حكم المال المدفوع للغارم لنفسه -المدين- ثم تبين سداده:
فمثلاً: لو أن رجلاً عليه دين ثم تم السداد عنه من قبل ذويه وقرابته، ثم جاءه شيك من المال لسداد الدين الذي كان عليه وقد سٌدد.
-----------
الدائن ليس له شيء لأنه سٌدد، فلا يجوز أن يأخذ المال بالباطل.
والمدين لا يخلو من حالتين:
أ- إما أن يكون المال المدفوع له من مال الزكاة:
فإذا دفع له المال وهو من أهل الزكاة لفقره أو نحو ذلك، جاز له أن يأخذه، وأن يتصرف فيه في غير ما دفع من أجله له.
لأن المال إذا صرف للفقير ومن في حكمه له يكون ملكاً له، وشرط الباذل أن يصرفه في جهة معينة لا يصح، قياساً على الهبة في العمرى والرقبى وقد سبق بيانها.
* وإذا كان المال المدفوع له تبرعاً من غير الزكاة:
فإذا كان الباذل لها أخذت منه بسيف الحياء وعن طريق الإحراج ولم تطب بها نفسه، رد وأرجع المبلغ له من المال الذي دفع له متأخراً.
والباقي لا يرد للمتبرع، إذا أخرجه من ماله متبرعاً لا بنية الرجوع على مال الزكاة؛ لحديث: (ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه).
وعليه إذا رجع المال له أن يصرفه في جهة مثل الجهة التي صرفها لها، أو أحسن منها، وإذا صرفه غيره في جهة مماثلة أو أفضل جاز.
وعليه: فإن المدين إذا كان فقيراً جاز له أخذ المال حتى وإن سٌدد دينه؛ لأنه من أهل الزكاة، وقد ملكها بقبضها، وشرط صرفها في أمر معين لا يصح ذلك الشرط -كما سبق-.
وإذا كان المدين ليس أهلاً للزكاة إلا لكونه غراماً، وقد انتفى عنه الغرم، فلا يجوز له أخذ ذلك المال؛ لأنه ليس من أهل الزكاة.
* وإذا كان المال ليس من الزكاة، فالمتبرع لم يتبرع لذات الشخص، وإنما للسبب الذي تحقق فيه وهو الغرم، فإذا لم يكن غارماً صرف لغيره من الغرماء -سواء كان الصارف المتبرع أو غيره-، فكل لا مصلحة في استئذانه، فوجود إذنه كعدمه-.
والقاعدة: الحكم إذا بني على سبب لا يجوز صرفه في غيره.
ومن فعل شيئاً لسبب تبين خلافه لم يصح ذلك الفعل أو الحكم.
كمن طلق زوجته ظناً أنها فعلت شيئاً، ثم تبين أنها لم تفعله، لم يقع الطلاق على الأصح.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق