حكم حقوق الطبع محفوظة:
حكم إعادة نسخ الكتاب من غير إذن مؤلفه :
———-
تحميل الكتب والاستفادة منها بدون اتجار ، فيه نفع للأنسان ، بدون ضرر.
والقاعدة : ما فيه نفع للنفس بدون ضرر على الغير ، لا يجوز للغير منعه منه- وقد سبقت في القواعد - .
لحديث أبي هريرة - مرفوعاً- ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره).
فإن فرض تضرر المؤلف أو المصنف بذلك ، لكون القاريء يحصل على المعلومة من كتابه دون أن يدفع ثمنها له ، أو يحصل على المعلومة دون أن يشتري الكتاب، فإنه يتضرر بالاستفادة من كتابه دون الحصول على الربح من عدم شراء الكتاب.
فالجواب : أن هذا الضرر لا عبرة به، للأسباب التالية :
١ - أن المنقول له حكم القول.
فلو سمع منه فائدة فنقلها عنه بدون حصول عوض عليها لكان جائزاً، ولو نقلها بدون عزو إليه لكان جائزاً.
٢ - القاعدة : أن المكتوب له حكم المقول، فما ثبت في القول يثبت بالكتابة.
ككتابة الطلاق له حكم قول الطلاق.
٣ - لو تضرر بعدم نسبة القول لقائله- كعدم معرفة قدر علمه، أو فوات منفعة مادية بعدم نسبة القول إليه ، لم تعتبر لها قيمة شرعية ، لأنها قيمة معنوية لا حسية.
٤ - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتبر قيمة تدنيس الفراش من الزاني، أو إساءة السمعة للزوج عند حصول الزنا، كما جاء في الصحيح : حيث قال الرجل : يا رسول الله : إن ابني هذا كان أجيراً عند هذا فزنا بامرأته، وإني سمعت أن على ابني الرجم ففتديت ابني بمائة شاة ووليدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( المائة شاة والوليدة رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغدو يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها).
٥ - ذهب جماهير العلماء إلى عدم جواز أخذ العوض على إسقاط الشفعة، أو أخذ العوض على إسقاط عقوبة الجلد في القذف. وقد سبق تقرير عدم جواز أخذ العوض على الحقوق المعنوية .
٦ - فرق بين المنفعة والانتفاع، فإذا ترتب على ذلك تفويت منفعة فله أخذ العوض عليها، وإذا ترتب على ذلك تفويت انتفاع، لا يجوز أخذ عوض على تفويت الانتفاع.
وقد سبق في القواعد : أن المنفعة مملوكة ، والانتفاع غير مملوك .
فطبع كتاب للغير، يتضرر بطبعه بدون إذنه، لا يجوز أخذ عوض على ضرره ، لأنه انتفاع وليس بمنفعة ، والثاني اخذ عوض طباعته ونسخه وتوزيعه، والعلم الذي أخذه من الكتاب الأول : انتفاع وليس بمنفعة .
ولكن هل يستحق الإثم لحصول الضرر للأول ، يحتمل احتمالين :
الأول : يستحق الإثم ، لحصول ضرر الأول ، وفي الحديث :( لا ضرر ولا ضرار ).
وقياساً على بيع المسلم على بيع أخيه، وسومه على سوم أخيه.
والاحتمال الثاني : لا يستحق الإثم، لما فيه من مصلحة نشر العلم مصلحة تفوق مصلحة الاحتكار ، وفي الحديث( لا يحتكر إلا خاطيء) والمحتكر : هو الذي يحبس السلعة إرادة الغلاء، وهذا يشبه هذا، لأن في عدم نشره احتكار لرفع سعر كتابه، فرفعه بسبب الاحتكار غالباً أكثر من سعر السوق، فيما إذا نسخ الكتاب وبيع بنسخة غير أصلية .
ولأن المعلومات في الكتاب ، سواء كانت دينية أو دنيوية ، ليست مملوكة للمصنف له، فالبيع للكتاب إنما كان لما فيه من عوض مادي - من أوراق ونحوها ، لا لكون العوض على المعلومات الموجودة فيه ، فهو ليس مالكاً لها ، وهذا في نظري أقرب، والله تعالى أعلم .
كتبه / د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق