قاعدة : فرق بين الرواية والشهادة . الرواية : أخبار عن عام لا يختص بمعين ، ولا ترافع فيه ممكن عند الحكام . كقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ) لا يختص بشخص معين ، بل ذلك على جميع الخلق في جميع الأعصار والأمصار . والشهادة : إخبار مختص بمعين ، يمكن الترافع فيه عند الحكام . كقول العدل عند الحاكم : لهذا عند هذا دينار ، فهو إلزام لمعين لا يتعداه إلى غيره . قال الزركشي في البحر المحيط - ٤٧٨/٣- ( وحاصل الفرق : أن الرواية والشهادة خبران ، غير أن الخبر: إن كان عن حكم عام تعلق بالأمة ولا يتعلق بمعين مستنده السماع فهو الرواية . وإن كان خبراً جزئياً يتعلق بمعين مستنده المشاهدة أو العلم فهو الشهادة ) . فالرواية لا تتعلق بمعين فتنتفي فيه التهمة فلا يشترط فيه العدد وانتفاء القرابة ونحو ذلك ، خلافاً للشهادة . قال القرافي : ( الخبر ثلاثة أقسام : رواية محضة كالأحاديث النبوية ، وشهادة محضة كإخبار الشهود عن الحقوق على المعينين عند الحاكم ، ومركب من الشهادة والرواية ، وله صور : أحدها : الإخبار عن رؤية هلال رمضان ،،،وثانيها : القائف في إثبات الأنساب بالخلق...وثالثها : المترجم للفتاوى والخطوط ... ورابعها : المقوّم للسلع وأروش الجنايات والسرقات والغصوب وغيرها ...). قال صلى الله عليه وسلم ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟) ثلاثاً، قالوا : بلى يارسول الله قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ) ، وكان متكئاً فجلس فقال ( ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور) فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت ) . - شفقة عليه صلوات ربي وسلامه عليه -. والزور : هو الميل ، وقول الزور : كل قول مائل عن الحق ، وهو الكذب. وعمل الزور : أن يتشبع بما لم يعطى . قال صلى الله عليه وسلم ( من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ) . فدل على أن قول الزور غير عمل الزور؛ لأن الأصل في الواو أنها للمغايرة . يدل على ذلك أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت : إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) فينبغي للمسلم أن يجعل مخبره كمظهره ، فلا يظهر نفسه من أهل الغنى والثراء وهو ليس من أهله ، ولا تضع المرأة حشواً من ليف أو نحوه وسط شعر رأسها لتظهر كثرته وهو ليس كذلك . فقول الزور أعم وشهادة الزور أخص ، إذ أن قول الزور يشمل الشهادة وغير الشهادة ، وعلى هذا فالذي يكتب التقارير الطبية والمدرسية والمبايعات وغيرها كذباً هذا من قول الزور ، وتقارير حضور كامل أيام الأنتداب كذباً من قول الزور ، واتهام الآخرين للإضرار بهم كذباً والدعاوى الكيدية كذباً من قول الزور ، وكتابة تاريخ الدخول والخروج كذباً منه ، ولهذا كرر صلى الله عليه وسلم ( قول الزور ) لكثرة الدوافع عليه كالعداوة والحسد وغيرهما فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيميه . يستثنى من ذلك ما ورد الترخيص فيه شرعاً كالحرب وإصلاح ذات البين وكذب الزوج على زوجته ، وما إذا كان المقصود شرعياً لا يمكن التوصل له إلا بذلك كمسألة الظفر بالحق ، أو التخلص من ظلم ، فكل مقصود صحيح لا يمكن التوصل له إلا بالأخبار بخلاف الواقع لغة كان جائزاً، فهو وإن كان كذباً لغة فإنه لا يسمى كذباً شرعاً ، - وقد حررناه في قاعدة مستقلة بالأدلة -
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة / ١٤٣٦/٩/٢٠هـ
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة / ١٤٣٦/٩/٢٠هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق