إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأحد، 17 أبريل 2016

القواعد والضوابط في باب الصلح // لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


القواعد والضوابط في باب الصلح : -
الصلح لغة : التوفيق، وقطع المنازعة .
واصطلاحاً : معاقدة يتوصل بها إلى إصلاح بين متخاصمين بالتراضي، شريطة أن لا تحتوي على محذور شرعي .

١ - كل لفظ مطابق لما استعمل فيه شرعاً، فهو صدق . - وإن لم يطابق الواقع -.
٢ - كل لفظ غير مطابق لما استعمل فيه شرعاً، فهو الكذب.
ولهذا ذكر الغزالي والنووي ، قاعدة : كل مقصود صحيح لا يمكن التوصل له إلا بالكذب - الإخبار بخلاف الواقع لغة - ، كان الكذب فيه جائزاً ، أو واجباً.
كمن أدرك معصوماً ليقتله فأختبأ في المحراب، يجب أن يكذب عليه أنه خارج المحراب ، حتى لا يقتل النفس المعصومة .
لقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً).
- وقد سبق تقرير هذه القاعدة - .

٢ - الظلم يوجب التحريم على الظالم لا على المظلوم .
فلو قال : أقر لك بحقك بشرط أن تتنازل عن بعضه ، كان جائزاً في حق المظلوم ، حراماً على الظالم .
- وقد سبق تقريرها -.

٣ - يُغتفر في القضاء من المعاوضة مالا يُغتفر ابتداء .
فإن صالح عن دينه المؤجل ببعضه حالاً، صح 
لحديث جابر بن عبدالله قال : توفي ابي وعليه دين ، فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التمر بما عليه ، فأبوا ولم يروا فيه وفاء ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له ، ......الحديث . وقد تقدم .
فقد كلم النبي صلى الله عليه وسلم غرماء جابر ليضعوا عنه، ولو كان حراماً ما كلامهم في ذلك . 
وكذا حديث : مرور النبي صلى الله عليه وسلم بالذي أصيب في حديقته ، فأشار إلى غرمائه بالنصف.
والمذهب عند الحنابلة : لا يصح في غير الكتابة - أن يشتري العبد نفسه من سيده - لأنه يبذل القدر الذي يحطه ، عوضاً عن تعجيل ما في ذمته، فأشبه ما لو أعطاه عشرة حالة بعشرين مؤجلة .
والجواب : أن هذ عكس الربا، فلا يقاس عليه، وهو فاسد الاعتبار ، لمصادمته للنص .

وكذا يصح الصلح بمجهول عن معلوم ، للقاعدة السابقة، ولما روى أبو داود وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجلين اختصما في مواريث درست بينهما ( استهما وتوخيا الحق ، وليحلل أحدكما صاحبه)
٤ - كل عين أو منفعة لا قيمة لها عادة ، لا يصح بيعها أو تأجيرها. ذكره شيخ الإسلام اتفاقاً.
وكذا لا يصح الصلح عليها بعوض ، لأنه بمعنى البيع أو الإجارة .
كاستناد إلى جداره، أو استظلال به ، أو نظر في ضوء سراجه، أو نحو ذلك .
وهو داخل في قاعدة سابقة في الفرق بين المنفعة والانتفاع ، فكل انتفاع لا يجوز أخذ العوض عليه ، وقاعدة : كل ما فيه نفع لأخيك ، ولا ضرر عليك فيه ، لا يجوز لك منعه منه.
لحديث ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ). - وقد سبقت - .

٥ - كل من يغلب على نفسه صدق نفسه، فهو صادق.
فمن ادّعي عليه بعين أو دين ، فأنكر، وهو يغلب على ظنه صدق نفسه ، وصالح على مال ، فهو جائز ، لأنه دفع المال افتداء ليمينه ، وإزالة للضرر عنه .
وهو للمدعي كذلك إذا غلب على ظنه صدق نفسه أيضاً، لأنه يعتقده عوضاً عن ماله ، فلزمه حكم اعتقاده، فإن كان أحدهما كاذباً، صح في الظاهر - في أحكام الدنيا- لا في الباطل - فيما بينه وبين الله -لقوله صلى الله عليه وسلم ( إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن اقتطعت له من حق أخيه شيئاً، فإنما أقتطع له قطعة من النار ..).

٦ - كل من يعتقد حلّ شيء بتأويل سائغ ، فلا إنكار عليه . - وقد سبقت. - .
٧ - أن المال في المعاوضات لا يحل إلا مقابل مال لا ربا فيه ، أو عمل مباح ، أو ضمان لا يؤول إلى ربا ، أو دفعاً للضرر، أو أخذاً بمقدار الضرر ، وما لا فلا .
مثال مال بمال لا ربا فيه ، كمن دفع مالاً ليتجر له به آخر بنصيب مشاع من الربح. - المضاربة -.
ومثال مال بضمان لا يؤول إلى ربا : كخطاب الضمان البنكي ، إذا كان له رصيد في البنك يغطي الدين الذي يريد أن يأخذ عليه خطاباً بنكياً للشركة التي يريد الاستيراد منها ، فيدفع للبنك مبلغاً أو عوضاً لمجرد الضمان ، فلا بأس على القول الراجح - مع أن الجمهور على عدم جواز أخذ العوض على الضمان ، وحكي الإجماع ، ولا يصح - كما تقدم . وأما إذا لم يكن للعميل مبلغاً يغطي خطاب الضمان البنكي كان حراماً، لأنه يؤول إلى الربا .
ومثال دفع الضرر : كمن دفع عوضاً مالياً ليترك المدعي دعواه التي يرى أنها كذب عليه ، ليقي عرضه ، قال صلى الله عليه وسلم ( ما وقى به المسلم عرضه فهو له صدقة ).

٨ - كل من فات له غرض صحيح ، أو ترتب عليه ضرر، فإذنه معتبر ، وما لا فلا .
فإذا ادّعى زيد على عمرو ألف ريال ، فقال رجل أجنبي ، أدفع لك يازيد خمسمئة ريال وأبريء عمرواً ، فاتفقوا على ذلك بريء عمرو حتى وإن لم يأذن ، مالم يفت لعمرو غرض صحيح ، أو يترتب عليه ضرر والحالة تلك .
٩ - كل انتفاع لا يجوز أخذ العوض عليه ، وكل منفعة يجوز أخذ العوض عليها .
فلا يجوز أن يصالحه بعوض على ترك حق الشفعة .
- وقد سبقت في الفرق بين المنفعة والانتفاع - .

١٠ - الهواء تابع للقرار ، فإذا ملك الأرض وما فوقها ، ملك الأرض وما تحتها ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( من اقتطع شبراً من الأرض ، طوقه من سبع أراضين يوم القيامة ).
وهذه القاعدة تقيد بقاعدة أخرى ، وهي :
كل ما فيه نفع لأخيك ، ولا ضرر عليك فيه ، فلا يجوز منعك له.
لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ).
وعلى هذا لا يستحق العوض من حفر تحت بيته طريقاً لقطار ، أو نفقاً ، أو مرت الطائرات فوق بيته إلا إذا تضرر ، يأخذ عوضاًبمقدار الضرر وكذا غصن شجر جاره ، وعِرق الشجر ، إذا انتفع جاره ولا مضرة عليه ، لا يحل له منعه ، وإذا تضرر، أزال الضرر، وله من العوض بمقدار الضرر.
وكذا لا يجوز إخراج بروز في الطريق، أو دكة ، ونحو ذلك إذا كان يضر بالمارة ،.وأما ما ينتفع به ، ولا ضرر على الغير فيه ، فلا بأس .
١١ -إذا تعارضت منفعة المالك مع منفعة الجار ، قدّمت منفعة المالك .
لقوله صلى الله عليه وسلم ( أبدأ بنفسك ثم بمن تعول ). فإذا أراد المالك للأرض الانتفاع من أرضه بالبناء، وكان الجار قد اتخذها موقفاً لسياراته ، أجبر الجار على الإخلاء.
١٢ - إذا كان الضر الواقع عليك عند منعك في فعل معين - المالك -أعظم من الضرر الصادر منك - للغير كالجار، فأنت معذور وإلا فلا .
وذلك كأن يحدث في ملكه ما يضر بجاره ، كمحلات يزدحم عليها الناس بسياراتهم ، ومحلات المطاعم وما يكون بسببها من تسربات مياه، ووجود روائح ، وكونه تنوراً، ونحو ذلك ، لأن الضرر الأدنى يتحمل من أجل دفع الأعلى ، فيقدر ضرر منع المالك من استخدام ما يضر بجاره، والضرر الذي يلحق الجار ، وأيهما كان أكثر كان المنع في حقه هو المتعين ، فيدفع الأعلى بارتكاب الأدنى. والله تعالى أعلم .

كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت