إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأحد، 11 أبريل 2021

حكم الشعبنة // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


 حكم الشعبنة:

———

وهي إحداث مناسبة في شعبان بمناسبة قرب رمضان، فمنهم من يقصد قرب ترك الوجبات النهارية، ومنهم من يقصد إعطاء النفس شيئاً من حظوظ النفس قبل أن تفطم عن الشهوات بصيام رمضان، ومنهم من يتخذها مجرد عادة بإحداث مناسبة فرح واجتماع وتقديم شيء من الحلوى وأنواع الطعام، وما يصاحبه أحيانا في الجانب النسائي من معازف.

———-

(الخلاصة: كون الشعبنة: بدعة ولا أصل لها في الإسلام).

————-

ذهب جمع من أهل العلم: أن هذا من قبيل العادات لا العبادات، فيكون الأصل في ذلك الحل، لقوله تعالى: (قل من حرم زينة التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من أعظم المسلمين جرماً يوم القيامة من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته).


والجواب عن ذلك: أن دليل الاستصحاب أضعف الأدلة، لا يفتى به حتى يبحث عن بقية الأدلة، قال ابن تيمية في الفتاوى (23/15): 

"التمسك بمجرد استصحاب حال العدم أضعف الأدلة مطلقاً، وأدنى دليل يرجح عليه... ولا يجوز الإخبار بانتفاء الأشياء وعدم وجودها بمجرد هذا الاستصحاب من غير استدلال بما يقتضي عدمها، ومن فعل ذلك كان كاذباً، متكلماً بغير علم...فعدم علمه ليس علماً بالعدم... وما دل على الإثبات من أنواع الأدلة فهو راجح على مجرد استصحاب النفي".


و قال أيضا رحمه الله في الفتاوى (21/314):

"عدم الفعل إنما هو دليل واحد من الأدلة الشرعية، وهو أضعف من القول باتفاق العلماء، وسائر الأدلة من أقواله -كأمره ونهيه وإذنه- ومن قول الله تعالى هي أقوى وأكبر...فنفي الحكم بالاستحباب لانتفاء دليل معين من غير تأمل باقي الأدلة خطأ عظيم".


والقول الثاني: أنها بدعة، فإذا كان فيها محاذير أخرى من معازف في غير أوقات الأفراح وغيرها ازداد التحريم وعظم.

وذلك للأسباب التالية:


١- أن الشعبنة: هي احتفال سنوي بمناسبة قبل الشروع في رمضان، فيكون ذلك من أنواع الأعياد غير الشرعية.


والقاعدة: كل احتفال أو اجتماع أو عمل من أجل ذكرى مناسبة ماضية، دينية أو دنيوية فهو بدعة إلا ما دلّ الدليل على تخصيصه.


فلا يستثنى من ذلك إلا الأعياد الشرعية وهي عيد الفطر وعيد الأضحى فقط.

لقوله صلى الله عليه وسلم: (يوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق عيدنا أيها المسلمون) 

وأما لفظ: (يوم عرفة) بدل لفظ: (يوم الفطر) فشاذ والمحفوظ: (يوم  الفطر). 


ولمّا قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وللأنصار يومان  يلعبان فيهما فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد أبدلكما الله بخير منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى).

فقال: لهما يومان يلعبان فيهما. ولم يقل: يتنسكان ويتقرّبان فيهما.

وأما ما كان بسبب مناسبة حادثة فهذا لا حرج فيه، فمن تزوج أو اشترى سيارة أو تخرج من كلية أو جامعة أو ولد له مولود أو شُفي أو نحو ذلك فأحدث مناسبة جاز، ولكن إذا كرر مناسبة لذكرى زواج أو شراء سيارة أو تخرج أو ميلاد ونحو ذلك، كان تكرار تلك المناسبة بدعة.

لأن العيد: اسم لما يعود من الإجتماع على وجه معتاد.

قال ابن فارس: العيد:  كل يوم مجمع، واشتقاقه، قد ذكره الخليل من عاد يعود، كأنهم عادوا إليه، ويمكن أن يُقال:  لأنه يعود كل عام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (٥/٢): (العيد: اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان لهم فيه اجتماع، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة، فليس النهي عن خصوص أعيادهم، بل  كل ما يُعظمونه من الأوقات والأمكنة التي لا أصل لها في دين الإسلام).

وعلى هذا فكل زمان أو مكان  يعظمه المشركون فتعظيمنا له حرام، إلا ما دلّ الدليل عليه كيوم عاشوراء -ويكون بحسب ما ورد به الشرع كصيامه-.

فقد روى أبو داود وغيره بسند صحيح كما قال الحافظ في البلوغ، عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: نذر رجلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله. فقال: (هل كان فيها وثن يُعبد ؟)قال: لا. قال: (فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟) فقال: لا. فقال: (أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا في قطيعة رحم، ولا فيما لا يملك العبد).

(فهل كان فيها عيد من أعيادهم): يدل على تحريم مشاركتهم بالذبح أو الأكل في أعيادهم، ويقاس على ذلك كل مشاركة لهم في أعيادهم، لكونها باطلة شرعاً.

وعلى هذا فلا يجوز المشاركة في الأعياد البدعية، أو أعياد المشركين، أو مبادلتهم التهاني أو الإهداء أو البيع لهم مما يجعلونه في هذه المناسبة كالزهور والحلويات والمأكولات، لأن هذا من المشاركة لهم، وإعانتهم والرضا بأعيادهم البدعية.

والمعين كالفاعل -كما سبق تقريره-.


والشعبنة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، بل هدي النبي صلى الله عليه وسلم الإكثار من الصيام في شعبان، كما سبق في حكم صيام شهر شعبان كاملاً.


* فإن قيل: هذا الاحتفال بمناسبة حادثة، وهو وجود شعبان لهذا العام.


فالجواب: أنه بمناسبة قرب رمضان في شهر شعبان الذي يتكرر في كل عام، فيكون بذلك تشبهاً بالعيد الذي يتكرر في كل عام.


٢- ما يصاحب هذه الشعبنة من محاذير أخرى، من التشبه بالصوفية، أو مصاحبتها لآلات اللهو والطرب في غير أوقات الأفراح، أو الإسراف والتبذير أو الاختلاط المحرم أو نحو ذلك حسب اختلاف المجتمعات.


٣- وإذا كان المقصود منها هو إعطاء النفس حظاً من الشهوات المحرمة قبل رمضان، كانت وسيلة لأمر محرم، والقاعدة: الوسائل لها أحكام المقاصد.


وبناء ذلك يتقرر كون الشعبنة من البدع التي ورد النهي عنها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي الحديث: (وكل بدعة ضلالة)،

وهو رأي شيخنا العثيمين رحمه الله رحمة واسعة.

والله تعالى أعلم.


كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت