الفرق بين الندب والإرشاد :
أن المطلوب في الندب : ثواب الآخرة.
والمطلوب في الإرشاد: مصالح الدنيا ومنافعها.
كقوله تعالى ( وأشهدوا إذا تبايعتم ).
فالأمر بصيغة افعل ههنا يحتمل أن المراد به الأرشاد، ويحتمل الندب ، فيحمل عليهما.
للقاعدة : اللفظ إذا كان يحتمل أكثر من معنى بحسب وضع وأحد ولا تعارض بينهما ، حمل على جميع تلك المعاني.
@ الفرق بين الندب والتأديب:
المطلوب في الندب : ثواب الآخرة .
والمطلوب في التأديب: تهذيب الأخلاق ومحاسنها ، وقد يستجلب به الثواب.
فقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن أبي سلمة في صغره : ( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك، وكل مما يليك ) تأديب له بلا شك، لأنه من تهذيب الأخلاق ومحاسنها، ولا يمنع من كونه ندباً له على هذا الفعل لحصول ثواب الآخرة للصبي، ولهذا لما لقي النبي صلى الله عليه وسلم قوماً بالروحاء رفعت امرأة صبياً لها، ( فقالت : ألهذا حج ، قال : ( نعم ولك أجر).
والقاعدة : أن اللفظ إذا كان يحتمل أكثر من معنى بحسب وضع واحد ، حمل على جميع تلك المعاني، وإذا كان بحسب أوضاع متعددة، حمل على المراد بحسب الأدلة والقرائن وإلا كان مجملاً.
وصيغة افعل تحتمل ههنا الندب والتأديب بحسب وضع واحد فتحمل عليهما.
@ وترد صيغة افعل مراداً بها الوجوب ، ويراد بها الاستحباب، ويراد بها الإرشاد، والتأديب وغير ذلك إذ المعاني التي تستعمل فيها هذه الصيغة تزيد على الثلاثين معنى.
فإذا كانت هذه المعاني متعارضة ولا يمكن اجتماعها في آن واحد ، عندئذ يكون اللفظ يحتمل أكثر من معنى بحسب أوضاع متعددة فيحدد المراد القرينة أو الدليل، وإلا رجع إلى الأصل وهو ما يستعمل فيه اللفظ غالباً ، لأن اللفظ يحمل على الأعم الأغلب لا على القليل والنادر ، وهذا ما لم يدل الدليل على الأصل في استعماله فيه، والأصل في صيغة افعل في الدلالة الشرعية الوجوب، لقوله تعالى ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ولقوله صلى الله عليه وسلم ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك ) مع أنه أمرهم، ولكن عند الإطلاق في لسان الشرع المراد بالأمر الوجوب لأنه هو الذي فيه مشقة .
ولا يمنع ذلك من أن الأصل في صيغة افعل في في باب الآداب وتهذيب السلوك : الندب ما لم تصرف للوجوب بدليل أو قرينة ( وكل بيمينك) الأصل فيها عند الجمهور للندب لأنها من باب الآداب وتهذيب السلوك، ولكن الدليل والقرينة دلت على الوجوب ، لحديث ابن عمر مرفوعاً ( إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل ويشرب بشماله) فإذا نهينا عن التشبه بالكفار والمشركين فيما هو من عاداتهم وعباداتهم، فالتشبه بزعيمهم ورئيسهم من باب أولى .
وإذا كانت هذه الصيغة افعل تحتمل معنيين أو أكثر غير متعارضة ويمكن حمل اللفظ على تلك المعاني مما يحتمله اللفظ بحسب وضع واحد حمل على تلك المعاني كما سبق.
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق