إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 5 فبراير 2019

قاعدة: ما نقل آحاداً مع توفر الدواعي إلى نقله تواتراً، هل يحكم ببطلانه؟// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد العصيمي -حفظه الله-.

قاعدة: ما نقل آحاداً مع توفر الدواعي إلى نقله تواتراً، هل يحكم ببطلانه؟.
** * ** * **
التواتر لغة: مجيء الواحد بعد الواحد بفترة بينهما، قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَرسَلنا رُسُلَنا تَترى﴾
[المؤمنون: ٤٤].
ويطلق أيضاً، على التتابع مطلقاً.
قال الشاعر لبيد في معلقته:
يعلو طريقة متنها متواتر     
                      في ليلة كفر النجوم غمامها
واصطلاحاً: إخبار جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة عن أمر محسوس.

* ويشترط للتواتر عند الأصوليين ثلاثة شروط:
١-  أن يكون أخبارهم عن أمر محسوس، أي مدرك بإحدى الحواس.
كرأينا وسمعنا، وذلك لأن التواتر على الخطأ في المعقولات، لا يستحيل عادة، فترى الآلاف من العقلاء يتواطئون  على قدم العالم، وعلى كذب الأنبياء مع أن تواطؤهم باطل؛ لأنه ليس في إخبار عن محسوس.
أما تواطؤهم على الكذب في الإخبار عن محسوس فهو مستحيل عادة  مع كثرتهم، وعدم الدواعي إلى التواطؤ، كالإخبار عن مكة وبغداد لمن لم يرهما.

٢- أن يكون العدد بالغاً حداً يستحيل معه التواطؤ على الكذب.
٣- أن يكون العدد المذكور، في كل طبقة من طبقات السند.
* والعلم الحاصل بالخبر المتواتر، 
قيل: ضروري: وهو ما لا يحتاج إلى تأمل.
وقيل: نظري: وهو ما يحتاج إلى تأمل.
وسواء هذا أو ذاك، فهما يفيدا العلم يقيناً أو غلبة ظن، وغلبة الظن تنزل منزلة اليقين.

* علماً بأن القراءة المتواترة عند القرّاء، ما توفرت فيها ثلاثة شروط فقط:
١- صح سندها.
٢- وافقت وجهاً في لغة العرب.
٣- وافقت الرسم العثماني -مصحف عثمان-.

* والآحاد لغة: جمع أحد.
واصطلاحاً: هو ما لم يدخل في حد المتواتر.
وقيل: بين المتواتر والآحاد: المستفيض، وأقله: أربعة، وقيل: إثنان، وقيل: ثلاثة، والأقرب: أنه داخل في الآحاد.
* وحصول العلم بخبر الآحاد، قيل: يفيد الظن -الغالب- فقط، وهو مذهب جماهير الأصوليين.
وقيل: يفيد اليقين. وقيل: يفيد اليقين إذا احتفت به القرائن الدالة على صدقه، وإلا أفاد الظن.
واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
وعلى كل أفاد اليقين أو غلبة الظن يجب العمل بهما، لأن غلبة الظن تمزل منزلة اليقين.
وعلى فرض التعارض، يقدم المتواتر، ثم ما أفاد الظن الغالب، الذي احتفت القرائن على صدقه، ثم الظن الغالب الذي لم تحتف به القرائن.

* وبناء على القاعدة الأصولية السابقة، ذهب جمع من العلماء، ومنهم الحنفية: أن  ما توافرت الدواعي على نقله متواتراً، ونقل آحاداً، يحكم ببطلانه، ولهذا ردوا كثيراً من الأحاديث الصحيحة التي تعارضت مع قاعدتهم هذه.
لأن أهل التواتر لا يجوز عليهم كتمان ما يحتاج إلى نقله، لأن كتمانه يجري في القبح مجرى الإخبار عنه بخلاف ما هو عليه، فلم يجز وقوع ذلك منهم، وتواطؤهم عليه، فإذا قال رجل من أهل الجمعة إن الخطيب ضربه رجل بالسيف، وهو يخطب على المنبر ولم يذكر هذا باقي أهل الجمعة، جزمنا بأن ذلك الرجل كاذباً، لأن تواطؤهم على كتمان مثل هذا الأمر مستحيل عادة.
والجواب: أن دواعي الهمم على نقله، تختلف من أفراد إلى أفراد، ومن مجتمع إلى مجتمع، ثم هو نسبي، فما يراه رجل أن هذا مما تتداعى الهمم لنقله، لا يراه آخر كذلك.
ثم من لم ينقل قد يكتفي بمن نقل.
ومن ثم من نقل قد يكون نقله لسبب دعاه إلى ذلك، ولم يوجد لغيره سبب يدعوه للنقل.
وأيضاً: أن ضابط  العدد الذي يحصل به التواتر اختلف فيه اختلافاً كثيراً.

والصواب: أن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعمل به حتى ولو توافرت الدواعي على نقله، ولم ينقله إلا آحاد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الرجل أو الرجلين في تبليغ رسالة ربه، وما يكون في العقائد وجميع تعاليم الإسلام وهم آحاد. والله تعالى أعلم وأحكم.

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت