السعي في بيع العربون لا يثبت عند عدم إتمام البيع :
———-
صورة المسألة : اشترى زيد من عمرو داراً ، ودفع ألف ريال، على أن له ثلاثة أيام إن أتى بباقي الثمن ، تم البيع ، وإلا فإن الألف تكون لعمرو ، نظير تفويت فرصة البيع على غيره، ولما لحقه من أضرار حسية ، ولكن الساعي بينهما بأجر ، هل يستحق شيئاً مقابل سعيه، إذا لم يتم البيع أم لا ؟.
—-
يحتمل أن الساعي له نصيب من المال ، فيأخذ المشروط أو المتعارف عليه في السعي، من المبلغ المدفوع في العربون ، ففي هذه الصورة يأخذ من الألف اثنان ونصف في المائة وهو خمسة وعشرون ريالاً.وباقي الألف يأخذه البائع .
فإن قيل : إن البيع لم يتم ، لأن عقد العربون البيع فيه معلق بعدم الفسخ في المدة المحددة، فإذا فسخ المشتري البيع لم تتم الصفقة فلا يستحق الساعي شيئاً.
فالجواب : أن البيع تم جزء منه، فالبائع أخذ جزءاً من الثمن عن طريق الساعي، فيكون له من السعي بمقدار ما تم فيه العربون .
فبيع العربون إذا تم البيع أخذ الساعي بينهما سعيه كاملاً، وإذا لم يتم مطلقاً، كأن يقول لي الخيار في الرفض ثلاثة أيام ، فرفض في تلك المدة لم يستحق شيئاً، فإذا تم في جزء من المبيع أخذ من السعي بمقدار ما تم بيعه.
فإن قيل : إن القول بأن في بيع العربون إتمام لجزء من البيع غير صحيح، لأن المشتري لم يحصل على جزء من المبيع، بل فسخ مطلقاً، والعربون المدفوع إنما هو من أجل الضرر الحسي الحاصل للبائع، فلا يأخذ الساعي شيئاً منه، ( فبأي حق تستحل ماله) فالبيع لم يتم أصلاً، والفسخ حصل بالشرط، والعربون ليس في مقابل جزء من المبيع حتى يأخذ الساعي في مقابلة سعيه بقسط ما تم بيعه .
وإنما السعي في مقابلة البيع ، والبيع لم يتم بفسخ بيع العربون.
-وأما إذا تم البيع استحق الساعي بينهما السعي، فإذا أقال البائع المشتري لم يسقط حق الساعي إلا بإسقاطه.
وكذا لو تم البيع ثم أبرأ البائع المشتري المبيع هبة، لم يسقط حق الساعي إلا بإسقاطه، لأن البيع تم بطريق المعاوضة فثبت للساعي سعيه، وكون الهبة تمت بعد عقد المعاوضة ثبت حق الساعي ، ولم تسقطه الهبة التي حدثت بعد عقد المعاوضة، والقاعدة : العبرة بالمنظور لا بالمنتظر -.
وبناء على ذلك : لا يستحق الساعي شيئاً من السعي عند عدم إتمام البيع، لان البيع لم يتم كاملاً، ولا جزءاً منه حتى حتى يأخذ مقابل ذلك الجزء الذي تم بيعه، والعربون إنما هو في مقابلة ما حصل للبائع من الضرر عند عدم إتمام بيع العربون .
تنبيه : من لم يجز بيع العربون، يسقط الشرط ويلزم طرفي العقد بالإتمام، ويثبت حق الساعي كاملاً، وقد سبق بيان حكم بيع العربان سابقاً، والله تعالى أعلم .
كتبه : د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق