قاعدة : فرق بين أجزاء العلة ، والعلل مجتمعة . فالأصل أن الحكم إذا علق على أوصاف متعددة مناسبة لتعليق الحكم عليها ، لا يجوز تعليق الحكم على بعض تلك الأوصاف دون بعض بلا دليل . ويعبر عن ذلك بأسلوب آخر وهو أن الشارع إذا علق الحكم على وصفين لا يجوز تعليقه على أحدهما دون الآخر ، وإذا علقة على ثلاثة أوصاف لا يجوز تعليقه على اثنين ، وهكذا. وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم ( تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقوأها أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) يستدل به الحنابلة على أن آخر وقت العصر الاختياري ينتهي بصفرار الشمس ، ويجاب عنه بالقاعدة السابقة : أن الحكم علق على أشياء متعددة فلا يصح تعليقه على بعضها دون بعض ، فيكون الراجح القول الآخر : وهو أن وقت الفضيلة ينتهي إلى إصفرار الشمس ، لحديث عبدالله بن عمرو مرفوعاً ( ووقت العصر مالم تصفر الشمس ) ويستمر وقت الجواز إلى غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم ( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ). هذا مالم يقم الدليل على أن كل وصف إذا انفرد صالح أن يكون علة مستقلة لثبوت الحكم ، كوجوب الوضوء على من بال ، ونام نوماً عميقاً، وأكل لحم الإبل ، فإن كل وصف إذا انفرد استقل بوجوب الوضوء ، وإن وجدنا الشارع لا يرتب الحكم مع كل واحد من هذه الأوصاف بمفرده قلنا : هي علة واحدة مركبة من تلك الأوصاف.
كتبه / محمد بن سعد بن الهليل العصيمي / عضو هيئة التدريس / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة / في ١٤٣٦/٨/٢٥هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق