إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الخميس، 1 يونيو 2017

حكم دراسة القوانين الوضعية//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم دراسة القوانين الوضعية :
لا شك أن الذين يدرسون في الكليات التي تدرس القوانين الوضعية يتعرضون لفتنة عظيمة تتعلق بمسائل العقيدة ، والإيمان والكفر والحكم الشرعي والغير شرعي، مما يتسبب في إنزلاق كثير منهم في الهاوية بسبب الشبهات وضعف الوازع العلمي والديني، ووجود شياطين الإنس والجن الذين يلبسون الحق بالباطل ، ويكتمون الحق وهم يعلمون ، قال تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، ولو شآء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ). فهم يزينون لهم الباطل ويحسنونه لهم ليغتر به سامعه، وكل ذلك من باب الفتنة .
فلا ينبغي دراسة القوانين الوضعية والنظر فيها إلا من عالم يرد عليها ويسقطها من نظر الناس فقد روى أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتاه عمر فقال إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولو كان موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي ). . - حسنه الألباني -.
قال ابن القيم :  فكيف من يقرأ مايناقض الكتاب والسنة والعياذ بالله ثم أن من يدرسها يحضر عند من يقررها بلا نكير ولا رد علمي شرعي صحيح وقد يفتن بها ويسول له الشيطان أنها أخف من الشرع وأحسن منه فتبلد نكيره ربما عليها ويرضى بها أو يتأول في تقريرها بتأويلات فاسدة وشبه قاتلة والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .0
فالقانون إذا كان نظاماً أو مادة لا تخالف الشريعة ، فهو داخل في الشريعة، وإذا كان  مادة أو حكماً تخالف الشريعة فهو المراد بالقانون ههنا .
 @ ودراسة القوانين الوضعية لها احوال :

الحالة الأولى : دراستها بقصد العمل بها وتطبيقها فهذا لا شك في حرمتها، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
فالذي يحكم ويلزم بغير شرع الله تعالى فهذا أقل أحواله التحريم وقد يصل الى الكفر عياذاً بالله من ذلك فمن وضع حكماً ثابتاً غير الشرع كفربالله تعالى ، كمن قال :
 كل من فعل كذا فحكمه كذا - حكماً غير شرعي- لقوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)
فقد نزلت في اليهود الذين بدلوا حكم الله في المحصن إذا زنى ، وسبب النص قطعي  الدخول في دلالة النص .
وقد أجمع العلماء على من حكم بغير شريعة الله يظن أن غير شرع الله أفضل من شرع الله أو يجوز العمل به كما يجوز العمل بشرع الله أو مساو لشرع الله فهو كافر كفراً أكبر. وأما من حكم بغير شرع الله لا حكماً ثابتاً وإنما من أجل مصلحته أو هواه في قضية معينة كالقاضي الذي يحكم بغير الشرع في قضية معينة لاحكماً ثابتاً عاماً، وذلك من أجل رشوة أو حبه لظلم شخص معين فهذا لا يخرجه من دائرة الإسلام وإنما هو كفر أصغر وهذا هو الذي قال فيه ابن عباس ( كفر دون كفر ).

@ الحالة الثانية : إذا تعلق بها غرض صحيح كقصد التعرف عليها أو للاستفاد منها فيما لا يخالف الشريعة أو نحو ذلك من المقاصد الجائزة ، فلا مانع شريطة أن يكون لديه قوة فكرية وعلمية يميز بها الحق من الباطل، وكان لديه حصانة إسلامية يأمن معها من الانحراف عن الحق ومن الافتتان بالباطل، وقصد بتلك الدراسة المقارنة بين أحكام الإِسلام وأحكام القوانين الوضعية وبيان ميزة أحكام الإِسلام عليها وبيان شمولها لكل ما يحتاجه الناس في صلاح دينهم ودنياهم وكفايتها في ذلك؛ إحقاقًا للحق وإبطالاً للباطل، والرد على من استهوته القوانين الوضعية فزعم صلاحيتها وشمولها وكفايتها - إن كان كذلك فدراسته إياها جائزة، لحديث حذيفة : كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ).، وإلاَّ فلا يجوز له دراستها، وعليه أن يستغني بدراسة الأحكام الإِسلامية في كتاب الله تعالى والثابت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما درج عليه أئمة علماء الإِسلام وطريقة سلف الأمة في دراستها والاستنباط منها.
فمن درسها أو تولى تدريسها ليعرف حقيقتها ، أو ليعرف فضل أحكام الشريعة عليها ، أو ليستفيد منها فيما لا يخالف الشرع المطهر ، أو ليفيد غيره في ذلك ، فهذا لا حرج عليه ، بل قد يكون مأجورا ومشكورًا إذا أراد بيان عيوبها وإظهار فضل أحكام الشريعة عليها ، وأصحاب هذا القسم حكمهم حكم من درس أحكام الربا وأنواع الخمر وأنواع القمار ونحوها كالعقائد الفاسدة ، أو تولى تدريسها ليعرفها ويعرف حكم الله فيها ويفيد غيره ، مع إيمانه بتحريمها ، وليس حكمه حكم من تعلم السحر أو علمه غيره .
لأن السحر محرم لذاته - لا لكونه وسيلة إلى غيره -  لما فيه من الشرك وعبادة الجن من دون الله فالذي يتعلمه أو يعلمه غيره لا يتوصل إليه إلا بذلك أي بالشرك بخلاف من يتعلم القوانين ويعلمها غيره لا للحكم بها ولا باعتقاد حلها ولكن لغرض مباح أو شرعي كما تقدم .


@ الحالة الثالثة : 
 من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها مستحلا للحكم بها سواء اعتقد أن الشريعة أفضل أم لم يعتقد ذلك فهذا القسم كافر بإجماع المسلمين كفرا أكبر . لأنه باستحلاله الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشريعة الله يكون مستحلا لما علم من الدين بالضرورة أنه محرم فيكون في حكم من استحل الزنا والخمر ونحوهما ، ولأنه بهذا الاستحلال يكون قد كذب الله ورسوله وعاند الكتاب والسنة ، وقد أجمع علماء الإسلام على كفر من استحل ما حرمه الله أو حرم ما أحله الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة .
فكل من استحل ما حرم الله عليه بعد قيام الحجة عليه ، بلا تأويل سائغ خرج من الإسلام .

محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت