——————-
الجهر بما يكون سراً في الصلاة، خلاف السنة ولا يصل إلى حد البدعة والتحريم، وكذا عكسه، كأن يسر بما يستحب فيه الجهر.
والقاعدة: لا يلزم من ترك المسنون الوقوع في المكروه -كما تقدمت في القواعد- فضلاً عن وصولها إلى التحريم أو التبديع.
وقد يكون المفضول فاضلاً لمصلحة بيان التشريع، أو للمصلحة الراجحة.
والقاعدة: إن الفعل المفعول لبيان الجواز قد يكون أفضل بذلك الاعتبار، وإن كان غيره أفضل منه باعتبار ذاته -وقد تقدم بيانها في القواعد-.
ولا تكون القراءة والذكر قراءة ولا ذكراً إلا بالتلفظ بها، خلافاً للأشاعرة ونحوهم الذين يرون أن الكلام نفسي، وقد شدد بعض الفقهاء في ذلك فقالوا بشرط أن يسمع نفسه في الأحوال العادية، والأصح: أن الشرط في اعتبارها هو التلفظ بها، سواء أسمع نفسه أم لا.
فسماع اللفظ شرط زائد عن التلفظ بالشيء، فإذا أسمع نفسه أو من حوله، أتى بوصف زائد عن التلفظ به، فصح لوجود اللفظ وزيادة، ويجب عليه أن لا يؤذي من حوله بالتشويش عليه وهو يصلي.
اللهم ما كانت مصلحته أعظم من مفسدته، وقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يجهر بدعاء الاستفتاح.
ومما يدل على أن الجهر بما يسر به جائز، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمعهم الآية أو الآيتين في الصلاة السرية، كما في حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليَيْن بفاتحة الكتاب وسورتين، ويُسمِعنا الآية أحيانًا، ويطول الركعة الأولى، ويقرأ في الأخريَيْن بفاتحة الكتاب) متفق عليه.
ففيه دليل على جواز الجهر بما حقه السر، والقياس يقتضي عكسه.
والله تعالى أعلم.
كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق