قال الله تعالى ( ًولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أباالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزءون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ). ففي هذه الآية دليل على كفر من استهزأ بدين الله أو بالملتزمين بدين الله من أجل إلتزامهم بدين الله وأن من فعل ذلك يكفر بفعله وبعينه ،، وتجريد فعل الكفر عن المعين مطلقاً جعل للشريعة خيالاً لا واقع له ، يسلكه بعض المنحرفين في كل قضية للتلبيس على المسلمين في أمر دينهم كما فعله أهل الكتاب من قبل قال تعالى ( يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ) ، ولذلك لما نزلت الآية الأولى ، كفر النبي صلى الله عليه وسلم من نزلت فيهم ولم يقل هذا فعل كفر ولا نكفر فاعله مطلقاً - كما يتشدق به من يشكك المسلمين في عقائدهم حتى وصل بهم أن من فعل الكفر لا يكفر ولو أقيمت عليه الحجة وانتفت عنه الموانع بل هو عنده في دائرة الشك ، ومن كانت هذه حالته فهو في شك في حكم من أحكام الدين ، ومن شروط كلمة لا إله إلا الله : اليقين والقبول والانقياد ، فكل ما تقتضيه هذه الكلمة يجب أن نتقبلها بيقين وقبول وانقياد، وعقيدة أهل السنة والجماعة : من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم فهو مثلهم لأنه مكذب للقران والسنة . وقد ذكر ذلك الإمام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الإسلام ، فإن قيل : الشيء لا يتم إلا بوجود شروطه وإنتفاء موانعه ، قلنا : نعم صحيح هذا لا يعارض قاعدة : العمل بالظاهر حتى يقوم دليل على خلافه ، فمن رأيناه يسجد لصنم يكفر بظاهر فعله مالم يكن هناك قرائن تدل على وجود مانع أو فقدان شرط كأن يكون حديث عهد بإسلام . ولهذا لما استراب النبي صلى الله عليه وسلم في أمر ماعز لم يقم عليه الحد حتى تثبت من أمره ، وقال له ( أبك جنون) وسأل عنه ، لوجود قرائن الاسترابة ، أما غيره فلم يفعل معه كما فعل مع ماعز ( وأغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فأرجمها ) . وأمر برجم اليهودي واليهودية لما زنيا ولم يسألهما عن علمها بالتحريم أو وجود مانع ،. وعذر حديثوا العهد بالإسلام لما قالوا : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط لأن ظاهر حالهم الجهل بالحكم الشرعي لكونهم قريبي عهد بدخول الإسلام . والاستدلال بالعلامة والحكم بما دلت عليه مقرر في الشرع والعقل ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير إذا طلع الفجر فإن سمع أذاناً أمسك وإلا أغار . وهذا عمل بظاهر وقرائن الأحوال ، والعمل بالظاهر كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله مع المنافقين وبكل سرائرهم إلى الله تعالى . فمن عمل الكفر وقامت القرائن على وجود مانع أو فقدان شرط لا يكفر حتى تقام عليه الحجة وينتقي عنه المانع الشرعي ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) فعملنا فيه الحكم بظاهر حاله ، ومن لم يحتف له في عمله الكفري قرائن تدل على عذره عملنا فيه بظاهر حاله ، وخرج بفعله الكفري من الإسلام ، فلا تعارض بين التحقق من وجود الشروط وإنتفاء الموانع والعمل بالظاهر ، حيث لا نحتاج إلى التحقق إلا من قامت به قرائن الأحوال الدالة على عذره ، والله تعالى أعلم .
كتبه //أبو نجم - محمد بن سعد هليل العصيمي 0 حفظه الله 0
ورع مقيت ...
السؤال: من المعلوم أن الاستهزاء بالدين أحد نواقض الإسلام، وكفر مخرج من الملة، ولكن هل يقال بأن هذا المستهزئ -بعد إقامة الحجة عليه وإصراره على ذلك- كافر؟ أي هل يكفر بعينه؟ أفيدونا مأجورين.
الإجابة: الحمد لله، من استهزأ بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن ومن السنة الصحيحة أو شرائع الإسلام، كالصلاة والصيام والحج فإنه يكفر بذلك بعينه، ومثل هذا لا يجهل تحريمه وقبحه من كان عائشاً بين المسلمين، فإن الله تعالى قال في المنافقين الذين سخروا من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم فأنزل الله فيهم: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} [التوبة: 65-66]، فحكم عليهم سبحانه وتعالى بالكفر بأعيانهم، فمن استهزأ بالله أو بالرسول صلى الله عليه وسلم أو بالقرآن أو بشرائع الإسلام عالماً عامداً مختاراً فإنه كافر بعينه، فنقول هو كافر، يعني أنه يصير مرتداً عن الإسلام، تجب استتابته، فإن تاب وإلا قتل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" (رواه البخاري: 3017 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما)، نعوذ بالله من زيغ القلوب، والله أعلم.
الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر البراك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق