حكم الخلع بدون عوض :
يصح الخلع من غير عوض على الأصح من قولي أهل العلم في هذه المسألة :
١ - لأن حقوق الآدميين تسقط بإسقاطهم لها، والعوض حق للزوج إذا أسقطه سقط.
٢ - أن الخلع بلا عوض ، فيه معنى العوض ، لأن الزوج أسقط حق الرجعة ، والزوجة أسقطت مقابل ذلك نفقتها في العدة، فكانت معاوضة من الجانبين، والقاعدة : المنصوص عليه وما في معناه حكمهما واحد .
٣ - أن في استجابة الزوج لرغبة الزوجة في الفراق بلا عوض ، احسان لها بما لا محظور فيه شرعاً ، فيكون أولى بالجواز مما فيه عوض ، وذلك أن في إجابتها حصول للمقصود من الخلع فأشبه ما لو كان بعوض.
@ وذهب جمع من العلماء إلى عدم صحة الخلع بدون عوض :
١ - لقوله تعالى ( ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ). إذ إن الأصل عدم جواز الخلع إلا بعوض لورود النص به.
والجواب : أن ذكر العوض في الخلع ههنا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له .
حيث دلت الأدلة الأخرى على مشروعيته بلا عوض .
٢ - أن الخلع عقد معاوضة ، فإذا لم يكن فيه عوض خرج عن أصله فلم يصح .
والجواب : أن العوض موجود في أصل العقد وإن أسقطا العوض، وذلك لأنها رضيت بترك النفقة والسكن، ورضي هو بترك استرجاعها، وكما أن له أن يجعل العوض إسقاط ما كان ثابتاً لها من الحقوق كالدين ، فله أن يجعله إسقاط ما ثبت لها بالطلاق، كما لو خالعها على نفقة الولد .
٣ - قياساً على البيع بجامع أن كلاً منهما عقد معاوضة، فإذا لم يصح البيع إلا بعوض فكذا الخلع.
والجواب عن ذلك أن البيع إذا أسقط أحدهما العوض عن الآخر سقط وكان العقد عقد تبرع، وكذلك الخلع أيضاً.
وأيضاً : أن عقد الخلع فيه معنى المعاوضة - كما سبق - وإن أسقط الزوج العوض عن المرأة إلا أن معنى المعاوضة باق .
وبعد هذا العرض يتبين رجحان جواز الخلع بدون عوض
فإن قيل : إن الخلع سماه الله افتداء
وهل يكون افتداء بدون عوض
فلو صح بدون عوض خرج الخلع عن مسماه أصلا ولم يترتب عليه أحكام الخلع ورجع إلى أصله وهو الطلاق
لأن الفراق نوعان
بدون عوص وبعوض وهو الخلع
فإن كان بدون عوض ترتب عليه أحكام الطلاق
وأيضا الأحاديث الشريفة كما في حديث امرأة ثابت بن قيس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بدفع العوض
ثم أنا لوقلنا أن الخلع يصح بدون عوض ,,,,
ما الفرق بينه وبين الطلاق
الطلاق بدون عوض والخلع بدون عوض
الخلع يترتب عليه أحكام كثيرة
تختلف كلياً عن الطلاق
سواء في العدة أو الرجعة أو وقوع الطلاق ، أو كونه بدعي أو سني ، وما يكون بعد الخلع من أحكام كثيرة أو أحكام البينونة فيه
ولا يكون الخلع كذلك الا اذا خالف صفة الطلاق من حيث العوض .
فالجواب : بأن الفراق لا ينحصر في الطلاق والخلع ، بل هناك أيضاً الفسخ .
والخلع وإن كان قطعاً للنكاح إلا أنه يفارق الطلاق في كونه مفارقة من قبلها لا من قبله، وقد تنازل عن حقه لها ، لا سيما وأنها لم تبذل مالاً فقد أسقطت نفقتها فقام مقامه . فإذا صححنا الخلع بلا عِوَض فله أحكام الخلع، وإذا لم نصححه فإما أن نعتبره طلاقاً ، وليس بصريح فيه اتفاقاً ، وإنما هو كناية، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية، وهو لم ينوه في الخلع بلا عوض ، وعلى هذا إذا لم ينو به طلاقاً لم يكن شيئاً. مع العلم أننا قد رجحنا صحة الخلع بلا عِوَض ، والقاعدة : إعمال الكلام أولى من إهماله .
، والله تعالى اعلم وأحكم.
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق