطلاق، مع تصريحه بعدم إرادة الطلاق بهذا اللفظ المحتمل للطلاق وغيره.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات) وهذا كلامه غير صريح في الطلاق، إذ الصريح : هو اللفظ الذي يدل على المراد بلا قرينة ولا نية .
وأما الكناية : فهي اللفظ الذي لا يدل على المراد إلا بقرينة أو نية.
والكناية في الطلاق لا تقع إلا مع وجود النية في اللفظ المحتمل للطلاق وغيره.
والقرينة من دلالة الحال ونحوه إنما تدل على النية، ولا عبرة بالدلالة في مقابلة النص - كما سبق في القواعد -، وليس المراد سقوط النية، فدل على أن المعتبر في دلالات الكنايات هي النية، والقرائن تدل على النية لا على سقوطها .
وهذا هو الأقرب، لما سبق خلافاً للمذهب عند الحنابلة الذين يستثنون من النية في الفاظ الكناية في الطلاق : حال الخصومة أو حال الغضب، أو حال جواب سؤالها، فيقع الطلاق في هذه الأحوال بالكناية ولو لم ينوه ، للقرينة الدالة على مراده الطلاق .
والجواب عنه : أن هذه الدلالة عارضت الصريح من لفظه عدم إرادته بهذا اللفظ الطلاق ، فلا يقع، والقاعدة : لا عبرة بالدلالة في مقابلة الصريح .
ولأن القرينة تدل على النية ، فإذا صرح بعدم نيته، فلا عبرة بالدلة لكونها أضعف من الصريح، ولأن الأصل عدم وجود الطلاق بالكناية إلا إذا نواه عند التلفظ به لا بعد وجود اللفظ.
وبناء على ذلك : العبرة في الكناية بالنية، لأن الطلاق لا يقع إلا بها، وإنما اعتبرت القرينة لدلالتها على نيته قبل أن نعلم صريح نيته من لفظه، ولو كان ذلك في مجلس القضاء ، فيقبل قول الزوج عن نيته في لفظه المحتمل في كناية الطلاق ديانة وحكماً. والله تعالى أعلم .
كتبه : د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة، من البلد الحرام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق