إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الاثنين، 24 فبراير 2020

حكم إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه لكونه يشكل خطراً محققاً على حياة الأم/لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه لكونه يشكل خطراً محققاً على حياة الأم  :
————

إذا كان الحمل يشكل خطراً محققاً على حياة الأم ، بحيث قرر الأطباء ذلك :
فإذا كان قبل نفخ الروح فيه - قبل أربعة أشهر - فلا إشكال في جوازه، لانه لا عصمة له إلا بالروح ، وقبل أن تنفخ فيه الروح لا يكون ميتاً، ، وذلك أن الموت : مفارقة الروح للجسد ، وهو بهذا الإجهاض لم يمت ، والاعتداء عليه قبل نفخ الروح لعذر شرعي من أجل سلامة أمه من الخطر على حياتها مبرر شرعي يتحقق به سلامتها قبل أن يكون اعتداء على حياته لأنه لا يكون حياً والحالة تلك ، فهو علقة دم أو مضغة لحم  لا روح فيها . ولكن الإشكال فيمن نفخت فيه الروح من الأجنة وقرر الأطباء أنه إذا لم يجهض فإنه يشكل خطرًا  محققاً أو غالباً على حياة الأم ، فهنا للعلماء وجهتان :
الوجهة الأولى : عدم جواز إجهاضه والحالة تلك ، للأسباب التالية :
١ - أنه لا يجوز قتل نفس من أجل استبقاء أخرى ، ولهذا إذا قتل إنسان إنسانا ً مسلماً معصوماً لعلمه أنه إذا لم يقتله قُتِل ، فإنه لا يكون عذرًا في قتله، وذلك لأن استبقاء روحه ليس أولى من استبقاء روح غيره.

فإن قيل : إن هلاك الجنين أولى من هلاك أمه ، لأن ضمان الجنين في قتل الخطأ : عبد أو أمه، وضمان أمه : خمسين من الإبل في قتل الخطأ، ونصف ذلك إذا كانت أمه أو قيمتها - على الخلاف - .

فالجواب : أن اختلاف الضمان في قتل الخطأ لا يعني عدم عصمة النفس، فكما لا يجوز قتل الحر ، فلا يجوز قتل العبد مع اختلاف ديتهما في حال الخطأ.

فإن قيل : حياة الأم مستقرة ، وحياة الجنين الذي نفخت فيه الروح لم تستقر بعد، بدليل حديث( إذا هل الجنين صارخاً ورث) فإذا خرج ميتاً  لا ميراث له .

فالجواب : أن تعليق ميراث الجنين بخروجه حياً  لا يعني عدم عصمته  في  حال حياته في بطن أمه ، بدليل ضمانه لمن اعتدى عليه وهو بطن أمه ، وعدم وجوب القود على من اعتداء عليه في بطن أمه لا ينفي عصمته مع اختلاف الضمان في كل .
فالحياة فيهما مستقرة : وهي بدن وروح في كل - من الجنين والأم - واختلاف الضمان لا يعني هدر من كان في الضمان أقل ، كما هو الشأن في قتل المرأة بالرجل ، فالدية فيهما مختلفة ، والنفس لهما معصومة .

فإن قيل : إن إجهاض الجنين مفسدة ، وهلاك أمه مفسدة ، وإذا غلب على الظن أنه لا حياة للأم إلا بإجهاض يسبب موته، فحياة الأم مقدمة ، لكونها سبب في حياته، فلا يكون سببًا لموتها ، ولان مفسدة موتها أعظم من مفسدة موته .

فالجواب :  أن سبب الإيجاد لا يعني أولوية البقاء ، فقد يكون العكس هو الصحيح ، فإن الأعم الأغلب طول حياة الجنين أكثر من أمه .
ولأن قتل الآدمي للنفس المعصومة محرم ومن كبائر الذنوب، وكون المعصوم يموت بلا سبب من الآدمي ، لا ذنب عليه ، وبلغ أجله الذي كتبه الله عليه، بلا اعتداء في إزهاق نفس معصومة ، فالأم والجنين الذي نفخت في الروح كلاهما معصوم الدم ، فلا يجوز أن نتدخل في إزهاق روح واحد منهما لاستبقاء روح الآخر ، فإذا زهقت روحهما أو أحدهما بلا تدخل من آدمي ، فلا إثم ولا ضمان . 
ولأن الموت علمه عند ربي في كتاب ، فلا يتقدم ولا يتأخر ، فلا يفعل المتحقق من إزهاق النفس المعصومة من أجل أمر متوهم لنا لا ندري أيكون أم لا .
وهذا هو اختيار شيخنا العثيمين رحمه ربي رحمك واسعة .

وذهب جمع من العلماء : إلى جواز إجهاض الجنين والحالة تلك ، وهو اختيار شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى ، وبه أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية ، لدرء المفسدة الكبرى بارتكاب أصغرهما ، ولان مصلحة بقاء الأم أعظم من مصلحة بقاء الجنين ، ولأن حياة الأم متحققة ، وحياة الجنين لم تستقر بخروجه حياً.

وقد سبق الجواب عن هذا كله ، وعليه: فالذي يترجح هو القول الأول ، والله تعالى أعلم .

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت