إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 16 أغسطس 2017

حكم من صلى بغير طهارة جاهلاً // لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم من صلى بغير طهارة جاهلاً :

حكى النووي الإجماع على من صلى بغير طهارة جاهلاً أن عليه الإعادة ، وفِي هذا الإجماع نظر فقد خالف بعض الشافعية في ذلك كما حكاه الآمدي في عدم وجوب الإعادة  والحالة تلك في قول للشافعية.
ولعل حكاية الإجماع من النووي إما على اعتبار أن ذلك قول الجمهور كما هو صنيع بعض أهل العلم، أو لجهله بالمخالف.
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)  والطهارة من المأمورات التي لا يعذر الأنسان في تركها بالجهل فإذا علم أعاد، وقياساً على النسيان ، فإذا نسي الطهارة أو المأمور ، وجب عليه الإتيان به إذا ذكره، لقوله تعالى ( أقم الصلاة لذكري) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك  )
والقول الثاني : من صلى لغير طهارة  جاهلاً من غير تفريط ولا إهمال  حتى خرج وقت العبادة المؤقته فلا إعادة عليه. والعبادة الغير مؤقته يعيد مطلقاً.
ويدل لذلك حديث المسيء في صلاته ، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة التي في الوقت ولم يأمره بإعادة جميع الصلوات الماضية، مع قوله ( لا أحسن غير هذا ) فجميع صلواته الماضية على هذا المنوال.
وكذا المرأة التي تركت جميع صلواتها لما ظنت أنه دم حيض، وهو دم استحاضة، ولم تؤمر بقضاء ما فات وخرج وقته، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وأمر الذي توضأ وتركزفي قدمه لمعة لم يصبها الماء بالإعادة، لأنه لم يزل في الوقت، ولم يأمره بإعادة ما خرج وقته ، مع احتمال حصول ذلك منه في الماضي. 
وعلى هذا : من ترك شرطاً من شروط الصلاة  جاهلاً من غير تفريط لم يلزم القضاء، لأن من فعل ما أمر به بحسب استطاعته فلا إعادة عليه  ، لقوله تعالى ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ).
وأما القياس على النسيان فلا يصح :
ففي القواعدالتسعون في الفقه والأصول،  قررنا التفريق بينهما بالأدلة والضوابط:
@  كل جهل ناتج عن إهمال او تفريط او قام الداعي للسؤال ولَم يسأل فهو غير معذور.
لما وجد النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي لبس الجبة وتمخط بالطيب وهو محرم ، لم بأمره بالفدية لجهله بالحكم.
والصحابي الذي سمع قول الله تعالى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الأسود من الفجر) فوضع تحت وسادته خبط أبيض وخيط أسود فقال له صلى الله عليه وسلم ( إن وسادك إذاً لعريص، إنما هو بياض النهار وسواد الليل) ولم يأمره بالقضاء.
فإذا كان الجهل مما يعذر فيه فلا يخلو إما أن يكون محظوراً من المحظورات فوجوده كعدمه ولا يبطل العبادة، ولا المعاملة ، لحديث معاوية بن الحكم لما عطس رجل فقال : الحمدلله، فقال له الآخر : رحمك الله، فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من حديثه قال للذي قال رحمك الله ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها كلام الناس وإنما هي التسبيح، والتكبير، والتهليل)
ولم يأمره بالإعادة، ولحديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالحذاء وفيها القذر، فلما أخبره جبريل خلع نعاله، ولم يؤمر بالإعادة.
وكذا الحكم لو كان في معاملة لقوله تعالى.      ( وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) أي فمن بلغه نهي الله عن الربا فارتدع فله ما مضى قبل أن يبلغه التحريم لا إثم عليه فيه، وأما من بلغه التحريم وتعامل بالربا ثم تاب منه فإنه لا يحل له ما أخذه من الربا ويجب أن يتخلص منه( فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)
وإذا كان الجهل في ترك مأمور ، فإذا علم وكان الوقت لم يخرج للعبادة المؤقته فعليه الإعادة في الوقت ، فإن لم يعلم إلا بعد خروج الوقت  فلا إعادة عليه لحديث المسيء في صلاته ، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة التي في الوقت، ولم يأمره بإعادة جميع الصلوات التي خرج وقتها مع قوله ( لا أحسن غير هذا فعلمني ) أي جميع صلواته الماضية على هذا المنوال.
وأما الغير مؤقته وترك واجباً فإنه إذا علم به أتى حين علمه لارتفاع العذر، وعدم وجود المانع من الإتيان به فيتعين فعل ما أمر به.
ولا فرق في الجهل بين الجهل بالحكم والجهل بالحال. وأما الجهل بما يترتب على الحكم فهو غير مؤثر ولا يعذر به الإنسان ، كمن يعلم تحريم جماع الرجل زوجته في نهار رمضان ، وهو يجهل الكفارة المغلظة المترتبة على فعله، فلا تسقط عنه الكفارة لجهله بها.

@ الجهل لا يسقط حقوق المخلرقين .
ولهذا تجب الدية في قتل الخطأ : وهو فعل ما يجوز له فعله فيتسبب في قتل نفس معصومة.

فالجهل يفرق فيه بين خطاب التكليف  الذي يطلب فيه الشارع إيجاد العمل أو تركه او التخيير بينهما، فيفرق فيه بين  باب المحظورات  فينزل الموجود منها جهلاً منزلة المعدوم، وبين باب المأمورات إذا ذكره أتى به إذا لم تكن العبادة مؤقته ولا يعارض هذا قوله تعالى  ( أقم الصلاة لذكري)  أي إذا ذكرت الصلاة بعد نسيانها فصلها إذا ذكرت،  وقوله صلى الله عليه وسلم ( من نام عن صلاة أو نسيها فلا كفارة لها إلا ذلك ).
لأن هذا في باب النسيان لا الجهل، ولهذا لو جهل  الإنسان  بوجوب صلاة الفجر ككونه حديث عهد بإسلام حتى فات وقتها فلا إعادة عليه ، وإذا علم في الوقت صلها.

أما ما كان من خطاب الوضع وهو ما جعله الشارع علامة لشيء كالصحة والفساد، والشرط والمانع، والرخصة والعزيمة ونحو ذلك، فهذا لا يإثم الإنسان لجهله به، ولكن  الجهل به لا يصحح الفاسد، ولا يلغي المنع بعد العلم ، فمثلاً من طلق زوجته ، وهو يجهل أن هذا اللفظ تخرج به من ذمته خرجت من ذمته به .
وكذا من تزوج أخته من الرضاع وهو يجهل أنها أخته من الرضاع لا إثم عليه حال الجهل، ولا يقتضي ذلك تصحيح العقد.

@ النسيان ينزّل الموجود منزلة المعدوم، ولا ينزّل المعدوم منزلة الموجود.
قال صلى الله عليه وسلم ( من أكل أو شرب في نهار رمضان فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه، فنزل الموجود وهو القطر - الأكل - بسبب النسيان منزلة المعدوم، وكان هذا الفطر لا أثر له، ولا يجب على صاحبه القضاء، 
ولا ينزّل المعدوم منزلة الموجود لقوله صلى الله عليه وسلم ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك )
فنسيان الصلاة معدوم فسبب النسيان لا ينزّل منزلة من صلى فيجب عليه إذا ذكر أن يصلي قال تعالى ( أقم الصلاة لذكري) إذا نسيت الصلاة ثم ذكرت فصلها.
وعلى هذا من نسي التسمية على الذبيحة فإنه لا يحل أذكرها لأن المعدوم في النسيان لا ينزّل منزلة الموجود.

والله تعالى أعلم .

كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت