حكم الأذان والإقامة // لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله

العصيمي / الأذان والإقامة فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين .

حكم الأذان والإقامة : -

اختلف العلماء في ذلك على أقوال أشهرها ثلاثة : 

القول الأول : الأذان والإقامة مستحبة وليست بواجبة.وهو قول الجمهور .

١ - للأدلة الدالة على فضل الأذان والإقامة .

منها : ( لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لأستهموا عليه ).

ومنها : ( أطول الناس أعناقاً يوم القيامة المؤذنؤن ).

ومنها ( يعجب ربك من راعي غنم على رأس الشظية من الجبل يؤذن للصلاة ويصلي فيقول الله : ( أنظروا إلى عبدي يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني ، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة )

والجواب عن ذلك : أن ورود الفضل للشيء لا يدل على عدم وجوبه.ففي الحديث القدسي : ( وما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه ).

٢ - حديث المسيء في صلاته ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ....).

ولم يذكر له الأذان والإقامة فدلّ على عدم وجوبهما ، لأن تأخير البيان على وقت الحاجة لا يجوز.

والجواب عنه : أن المسيء في صلاته إذا كانت صلاته فرضاً فقد صلى في مسجدأو مكان قد أذن فيه وأقيم فلا يكون الأذان والإقامة حينئذ واجبة، وإن كانت صلاة الأعرابي نافلة فلا أذان لها ولا إقامة.

٣ - حديث ابن عمر عند مسلم في صحيحه : جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بإقامة واحدة، وزاد أبو داود( لكل صلاة) وفي رواية أخرى لأبي داود ( ولم يناد في واحدة منهما ). فظاهره أنه لم يؤذن لهما، مما يدل على أنه غير واجب، وإذا ثبت هذا في الأذان ، ثبت في الإقامة بجامع أن كلاً منهما يسمّى أذاناً في الشرع.

والجواب عن ذلك : أن رواية مسلم من حديث ابن عمر : ليس فيها عدم الأذان ، لأن عدم النقل، ليس نقلاً للعدم، وقد أثبت الأذان لهما غيره من الصحابة مرفوعاً ، والمثبت مقدم على النافي، والقصة واحدة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة.

وأما الرويات الأخرى من حديث ابن عمر فضعيفة مضطربة : فروي عن ابن عمر مسنداً إلى النبي صلى الله عليه وسلم : الجمع بينهما دون ذكر أذان ولا إقامة ، وروي عنه الجمع بينهما بإقامة واحدة، وروي عنه الجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة،وروي عنه : الجمع بينهما بإقامتين ،،وروي عنه كل ذلك من فعله كذلك. وهذه روايات صحيحة عنه، فيسقط الأخذ بها، لاختلافها واضطرابها.

- وفي حديث جابر في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة بأذان واحد وإقامتين .وهو نظير ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بنمرة في جمعه بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين فيترجح على ما خالفه من الروايات، إذ أن القصة واحدة - .

القول الثاني : أن الأذان مستحب، والإقامة واجبة ، وبه قال بعض المالكية.

لرواية في حديث المسيء في صلاته ( استقبل القبلة وأقم ...)

والجواب : أن هذه الزيادة ضعيفة ، والضعيف لا يحتج به في الأحكام الشرعية، لأن في الصحيح غنية عن الضعيف.

القول الثالث: أن الأذان والإقامة فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الأثم عن الباقين.

وبه قال الحنابلة. وذلك : -

١ - حديث مالك بن حويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم).

٢ - ما روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يغير إذا طلع الفجر ، فإن سمع أذاناً كفّ ، وإلا أغار).

فعلامة عدم الإسلام ترك الأذان مما. يدل على وجوبه ، والقاعدة : الاستدلال بالعلامة والحكم بما دلت عليه مقرر في الشرع والعقل - كما دلّ عليه الحديث السابق -.

٢ - لما رواه أحمد وحسنه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ). فهذه عقوبة لا تكون إلا فعل محرم، أو ترك واجب.

وبعد هذا العرض يتبين رجحان القول بأن الأذان والإقامة فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وهو المذهب عند الحنابلة، والله تعالى أعلم .

كتبه/ محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .