قواعد في باب الربا والصرف : -(القسم الثاني)
١ - كل ما لا يكال ولا يوزن في عهد النبوة ، لا يجري فيه الربا .
ولو جرى فيه الكيل أو الوزن بعد ذلك ،
لأن ما توفر سببه في عهد النبوة ، ولم ينهى عن جريان الربا فيه ، دليل على مشروعيته، لأن الأصل هو الحل ، فكيف بما توفر سببه ولم يحرم، وفي صحيح مسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أعظم المسلمين جرماً يوم القيامة من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته).
وذلك كالبرتقال والتفاح والبطيخ ، أما مالا يعرف في عهد النبوة ، فالعبرة بالعرف في كيله أو وزنه، لأن مالم يحدد في الشرع، فالمرجع في تحديده إلى العرف العرف ، فإذا وجدت علة الربا جرى فيه الربا.
٢ - الجهل بالتساوي فيما يشترط فيه التساوي كالعلم بالتفاضل .
لقوله صلى الله عليه وسلم ، ( إلا مثلاً بمثل ) والمثلية لا تتحقق إلا بالعلم بها.
وعلى هذا لا يجوز بيع صبرة شعير بصبرة شعير ، وهكذا .
٣ - المماثلة لا تتحقق إلا بالمعيار الشرعي، وهو بيع المكيل بالمكيل ، والموزون بالموزون . فلو باع كيلوجرام بر ، بكيلوجرام بر لم يجز ، لأنه باع المكيل بالوزن فلم تتحقق المماثلة .
إذ إن المعتبر في المكيل بالحجم، وفي الوزن بالثقل ، فإذا استويا في الكيل والوزن ، جاز ، لتحقق المماثلة الشرعية .
٤ - كل جنس : نوع لما فوقه غالباً ، جنس لما تحته.
فالبر جنس ، وهو نوع لما فوقه وهي الحبوب ،
وجنس لما تحته ، وهو البر الحجازي، والبر القصيمي، وهكذا .
وكذا التمر جنس ، وهو نوع لما فوقه وهي الثمار، وجنس لما تحته ، ( تمر سكري، واخلاص، وبرحي ...) وهكذا . ولكن العبرة بالدلالة الشرعية على تسميته جنساً. ( التمر بالتمر ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير، والملح يداً بيد ، سواء بسواء، فإذا اختلفت هذه الأجناس ، فبيعوا كيف شيئتم إذا كان يداً بيد)
فسمى الشارع هذه الأصناف الأربعة أجناساً.
والدلالة الشرعية مقدمة على الدلالة اللغوية .
٥ - الفرع له حكم الأصل .
أو : كل شيء مع أصله وما ينشق عنه ، جنس واحد ، وإن اختلفا في الاسم .
ففروع الأجناس ، كالأدقة - جمع دقيق- ، والأخباز، والأدهان ، أجناس، فدقيق الشعير جنس، وخبزه جنس، ودهن البقر جنس ، ودهن الغنم جنس، وهكذا .
٦ - كل ما ينقص إذا يبس لا يباع بجنسه إلا إذا استويا فيما ينقصان فيه .
لما رواه أبو داود وغيره عن سعد بن أبي وقاص : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر، قال ( أينقص الرطب إذا يبس؟) قالوا : نعم ، فنهى عن ذلك ).
وذلك كبيع دقيق الربوي بدقيقه إذا استويا في النعومة، لأنهما تساويا حال العقد ، على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقصان . ويجوز بيع الرطب بالرطب بشرط أن يتساويا في الرطوبة .
٧ - كل ما كان مع الشيء في أصل الخلقة فهو من جنسه ، كالتمر وبه النوى .
ففي حديث عبادة بن الصامت ( والتمر بالتمر ...). ولم يفرق بين تمر فيه نوى ، وتمر لا نوى فيه ، فما كان معه بأصل الخلقة ، فهو من جنسه . وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزّل منزلة العموم من المقال، كما أن النوى منه ما حجمه كبير ، وآخر صغير . ومنه ما له نوى ، ومنه ما لا نوى فيه . ومنه ما نوزع منه النوى ، ومنه مالم ينزع منه.
٨ - هل يقاس على الرخص ؟.
من أهل العلم من منع ، لأن الرخصة استثناء وغيرها يبقى على الأصل ، والراجح: أن الرخص يقاس عليها لأن الشريعة لا تفرق بين متماثلين ، ولا تجمع بين مختلفين .وعلى هذا فيقاس على العرايا بيع الزبيب بالكرم بشروط العرايا .
٩ - كل ربوي لا يباع بجنسه ، ومع أحد العوضين - أو معهما - من غير جنسهما.
لما روى أبو داود عن فضالة بن عبيد ، قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقلادة فيها ذهب وخرز، ابتاعها رجل بتسعة دنانير ، أو سبعة دنانير ، فقال صلى الله عليه وسلم ( لا ، حتى تميز بينهما ).
فلا يباع صاع من التمر ودرهم : بدرهمين، أو بصاعين من التمر،، أو بصاع ودرهم .
ولكن إذا كان معهما أو أحدهما ، ما يساوي مازاد عن المقاصة جاز، ومنهم من منع مطلقاً لظاهر لفظ الحديث، فمثلاً : مدان من التمر، بمدٍ واحد من التمر ودرهم ، من العلماء من قال : بالجواز بشرط أن يكون ما بقي من التمر يساوي درهم- في السوق-بلا زيادة ولا نقصان ، ومنهم من منع ، والأول أرجح ، لأن هذا يرجع إلى قاعدة : إذا تعارض اللفظ والظاهر أيهما يقدم :
يُقدم المعنى إذا ظهر ، وإن لم يظهر فإتباع اللفظ أولى .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة/ جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق