إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 9 يناير 2019

حكم تغطية المرأة وجهها في غير الصلاة // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم تغطية المرأة وجهها في غير الصلاة:

يشرع للمرأة أن تغطي وجهها بحضرة الأجانب، ولا يجوز لها كشف وجهها عند غير محارمها وهي متزينة بأي نوع من أنواع الزينة، قال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ }، ولا يجوز لها كشف وجهها أيضاً إذا ترتب على ذلك فتنة.

ويستثنى من ذلك {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ومن في حكمها ممن لا تلفت نظر الرجال إليها لقبحها، شريطة أن لا تكن متزينة، فلها حكم القواعد من النساء.
والقاعدة : المنصوص عليه، وما في معناه حكمهما واحد.

*   ومما يدل على فرضية الحجاب: قول عائشة رضي الله تعالى عنها عن صفوان بن معطل الذكواني: وكان قد رآني قبل أن يفرض الحجاب.
فقولها يفرض: دليل على أنهم قد تقرر عندهم  وجوب تغطية الوجه.
ومما يدل على ذلك ما جآء في الصحيح: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان".
فيشمل جميع جسدها إلا ما استثىني {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الوجه والكفين في الصلاة، وكذا في غير الصلاة إذا لم يترتب عليه فتنة.
لأنه إذا انعقد الإجماع على جواز كشف الوجه والكفين في الصلاة، لأنهما ليسا بعورة، فلا يكون الوجه والكفان أيضاً عورة في خارج الصلاة -ما لم يترتب على كشفهما فتنة- لأن العورة: ما تحصل به الخلة، وما لا تحصل به الخلة في العبادة، فلا تحصل به الخلة في غير العبادة من باب أولى.
ويدخل في ما ظهر منها: ما لا يمكن إخفاؤه من بدنها كالطول والعرض والثياب الظاهرة.

*  فإن قيل: ألم يثبت عن النبي صلى الله في صلاة العيد لما خطب العيد، قامت امرأة سفعاء الخدين، فقالت: لم؟ بعد قوله "يا معشر النساء تصدقن، فقد رأيتكن أكثر أهل النار".
وفِي صحيح البخاري : لما جاءت المرأة الخثعمية، وهي امرأة مضيئة أو جميلة أو حسناء, وهي تنظر إلى  الفضل وهو ينظر إليها، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، وصرفه إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول: إن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ "قال: نعم".
وظاهر الحديث، أن المرأة جميلة، وقد تكون كاشفة لوجهها، ولم ينكر عليها.

فالجواب: على فرض دلالة هذه الأدلة على كشف الوجه، فإنها محمولة على من لا يفتتن بها.
لأن المباح إذا ترتب عليه فتنة كان حراماً -كما تقدم في القواعد الفقهية والأصولية-.
فإن قيل: حديث الخثعمية يدل على أنها جميلة، ولم تؤمر بغطاء الوجه.
فالجواب: أن الحديث ليس صريحاً في كشفها لوجهها، والمرأة الجميلة قد يعرف جمالها من غير وجهها.
وقد حكي الإجماع على تحريم المباح إذا ترتبت عليه فتنة. ثم إن الفتنة في حديث الخثعمية أمكن تغييره بصرف نظر الفضل إلى الشق الآخر، ولم يقر المنكر.
وعلى كل حال فهذه الأدلة هي التي صرفت الأمر بغطاء الوجه من الوجوب إلى الاستحباب ما لم يترتب على ذلك فتنة، أو كانت متزينة بزينة في وجهها.
وأما القبيحة التي لا يفتتن بها، وغير متبرجة بزينة فلها حكم القواعد من النساء.  والأفضل  لها الالتزام بغطاء الوجه{وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ}.

* وكون وجه المرأة عورة: لا يعني عدم جواز الكشف عنه ما لم يترتب عليه فتنة، وذلك أن  العورة تنقسم إلى قسمين:
أ -  مغلظة: ما عدا الوجه والكفين.
ب - ومخففة: الوجه والكفين.
وذلك كالفخذ، فقد جاء "الفخذ عورة" وجاء: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف فخذه أمام أبي بكر وعمر" - كما في صحيح البخاري -.
والأحاديث الدالة على الكشف محمولة على من لا يفتتن به
* والجواب الثاني: أن الإجماع منعقد على أن وجه المرأة وكفاها في الصلاة ليس بعورة، فهو مستثنى من حديث "المرأة عورة" والعورة في اللغة: ما تحصل به الخلة، وما لم يكن عورة في الصلاة، لا يكون عورة خارج الصلاة.
والقاعدة: النص العام يخصص بالقياس.
هذا إذا قلنا بأن النص عام. وإن قلنا بأنه مطلق. فالمطلق يصح على أقل ما يتناوله اللفظ.
ولهذا جمور العلماء، فسروا الآية: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالوجه والكفين، ولم يفرقوا بين الصلاة وغيرها.

* وقول عائشة "قبل أن يفرض علينا الحجاب" محمول على فهمها أو محمول على من تفتن أو يترتب على كشفها فتنة، وهو الأعم الأغلب.
والقاعدة: أن النص يحمل على الأعم الأغلب، لا على القليل والنادر، وبهذا تجتمع الأدلة.

مع أن  ستر الوجه أمام الرجال الأجانب، خير للمرأة وأفضل حتى للقبيحة{وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ}.
فالفقهاء جميعاً لا يستحبون كشف النساء لوجوههن، ولا يجيزون لها كشف وجهها وهي متبرجة بزينة.

** * ** * **

* تفسير قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور : 31]

خطاب موجه للنساء كما أن الرجال أمروا بغض البصر.
فإذا كان النظر بشهوة فإن الامر يتأكد بحقها. 
القاعدة:  حذف المتعلق مشعر بالعموم.
يغضضن من أبصارهن: 
الغض إطباق الجفن على الجفن  بحيث تمنع النظر أو صرفه لجهه أخرى.
يقول طرفه:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي
                          حتى تواري جارتي مأواها 

ويحفظن فروجهن: يتناول حفظه من زناً ونحوه. 
هل المراد حفط فروجهن بعدم فعلهن للزنا؟ أم حفظه فروجهن من تمكين النظر إليها؟
يشمل هذا وهذا.
قاعدة: ترك الإستفصال في مقام الإحتمال ينزل منزلة العموم من المقام.
 يدل على أن السوءتين عورة.

* والعورة: ماتحصل به الخله.
ولا يبدين زينتهن: أي لا يظهرنَها.
الزينة: ماتتزين به المرأة عادةً من ثياب وغيرها، و قس زماننا  بالتجمل  
يقول الشاعر: 
ياخذن زينتهن أحسن ماترى   
                         وإذا عطلنا فهن خير عواطل

والزينة تنقسم إلى قسمين: 
أ - خلقية: هو وجهها فإنه أصل الزينة وجمال الخلقه ومعنى الحيويه، لما فيه من  المنافع.

ب - ومكتسبه: ماتحاوله المرأة في تحسين خلقتها كالثياب والحلي والكحل والخضاب.
 ولهذا قال الله: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.

(إلا ماظهر منها): أي مادعت الحاجة لظهوره كالثياب والطول والعرض وتقسيم البدن يدخل ذلك ماحصل بدون قصد  ولا تعمد هذا لا يمكن إلا اظهاره أمام الرجال.
ويمكن أن يقال: ما ظهر منها مما لم يمكن إخفاؤه، في غير الصلاة، وفِي الصلاة ما ظهر منها: الوجه والكفين. وفيه نظر؛ لأن الصلاة أولى بالحشمة وستر ما تحصل به الخلة من غيره، فإذا جاز كشف الوجه والكفين في العبادة جاز في غيرهما من باب أولى، لأنهما ليسا من العورة في كلٍ، ولكن قد تؤمر بسترهما في غير الصلاة لسبب آخر، وهو حصول الفتنة.
والقاعدة : عدم الدليل المعين لا يستلزم عدم المدلول المعين.
{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ }: 
 الخمر جمع خمار : ماتغطي به المرأة رأسها وتسمى الطرحة.
 وجاء في الحديث "خمروا ءانيتكم". 

قول الشاعر:
سقط النصيف ولم ترد اسقاطه 
                                            فتناولته واتقتنا باليد 
 معنى اتقتنا باليدِ: وضعت يدها بيننا وبينها 

{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}:
الجيوب: الجيب يعنى النحور والصدور.
والمراد أن يغطين رؤسهن وأعناقهن و صدورهن بكل مافيها من زينه وحلي لئلا يرى منها شيء.
و أصل الجيب: هو الفتحة التي تكون في طرف القميص.

{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ}:
يعني لايضعن الجلباب والخمار إلا لأزواجهن.
البعولة: جمع بعل، وقال تعالى عن امرأة إبراهيم:  {وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ }
بمعنى الزوج والسيد في كلام العرب ولهذا جاء في الحديث اذا ولدت الأمة بعلها إشارة لكثرة السبايا لكثرة الفتوحات.
لاتبدي الزينة الخلقيه وكذلك المكتسبه إلا لبعولتهن.
أصل الزينة الامر الخارج عن الجسد لكن ربما يعبر عنه الموضع الذي يكون عليه الزينة. 
وهل يجوز للمرأة ان تتكشف أمام بعلها؟ 
يجوز أن تتكشف وليس عليها من الملابس شيء.

والأب: هو له عليك ولادة.
(أو آباء بعولتهن): أي أن المرأة إذا تزوجت فأن أبو زوجها يكون محرمًا لها ويدخل فيه: أن تكشف على جده وعلى جد جده وإن علا.
الابن: كل من لك عليه ولادة.
هؤلاء كلهم يجوز الكشف عليهم.

هل يجوز أن تكشف كل جسدها ام ماجرت العادة بكشفه؟ 
ماجرت العادة عند العرب في وقت نزول التشريع.
القاعدة: العرف المقابل للخطاب من مخصصات النص العام.

بدأ بالبعل لأنه يجوز له مالايجوز لغيره.

* هل الأقرب الأب أم الابن ؟ 
اختلف العلماء على قولين:
منهم من قال الأب أقرب.
ومنهم من قال الابن أقرب.
والصحيح أن الابن أقرب.
ولذلك لأنه في الميراث يرث الأبن أكثر من الأب.
أما في النكاح فأنه يقدم الأب عند الحنابلة ( أبوة بنوة أخوه عمومة ولاء). 
بمعنى المرأة لاتبقى حلالاً إلا بولي. وفِي الأثر "فإن الزانية هي التي تزوج نفسها. ضعيف سنداً-.

القول الثاني: الأبن يقدم على الأب لو أن امرأة مطلقة لها ابن من زوجها الأول وهذا الإبن بالغ ولها أب،  فالقول الراجح أن الإبن أقرب فيتولى نكاحها.

الأخ: هو الذي شاركك في أصليك أو في أحدهما.

الأخوة ثلاثة أقسام: أخ شقيق، وأخ لأب، وأخ لأم. 

النساء: هل المراد بها المسلمات أو المراد بها جميع النساء:
(نسائهن) النساء المسلمات فقط أي لا يجوز أن تبديء للمشركة.
أما إذا قيل نسائهن: المراد كل جنس النساء فيشمل المسلمة والمشركة.
الأرجح: أن حذف المتعلق مشعر بالعموم القول الثاني، فيشمل ذلك إبداء الزينة للمسلمة والمشركة.
* مسألة: اذا اشترت امرأة رقيقاً أنثى من  الجواري أصبح ملكًا لها.
لها أن تبديء الزينة أمامها.
لكن لو اشترت عبدًا هل يجوز أن تكشف أمامه أم لا؟ 
اختلف العلماء على قولين: 
القول الأول: ماتكشف أمام ملك اليمين إلا للمرأة فقط.
القول الثاني: يدخل في ذلك العبيد والإماء وهذا القول الراجح؛ لأن القاعدة:
 ترك الإستفصال في مقام الإحتمال ينزل منزلة العموم من المقال.
  فاذا لم يترتب على ذلك فتنه.
فالأصل الجواز ولكن إذا ترتب على ذلك فتنة. فالقاعدة : المباح إذا ترتب عليه فتنه كان حراماً.

{ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ}: المراد أي الحاجة 
قال الله تعالى حكاية عن موسى: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ}.
وقال الشاعر:
 إذا المرء قال الجهل والحوب والخنا   
                                                  تقدم يوماً ثم ضاعت مآربه.
أي غير أولي الميل والشهوة.
كالبلهِ والحمقى والذين لايفقهون من أمور الجنس شيئاً.
ولهذا قال الشاعر: 
والنفس كالطفل إن تهمله شب على 
                                                     حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.
{أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}
أي: لم يطلعوا.
ومنه قوله تعالى: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}.
الأطفال الذين لايعرفون الشهوة ولايدركون معاني الجنس لاحرج في إبداء الزينة لهم.

{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ}
وضع الخلخال يثير شهوة الرجال وهذا يكون غالباً.
والرجال ينقسمون على ثلاثة أقسام: 
1- منهم من به شبق 
أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت، قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، وفي رواية: أصبت أهلي في رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر، والعرق: المكتل أو الزنبيل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين السائل؟ قال: أنا، قال: خذ هذا فتصدَّق به، فقال الرجل: على أفقر منا، يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها – يريد الحرتين – أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك" 

2- من هو ضعيف وهذا لا يتأثر بمظاهر الزينة. 

3 - الوسط هو الذي بينهما.
   وكثير منهم يتأثرون بضرب المرأة بالخلخال. 

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
التوبه لها شروط: 
1- الاقلاع عن الذنب. 
2- الندم على مافعل. 
3 أن يعزم على ألا يعود.

{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
أي: سبب لفلاحكم في الدنيا والأخرة.
أمر الله بتقديم غض البصر على حفظ الفرج 
لأن النظر بريد الزنا ولهذا يكون الإنسان الذي ينظر فيه من الهم واضطراب القلب وقد يكون سبب في وقوعه للمحظور وأمر الله بغض أبصارهم والمراد غض البصر عن ماحرم الله وهذا مايسمى عند العلماء  بالعام الذي أريد به الخاص.
قاعدة: اذا تعارض اللفظ والمعنى يقدم المعنى اذا ظهر وإن لم يظهر فإتباع اللفظ أولى.

{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور : 60]

القواعد: جمع قاعد. خُصَّ بالنساء كحائض وطامث. 
قعدت عن الولد وعن الحيض وعن الزوج في لغه العرب 
وسميت قواعد؛ لأنهن يكثرن من القعود في البيت لكبر سنهن.
والمراد العجائز اللواتي لم يبق لهن مطمع للازواج لكبرهن ولا يرغب بهن الرجال،  لعجزهن.

{غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ}
هو التكلف في اظهار مايخفى من الاشياء .
مادة التبرج تدل على الظهور والإنكشاف ومنه بروج مشيده ومنه بروج السماء والمراد به في الآية اظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال .

{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ}
حقيقة التبرج: تكلف إظهار مايجب إخفاؤه.
البرج: سعة العين يرى بياض بياضها محيط بسوادها كله.
 إلا أنه خص بأن تكشف المرأة زينتها وإظهار محاسنها.
المراد هنا المرأة التي انعدمت فيها دوافع الشهوة فلا حرج  لهن أن يضعن ثيابهن كالجلباب والخمار. 
واذا بالغن في التستر والتعفف فذلك خير لهن وأطهر.

{اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا}
ليس المقصود أن يضعن ثيابهن كلها -كما سبق، من العام الذي أريد به الخاص.
قوله تعالى: ( وأن يستعففن خير لهن ):
فإذا كان هذا في كبيرات السن فمن باب أولى استعفاف البنات الشابات.
قال الشاعر:
لكل ساقطه في الحي لاقطة 
                                    وكل كاسدة يومًا لها سوق 
** * ** * **

* وإليكم نصوص العلماء في هذه المسألة:

أقوال الحنفية في تغطية وجه المرأة:

قال أبو بكر الجصاص الحنفي : المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج...لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها
(أحكام القرآن - 3/458 )

قال شمس الأئمة السرخسي الحنفي : حرمة النَّظر لخوف الفتنة...وخوف الفتنة في النَّظر إلى وجهها، وعامة محاسنها في وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء.
(المبسوط - 10/152)

وقال علاء الدين الحنفيُّ : وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.
قال ابن عابدين: المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة؛ لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة 
 (حاشية ابن عابدين - 2/488)

ونقل عن علماء الحنفيّة وجوب ستر المرأة وجهها حتى وهي مُحْرِمَة إذا كانت بحضرة رجـال أجانب.
 (حاشية ابن عابدين - 2/528)

قال الطحاويُّ الحنفي: 
تمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين رجال
 (رد المحتار - 1/272)

وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ: وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء، وجمهور الأمَّة على أنَّه لا يجوز للنِّساء الشوابّ كشف الوجوه والأكفّ بين الأجانب، ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى: " وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ "
(المرأة المسلمة - ص 202)*

* يقول محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الأصل ( ٢/ ٢٣٥-٢٣٦) : (أما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها، ولا حرمة، ممن يحل له نكاحها: فليس ينبغي له أن ينظر إلى شيء منها مكشوفا؛ إلا الوجه والكف، ولا بأس أن ينظر إلى وجهها وإلى كفها، ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها.
وهذا قول أبي حنيفة.
وقال الله تبارك وتعالى: { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، ففسر المفسرون أن ما ظهر منها: الكحل والخاتم، والكحل زينة الوجه، والخاتم زينة الكف، فرخص في هاتين الزينتين.
ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وكفها؛ إلا أن يكون إنما ينظر إلى ذلك اشتهاء منه لها. فإن كان ذلك ، فليس ينبغي له أن ينظر إليه )) .

** * ** * **
أقوال المالكية في تغطية وجه المرأة:

 الإمام مالك - وتغطية الوجه :
قلت: أرأيت إذا قال: لها أنت طالق ثلاثًا فجحدها؟
قال: قال مالك: لا تتزين له، ولا يرى لها شعرًا، ولا صدرًا، [ ولا وجهًا]، إن قدرت على ذلك، ولا يأتيها إلا وهي كارهة ولا تطاوعه.
قلت: فهل ترفعه إلى السلطان؟
قال: قال مالك: إذا لم يكن لها بينة ما ينفعها أن ترفعه إلى السلطان.
قلت: لا ينفعها أن ترفعه إلى السلطان وليس لها أن تستحلفه؟
قال: قال مالك: لا يستحلف الرجل إذا ادعت المرأة الطلاق عليه، إلا أن تقيم شاهدًا واحدًا، فإذا أقامت شاهدًا، حلف الزوج على دعواها وكانت امرأته.

المدونة - (2/95) / كتاب الأيمان بالطلاق

عن فاطمة بنت المنذر رضي الله عنها قالت: (كنَّا نخمِّر وجوهنا، ونحن محرِمات مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما)

رواه الامام مالك - (1/ 328)- وإسناده صحيح
قال القاضي أبو بكر بن العربيِّ، والقرطبيُّ - المالكيان: 
لا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمَّا يعنّ ويعرض عندها.

 ( أحكام القرآن - 3/1578)‘ والجامع لأحكام القرآن - (14/277)

والإمام الجليل ابن عبد البر المالكي: حكى الإجماع على وجوب تغطية المرأة لوجهها.
وذكر الإمام الآبِّيُّ المالكي: أنَّ ابن مرزوق نصَّ على: أنَّ مشهور المذهب وجوب سـتر الوجـه والكفين إن خشـيت فتنة من نظر أجنبي إليها.

(جواهر الإكليل - 1/41)
قال الإمام ابن عبد البر المالكي المجتهد (ت:463هـ) في " التمهيد" في شرح موطأ الإمام مالك ( 6/364 ):
( وأما النظر للشهوة، فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟! )
وقال الإمام ابن عبدالبر المالكي المجتهد (ت:463هـ) في الاستذكار ( 5/ 365 ) رقم 7692 :

( وأما النظر لشهوة إلى غير حليلة أو ملك يمين مع التأمل محظور غير مباح )

 وذكر العلامة الآبِّيُّ:
( أنَّ ابن مرزوق نصَّ على: أنَّ مشهور المذهب وجوب سـتر الوجـه والكفين إن خشـيت فتنة من نظر أجنبي إليها )

(جواهر الإكليل 1/41)

قال الإمام الحطاب(ت:954هـ) :
( واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين. قاله القاضي عبد الوهاب ، ونقله عنه الشيخ أحمد رزوق في شرح الرسالة، وهو ظاهر التوضيح. هذا مايجب عليها)

مواهب الجليل لشرح مختصرخليل (1/499)

وقال العلامة الفقيه المالكي أبو عليٍّ المشداليُّ( ت731هـ،) رحمه الله:

( إنَّ من كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف -كما جرت بذلك عادة البوادي- لا تجوز إمامته، ولا تقبل شـهادته )

وقال العلامة الموسوعي الفقيه: أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي ( ت 871 هـ ) في "المعيار المعرب " (11/193):

*( وسئل أحمد بن يحيى الونشريسيُّ -رحمه الله- عمن له زوجة تخرج بادية الوجـه، وترعى، وتحضـر الأعراس والولائم مع الرِّجال، والنِّسـاء يرقصن والرِّجال يكفون، هل يجرح من له زوجة تفعل هذا الفعل ؟

فأورد الفتوى السابقة، ثم قال: وقال أبو عبد الله الزواوي: إن كان قادراً على منعها ولم يفعل فما ذكر أبو عليٍّ ( المشداليّ ) صحيح

وقال سيدي عبد الله بن محمد بن مرزوق( ت 842 هـ): إن قدر على حجبها ممن يرى منها ما لا يحلّ ولم يفعل فهي جرحة في حقه، وإن لم يقدر على ذلك بوجه فلا. ومسألة هؤلاء القوم أخفض رتبة مما سألتم عنه، فإنَّه ليس فيها أزيد من خروجها وتصرفها بادية الوجه والأطراف، فإذا أفتوا فيها بجرحة الزوج، فجرحته في هذه المسؤول عنها أولى وأحرى، لضميمة ما ذُكر في السؤال من الشطح والرقص بين يدي الرجال الأجانب، ولا يخفى ما يُنْتِجُ الاختلاط في هذه المواطن الرذلة من المفاسد )

* وفي موسوعة فقه العبادات خفي الفقه المالكي فيما يتعلق بلباس المحرم وأن إحرام المرأة في وجهها قال:
( وإن علمت أو ظنت الفتنة بها وجب عليها الستر. لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه)
(1/345-346)

الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية ( ج:1 ص:212- 214 ) في الإحرام:
( وستر وجهها أو بعضه ولو بخمار أو منديل إلا لخوف فتنة على الرجال منها فيجب عليها ستره بشرط أن يكون الساتر ليس مغروزا بإبرة ولا مربوطا برأسها)

 قال الإمام القرطبي ( ت 671 هـ )" قال ابن خُويز وهو من كبار علماء المالكية: أن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك "
تفسير القرطبي (12/229)

 وقال الإمام أبو عبد الله القرطبي ( ت 671 هـ ) أيضاً في الجامع ( 6/ 5325 ):
( الجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب أكبر من الخمار، وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء، وقد قيل: إنه القناع. والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن)
.. إلى أن قال :
( وقد قيل: إنه يجب الستر والتقنع الآن في حق الجميع من الحرائر والإماء )

وساق هذه العبارة الإمام أبو عبدالله القرطبي( ت 671 هـ ) في الجامع لأحكام القرآن ( 6/ 4629 ) بلفظ :
( قال أصحاب الرأي: عورة المرأة مع عبدها من السرة إلى الركبة. فقال ابن العربي : " وكأنهم ظنوها رجلاً، أو ظنوه امرأة، والله - تعالى –استغنى مرأة على الإطلاق لنظر أو لذة، ثم استثنى اللذة للأزواج وملك اليمين، ثم استثنى الزينة لاثني عشر شخصا، العبد منهم، فمالنا ولذلك ؟! هذا نظر فاسد، واجتهاد عن السداد متباعد") 


وقال الإمام ابن العربي ( ت 543 هـ )في عارضة الأحوذي ( 2/ 135-137 ) كتاب الصلاة / باب ما جاء في الصلاة في الثوب الواحد: 
( وفقهه- أي الحديث - وجوب ستر جميع جسد المرأة فإنها عورة )

وقال الإمام ابن العربي( ت 543 هـ ) في العارضة أيضاً ( 4/ 56 ) :
( "المسألة الرابعة عشرة " : قوله في حديث ابن عمر "ولاتنتقب المحرمة " وذلك لأن ستر وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال، ويعرضون عنها )


قال الإمام العلامة الزرقاني في شرح الموطأ (2/ 234 ) رقم 734 في حديث فاطمة بنت المنذر : " كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات .. " :
( يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد التستر عن أعين الناس، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها، أو ينظر لها بقصد اللذة )

 وقال الشيخ عليش في "منح الجليل شرح مختصر الخليل" في المذهب المالكي :
(وإن علمت أو ظنت الافتتان بكشف وجهها وجب عليها ستره لصيرورته عورة حينئذ )
(4/ 381- 382)

 وقال الشيخ عليش في "منح الجليل شرح مختصر الخليل" في المذهب المالكي:
( ابن عرفة اللخمي لابن الماجشون ينقل عن النساء وإن حضرن وهو الشأن ، رواه ابن حبيب عن مطرف ، قال لم أر بالمدينة امرأة قط أدت الشهادة بنفسها ، ولكن تحمل عنها ولا يشترط في النقل عنها غيبتها ..
الباجي لما أمر النساء به من الستر والبعد عن الرجال ولذا قال بعض العلماء لا يلزم المخدرة حضور مجلس القضاء للمحاكمة وهي التي تبتذل بكثرة التصرف ولا تخرج إلا لزيارة وما لا بد منه )
(18/257)
* قال ابن القاسم للإمام مالك، وهو يتكلم عن الظهار: « قلت: أرأيت المرأة إذا ظاهر منها زوجها هل يجب عليها أن تمنعه نفسها؟
قال: قال مالك: نعم، تمنعه نفسها قال: ولا يصلح له أن ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها .
قال: فقلت لمالك أفينظر إلى وجهها، فقال: نعم، وقد ينظر غيره أيضا إلى وجهها» . المدونة( 2/ 334-335)
وهذا صريح أن الوجه ليس عورة عند الإمام مالك.
وفي المرأة تموت وليس معها رجال من محارمها، وإنما رجال أجانب، فذكر أنهم ييممونها، لكنه قال كما في المدونة: «وكذلك المرأة تموت مع الرجال، إلا أن الرجال لا ييممون المرأة إلا على الكوعين فقط، ولا يبلغوا بها إلى المرفقين ». المدونة (1/ 261) .
وقال أيضا كما في مجالس ابن القاسم (صـ90) : « وإن لم يجدوا الماء (ييممون) وجهها ويديها »
وهذا منه مبني على أن ما يجوز أن يمم الرجال فيه النساء هو ما لا يتجاوز عورة المرأة أمام الرجال ، ولذلك ذكر أن الرجال لا يممون المرأة الأجنبية إلا إلى الكوعين (أي مقتصرين على الكفين)  ، مع أن التيمم عند الإمام مالك إلى المرفقين .
وفي العتبية : سئل الإمام مالك عن المرأة تخمر رأسها في الصلاة ونحرها مكشوف، فقال: «النحر موضع الخمار فلا أرى أن تفعل ذلك، وما زال يأخذ بقلبي أن القميص أوفق للمرأة وهو يزر. قال: ومن لباس النساء الدروع، وأنا أكره لباسهن القراقل وأظنه من لباس القبط، والدروع أحب إلي، فقلت له: أفتكره لباس القراقل في الصلاة وغيرها؟ فقال: أما أنا فأكره لباس القراقل، قال: ولم يكن من لباسهن، وقد كان يقال: من شر النساء المشبهة بالرجال» .
وقد شرحه ابن رشد في البيان والتحصيل بقوله : « وهذا كما قال: إن النحر مما يلزم المرأة أن تستره في الصلاة، وإنه موضع الخمار، يدل على ذلك قول الله -عز وجل-: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] ، وقال تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] ، والذي ظهر منها عند أهل العلم بالتأويل هو الوجه والكفان، فلا يجوز أن يبدو منها في الصلاة إلا ذلك» . البيان والتحصيل (1/ 396-397) .

** * ** * **
أقوآل الشافعية في تغطية وجه المرأة :

* قال الشافعي في الأم (1/ 109): «وعورة الرجل ما دون سرته إلى ركبتيه، ليس سرته ولا ركبتاه من عورته، وعلى المرأة أن تغطي في الصلاة كل بدنها، ما عدا كفها ووجهها» .
وقال أيضا (1/109): «وعورة الرجل ما وصفت، وكل المرأة عورة؛ إلا كفيها ووجهها، وظهر قدميها عورة. فإذا انكشف من الرجل في صلاته شيء مما بين سرته وركبته، ومن المرأة في صلاتها شيء من شعرها قل أو كثر، ومن جسدها سوى وجهها وكفيها وما يلي الكف من موضع مفصلها، ولا يعدوه، علما أم لم يعلما  أعادا الصلاة معا؛ إلا أن يكون تنكشف بريح، أو سقطة» .
ونقل عنه المزني في مختصره قوله: «وعلى المرأة إذا كانت حرة أن تستتر في صلاتها حتى لا يظهر منها شيء إلا وجهها وكفاها، فإن ظهر منها شيء سوى ذلك أعادت الصلاة».
ونقل المزني عن الشافعي أنه فسر الآية{ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ، بأنها الوجه والكفان ، فقال : «قال : وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها قال الله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31] قال الوجه والكفان » .


قال إمام الحرمين الجوينيُّ الشافعي: اتفق المسلمون على منع النِّساء من الخروج سافرات الوجوه؛ لأنَّ النَّظر مظنَّة الفتنة 

(روضة الطالبين - 7/24) ،،، و بجيرمي على الخطيب - (3/315)

قال ابن رسلان الشافعي : اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات عن الوجوه ،،، لاسيما عند كثرة الفسَّاق

  (عون المعبود - 11/162)

قال الموزعيُّ الشافعيُّ : لم يزل عمل النَّاس على هذا ،،، قديماً وحديثاً ،،، في جميع الأمصار والأقطار ،،، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها ،،، ولا يتسامحون للشابَّة ،،، ويرونه منكراً وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة ،،، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة

 * (تيسير البيان لأحكام القرآن - 2/1001)*


* قال تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} :  صح عن عبد الله بن عمر (أخرجه ابن أبي شيبه وأبو بكر المروزي في جزء يحيى بن معين بإسناد صحيح)، وصح عن ابن عباس (ومحاولة رده برواية العين الواحدة محاولة في غاية الضعف) ، وأكبر دليل على ثبوته عن ابن عباس أنه هو الثابت عن كبار تلامذته : كسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة ، فهل هؤلاء المعاصرون أعلم بابن عباس وبمقالاته في التفسير من هؤلاء الأئمة من تلامذته ؟! بل هو القول الثابت عن عموم التابعين وتابعيهم : كالشعبي وإبراهيم النخعي وقتادة ومكحول الشامي والسدي والأوزاعي ، وصح عن الحسن البصري جواز كشف الوجه خاصة .
وهو ما رجحه إمام المفسرين ابن جرير الطبري ، حيث قال : « وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عني بذلك الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك الكحل، والخاتم، والسوار، والخضاب . وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل، لإجماع الجميع على أن على كل مصل أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف فإذ كان ذلك من جميعهم إجماعاً، كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة كما ذلك للرجال؛ لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره. وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره بقوله: {إلا ما ظهر منها}» .

تنبيه: تفريق بعض الشافعية بين ما أسموه بـ(عورة الصلاة) و(عورة النظر) لا علاقة له بتحديد عورة المرأة التي أمرت النصوص في الكتاب والسنة المرأة بسترها؛ بدليل:
-  أن الشافعية متفقون على تفسير آية الزينة الظاهرة {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بأنها الوجه والكفان (وهذا هو نص تفسير الإمام الشافعي نفسه) ، وهذه الآية تبين ما يجوز إبداؤه من الزينة أمام الرجال الأجانب ، ولا خصوصية للصلاة بها .
وهي آية جاءت لبيان ما يجوز إبداؤه من المرأة أمام الرجال الأجانب ، فهي نص في الباب : فيما يجوز إبداؤه (وإن اختلف العلماء في تحديد هذا القدر الجائز ، ولذلك حصرت الكلام فيمن فسر الجائز إبداؤه بالوجه والكفين وهم جماهير الأئمة من السلف والخلف) .
-   أن الصلاة ليس لها إحرام كإحرام الحج على النساء والرجال ، وإنما شرطها شرط ستر العورة ؛ ولذلك ما زال الفقهاء يذكرون إجماع الفقهاء على أن المرأة لا يجب عليها ستر وجهها وكفيها في الصلاة ويحتجون بهذا الإجماع على أنهما ليسا بعورة .

-   أن عورة النظر هي كاسمها متعلقة بالناظر ، لا بالمنظور إليه ؛ أي بما يجوز للرجل أن يراه من المرأة الأجنبية ، ولذلك اختلف فيه الفقهاء فيها . فهو حكم متعلق بالرجل ، لا بالمرأة . وذلك مأخوذ من قوله تعالى { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ } ، فمن العلماء من أخذ بظاهر الآية ، وحرم النظر مطلقا ، ومنهم من قيد التحريم بخوف الفتنة ، استدلالا بجواز كشف الوجه والكفين المأخوذ من آية الزينة الظاهرة ، وقالوا : ما دام جائزا كشفهما جاز النظر إليهما من غير ريبة ، كما جاز للمرأة أن تنظر إلى ما ليس بعورة من الرجل بغير ريبة ، مع أن المرأة مأمورة بغض البصر أيضا { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } . فلو دلت آية غض بصر الرجال على وجوبه مطلقا ، لدل ذلك على وجوبه مطلقاً على النساء ، ولا تقولون به . ولو وجب على النساء ستر وجوههن لأنه يحرم النظر إليهن مطلقاً ، لوجب على الرجال ستر وجوههم عند النساء للسبب نفسه !!
ومن الواضح أن القول الأول (تحريم نظر الرجل مطلقا إلى المرأة ، ولو بغير فتنة) قول مرجوح ، ودليله ضعيف ، ولذلك ما كان عليه إلا القلة .
-       صرح الجويني ومن وافقه (وهم قلة من الشافعية) ، بنص الجويني نفسه ، ممن يحرمون النظر مطلقا ، أنهم يوجبون ستر الوجه والكفين لا لكونهما عورة ، وإنما سدًّا للذريعة ، وهذا نص الجويني ، حيث يقول  - : ((وذهب العراقيون وغيرهم إلى تحريمه من غير حاجة . قال: وهو قوي عندي، مع اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور وترك التنقب ، ولو جاز النظر إلى وجوههنّ ، لكُنَّ كالـمُرد ، ولأنهنّ حبائل الشيطان ، واللائق بمحاسن الشريعة حسم الباب وترك تفصيل الأحوال )) .
فهنا لم يقل يجب منعهن من ترك التنقب لأن الوجه والكفين عورة إذا خرجت المرأة من بيتهما أو عند الأجانب ، بل قال : لأنهنّ حبائل الشيطان ، واللائق بمحاسن الشريعة حسم الباب ، وترك تفصيل الأحوال . فهذا كلام صريح أنه منع النساء من كشف الوجه اجتهاداً وسياسة ، لا اتباعا لنص يوجب ستر العورة .
وأنى للجويني أن يقول غير ذلك ، وهو نفسه يفسر الزينة الظاهرة التي أجاز الله تعالى إبداءها عند الرجال الأجانب بالوجه والكفين ؟! فكيف يوجب ما لم يوجبه الله تعالى ، وكيف يحرم ما عنده أن الله أباحه ؛ إلا اجتهادا في درء المفاسد .
ويجتمع في القطع بذلك لمن كان محتاجا لمزيد إفهام : أن الجويني نفسه صرح أن عورة الصلاة هي غاية عورة المرأة ، التي ليس بعدها عورة لها ، حيث ذكر عورة المرأة أمام المحارم ، فقال : ((  فما هو عورة من الرجل يجب أن يكون مستوراً [منها] أبداً، وعليها وراء ذلك رعاية [هيئة، وأخذ ريبة] وإذا لابست الصلاة ، راعينا نهايته ، ولا تكلف ذلك في تصرفاتها ، فيشق عليها)) .
فيذكر الجويني في هذا النص أن عورة المرأة أمام المحارم هي عورة الرجل أمام الرجل (من السرة إلى الركبة) ، وأن عليها مع ذلك ما يزيد على هذا الحد أمام المحارم ، مما يدخل في حفظ كرامتها وإبعادها عن الريبة . ثم قال –وهنا موطن الشاهد - : ((وإذا لابست الصلاة ، راعينا نهايته)) ، أي : راعينا نهاية ما يجب ستره من العورة . فهذا نص واضح أن عورة المرأة عند الجويني التي نصت عليها الشريعة هي عورة الصلاة ، وهي المرأة كلها ما عدا وجهها وكفيها ، وأن هذه هي أعلى صور الستر الواجب بنص الشرع عنده .

@ ونخلص من ذلك : أن عورة النظر ليست هي عورة المرأة ، وإنما هو ما يحرم على الرجل النظر إليه من المرأة ، وأن الخلط بينهما خلط بين حكمين منفصلين ، فلا دليل أحدهما هو دليل الآخر ، ولا سبب الحكم بأحدهما هو سبب الحكم بالآخر .

* ومما يوضح الفرق:
أن عامة من رأى من المتأخرين منع النساء من كشف الوجه مع تصريحهم بأن وجهها وكفيها ليسا بعورة ، يصرحون بأنهم قالوا ذلك سداً للذريعة ، أو لفساد الزمان ، ويقصدون بذلك إذا خرجت للطرقات ومشت في الأسواق ؛ لأنه لا يمكنهم أن يفسروا الزينة الظاهرة التي يجوز إبداؤها بالوجه والكفين ثم يحرمون مطلقا  إبداءهما . وقد ينص على هذا القيد بعضهم ، أو يظهر ذلك من مثل قولهم : يحرم كشف الوجه بسبب فساد الزمان ، ففساده لا يضرها لو كانت في بيتها ، ولا يُلزمها في بيتها بستر وجهها .
وهنا يظهر الفرق بين عورة الصلاة (التي هي عورة المرأة) وعورة النظر : فعند هؤلاء العلماء سيكون حكم عورة النظر يختلف عن حكم عورة المرأة :
-  وأيضاً :  عورة النظر : يختلف حكمها باختلاف كثرة الفساد وقلته ، وباختلاف احتمال وقوع الفتنة بها من عدم وقوعها .
أما عورة المرأة : فلا تختلف باختلاف ظهور الفساد وخفائه ؛ لأن عورة المرأة حددها الشرع ، وأما عورة النظر فيحددها الواقع والمصالح والمفاسد والاجتهاد في ذلك من العلماء .
فمثلا: عند من يرى أن عورة المرأة لا توجب ستر الوجه والكفين إلا بسبب الفساد ، لن يمنع المرأة أن تكشف وجهها في بيتها بمحضر أجنبي عنها (وبغير خلوة به) إذا كان الأجنبي من أهل الصلاح ، كما ثبت عن الإمام مالك في الموطأ ، أنه أجاز ذلك ، وسبق نقله عنه ، مع تفسير القاضي عياض لكلامه .
 وقال الخلال في أحكام النساء من كتابه الجامع : (( أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا هارون - يعني: ابن معروف - قال: حدثنا ضمرة، قال: ابن شوذب ، ذكره عن مطر قال : لقد كُن النساء يجلسن مع الرجال في المجالس، أما اليوم؛ فإن الأصبع من أصابع المرأة تفتن)).
وهذا أثر حسن الإسناد إلى مطر الوراق (وهو من صغار التابعين الفقهاء الزهاد : ت129هـ) ، يبين فيه حال السلف الذين أدركهم ، ويبين فيه الفرق بين حكم مؤبد لوروده في الشرع وحكم يختلف باختلاف الأحوال . وقوله ((الأصبع)) يبين أن هذا مما كان لا يُستر في مجالس الرجال والنساء ، بل هو يبين أن ما كان يُكشف أكثر من الأصبع بكثير ، وهو محمول على الوجه ؛ لأنه أراد بيان شدة الفرق بين من أدركهم في سالف عصره ومن أدركوه في آخره ، وأن أدنى ما كان يُكشف أصبح مثارا للفتنة .
والمقصود الآن هو بيان أن هناك فرقا بين عورة المرأة التي حددها الشرع وعورة النظر التي حدد بعضها الشرع وحدد بعضها الاجتهاد المنوط باختلاف الأحوال .

محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت