قاعدة: مواضع التقريب، لا يتأتى فيها الحد الضابط.
قاعدة: ما قارب الشيء، يأخذ حكمه، مما يشق معرفة حده -مشقة غير معتادة - أو يكون حده غير مراد يقيناً أو غلبة ظن.
قال
النبي صلى الله عليه وسلم: "نحن أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب، الشهر هكذا
وكذا وهكذا -وأشار بيده- وهكذا وهكذا وهكذا وقبض واحداً".
أي: الشهر ثلاثون يوماً، أو تسعة وعشرون يوماً.
وهكذا
في طلوع الفجر الصادق يصعب كثيراً بدقة أول خروجه، ويختلف ذلك بصفاء للجوء
من عدمه، ومن مكان مرتفع عن منخفض، ومن دقة النظر من عدمه، فالفارق
اليسير لا يضر، ويرتفع به الحرج، فمجرد غلبة الظن بدخوله عند تعذر أو مشقة
معرفته، تكون الصلاة في الوقت.
وهكذا في تحديد معرفة الأوقات المتداخلة.
* وهكذا في الفصل في لحظة الطهر من عدمه للمرأة التي يشق عليها معرفة ذلك بدقة، ولهذا ما قارب الشيء أخذ حكمه مما يشق التمييز فيه.
* قال الجويني: "ومن طلب في مواضع التقريب الحد الضابط؛ فقد طلب الشيء على خلاف ما هو عليه".
* وقال الشاطبي: المراد بالتعريف التقريب.
لا أن يكون جامعاً مانعاً.
* قاعدة: فكل ما يشق تحديده، مشقة غير معتادة، فالمراد بالتحديد هو التقريب.
* وفِي حديث أنس: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، إلى خمسة أمداد".
ليس المراد به الحد الضابط، وإنما المراد به التقريب.
فمواضع التقريب، لا يتأتى فيها الحد الضابط.
* وفِي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً ..."
المراد: التقريب لا الحد الضابط بنقصان الحبة والحبتين أو زيادتهما، ونحو ذلك في الشرع كثير.
*
وكذا في كفارة إطعام المساكين في جماع الزوجة في رمضان، لما جاء الرجل
الذي جامع زوجته في نهار رمضان فقال له صلى الله عليه وسلم: "أعتق رقبة"،
قال: لا أجد، قال: "صُم شهرين متتابعين" قال: وهل وقعت فيما وقعت فيه إلا
من الصيام، قال:
"أطعم ستين مسيكناً" قال : لا أجد، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل بعرق -زنبيل- فيه طعام، فقال صلى الله عليه وسلم: "خذ هذا فأطعمه أهلك"، فقال: والله ما بين لابتيها بيت أفقر منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "خذ هذا فأطعمه أهلك"
"أطعم ستين مسيكناً" قال : لا أجد، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل بعرق -زنبيل- فيه طعام، فقال صلى الله عليه وسلم: "خذ هذا فأطعمه أهلك"، فقال: والله ما بين لابتيها بيت أفقر منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "خذ هذا فأطعمه أهلك"
الشاهد: العرق الذي فيه الطعام يغلب عليه أنه يكفي المساكين الذين أمر بإطعامهم تقريباً لا حداً فاصلاً.
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق