هل تُشرع صلاة الكسوف لمن حال بينهم وبين الشمس أو القمر غيم أو فتر ؟
فرق بين رؤية القمر ليلة رمضان ، ورؤية الخسوف.
وذلك أن رؤية القمر لدخول الشهر يختلف فيها الحساب الفلكي عن الرؤية له، بخلاف الحساب الفلكي مع حصول الخسوف أو الكسوف فهما لا يختلفان، فكانت العبرة بما يدل على حدوثهما، أشبه بما يدل على دخول وقت الصلاة المفروضة وخروج وقتها، سواء كان معرفة ذلك بالعين المجردة أو عن طريق الحساب .
@إن الخسوف أو الكسوف يشرع لمن رأهما أو كان في حكم من رءاهما، كمن كان من حوله عن اليمين والشمال ومن قبله ومن ورائه قد كسفت عليهم أو خسف عندهم القمر، وهم بينهم لم يروا ذلك لقتر أو سحاب.
والقاعدة : من رأى ومن في حكمهم سواء.
وإنما نعتمد على الرؤيا في دخول الشهر وخروجه، لأنهما قد يتعارض الحساب مع الرؤية، فنأخذ بالرؤية لا بالحساب ، أما ههنا إذا علمنا بالحساب في حدوث خسوف أو كسوف لا يتعارض ذلك مع الرؤية، كمن. صلى المغرب حسب الحساب وقد حال بينه وبين الشمس فتر أو سحاب.
فالعلم بالشيء ينزّل منزلة رؤية الشيء.
ولا شك أن عين اليقين أعظم من علم اليقين ، ولكنهما يوجبان العلم بالشيء.
ولا يعارض هذا تعليق صلاة الكسوف على الرؤيا كما في صحيح البخاري :
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حماد بن زيد عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة قال: قال رسول الله ﷺ: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده، وقال أبو عبد الله لم يذكر عبد الوارث وشعبة وخالد بن عبد الله وحماد بن سلمة عن يونس يخوف بهما عباده وتابعه موسى عن مبارك عن الحسن قال: أخبرني أبو بكرة عن النبي ﷺ إن الله تعالى يخوف بهما عباده وتابعه أشعث عن الحسن .
فإذا كانت هذه الصلاة شرعت من أجل هذه الآية التي أراد الله أن يخوف بها عباده، فالتخويف حاصل بوقوع الآية وعلم الناس بوقوعها ويقينهم بذلك لا بمجرد الرؤية.
وإنما علق الحكم إيقاع الصلاة على الرؤية :
لأنه في وقته صلى الله عليه وسلم، هو السبيل الوحيد لمعرفة حصول الآية ، لا لنفي ما سواه.
والقاعدة : أن التخصيص إذا كان له سبب غير اختصاص الحكم به لم يبق مفهومه حجة .
فالرؤية ليست علة في مشروعية الصلاة، بل هي أمارة عليها، فإذا تحقق لنا وقوع الآية شرعت الصلاة.
مثلها تماما تشريع صلاة الظهر لزوال الشمس، والإفطار لغروبها، فحال دون رؤية الزوال، ودون رؤية الغروب غبار شديد وسحاب قاتم، استمر لوقت طويل، وصل يقين أو غلبة ظن بدخول وقت الزوال أو بغروب الشمس بالساعات أو بطرق حسابية أخرى كرجوع الماشية في وقت معين معتاد.
هل يصلي الناس ويفطرون بناء على علمهم ويقينهم أو غلبة ظنهم عند تعذر اليقين، بدخول وقت الزوال ووقت الغروب، أم ينتظرون رؤية ذلك ؟!
كذلكم الأمر في الخسوف والكسوف الرؤية أمارة وعلامة عليهما، لكن متى ما تحقق وقوعهما فزعنا إلى الصلاة؛ لأن التخويف بالآية، والرؤية وسيلة للوقوف عليها، والله أعلم.
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق