إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 18 مايو 2021

حكم التبرع بالأعضاء قبل الموت أو بعده // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم التبرع بالأعضاء قبل الموت أو  بعده: 

——————

للعلماء رحمهم الله تعالى في ذلك قولان:

القول الاول: يمنع ذلك، للأسباب التالية:


١- حديث: (لا ضرر ولا ضرار) وأي ضرر أعظم من أن يتبرع بأي عضو من أعضاء بدنه لغيره.


٢- ولقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) فكل تبرع يؤدي إلى الهلكة فهو حرام.


٣- ولقوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم) وليس من كرامته بيع أعضائه أو التبرع بها لغيره.


٤- ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كسر عظم الميت ككسره حياً) فإذا كان الإنسان لا يملك أن يأذن لغيره بكسر عطمه حياً، فكذا ميتاً، لأن حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً.


٥- وفي الحديث: (نهى عن المثلة) وقطع أعضاء الإنسان منه مثلة.


٦- ولأن الإنسان لا يملك نفسه، بدليل تحريم أن ينتحر بالإجماع.


والقول الثاني: من أجاز التبرع بها ما لم يكن عليه فيها هلكة أو تنافي كرامته، أو كان ضرره أعظم من مصلحته، وذلك للأسباب التالية:

١- لقوله تعالى: (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي) فدل على أن الإنسان يملك نفسه.

والجواب: أن حذف ما يعلم جائز، والمراد أمر نفسي.

وقد سبق في القواعد: أن المضمر إذا كان معلوما تعين تحديده.


٢- في حديث الذي جامع زوجته في رمضان، قال له صلى الله عليه وسلم: (أعتق رقبة) قال: (يا رسول الله، والله  أصبحت ما أملك إلا رقبتي).

والجواب عنه: أن في بعض الروايات للحديث: (هل تجد رقبة، قال: لا) بدون هذه اللفظة، وعلى فرض ثبوتها فالمراد لا أملك رقبة أو قيمتها اعتقها كفارة، فلا يملك التصرف في رقبة مسترقة حتى يعتقها، ورقبته حرة لا رقيقة.

والقاعدة: إذا تعارض اللفظ والمعنى، قدم المعنى إذا ظهر.


٣- ولأن الرقيق من بني آدم يجوز بيعه كله من سيده، مما يدل على مشروعية بيع الأعضاء لمن يملكها، فإذا جاز في الكل جاز في البعض.


والجواب: أن بيع الرقيق جاز في حال الرق، في بيعه كاملاً لا جزءاً منه، وجوازه في هذه الحال دليل على عدم جواز الأعم.


فالنهي عن الأخص دليل على جواز الأعم.

وذلك أن الأصل هو عدم جواز بيع الإنسان إلا ما دل الدليل على مشروعيته، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قَالَ اللّه: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِه أَجْرَهُ " فالنهي عن بيع الحر يشمل ما إذا كان من نفسه أو من غيره، ويشمل الكل منه والجزء.

ومشروعية بيع العبد كاملاً لا يعني جواز بيع بعضه، لكون ضرر بيع البعض عليه أعظم من ضرر بيعه كاملاً، ولا يقاس الأدنى على الأعلى إلا إذا تحقق معنى الأعلى في الأدنى.


٤-  كما جاز استئجار المرأة لترضع ولدها أو ولد غيرها، جاز تبرع الجزء من الإنسان أو بيعه لغيره.

والجواب: أن قياس المنفصل من الإنسان على المتصل قياس مع الفارق، والضرر في المتصل أعظم من الضرر في المنفصل.


٥- ولأن هذا إحسان وإيثار، فيكون جائزاً.

والجواب: أن الإحسان مع الخلق بذل الخير لهم، وما يكون محرما فإن بذله محرم، ومن التعاون على الإثم والعدوان.


٦- ولقوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).

والجواب: أن إحياء النفس يكون بالمشروع لا بالممنوع، وعلى فرض وجود حال الإضطرار، فأن جواز الشيء في حال الضرورة لا يعني جوازه مطلقاً.


الراجح: عدم الجواز إلا إذا كان الذي يشترى منه العضو غير محترم النفس، فلا بأس.

فإن مهدر الدم وهو الكافر الذي ليس بيننا وبينه عهد ولا ميثاق، أو كان بيننا وبينه عهد وميثاق ولكنه أذن بذلك وأسقط حقه، فلا بأس، ومع كونه مثلة إلا أن مصلحة ذلك أعظم من مفسدته، وحرمته أخف من حرمة المسلم، ولهذا جاء في الحديث: (لا يقتل مسلم بكافر) وفي الحديث الآخر: (والمؤمنون تتكافأ دماؤهم) فتدفع مفسدة من كانت حرمته أعظم بمفسدة من كانت حرمته أقل.

فإن قيل: كيف يجوز الشراء منهم ذلك، مع حرمة البيع.

فالجواب: إنما الظلم يوجب التحريم على الظالم لا على المظلوم.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إني أعطي أحدهم العطية يخرج يتلظاها ناراً، قالوا: يا رسول الله لما تعطهم، قال: يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل).

فكل من له حق عند غيره، لا يمكن أخذه منه إلا بالمال، كان جائز للدافع حرام على الآخذ.

ولأن في تحويل العضو من الكافر للمسلم، إعانة للمسلم على الطاعة، وتسخير العضو في العبادة، بخلاف العكس. 


تنبيه: إذا كان هناك ما ينتفع به المسلم من أعضاء بدن غيره ، حياً أو ميتاً بدون ضرر على المتبرع، ولا عوض، فلا بأس.

لحديث: (لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره) وقد تقدم بيان ذلك في القواعد.

ولهذا يجوز التبرع بالدم لما فيه من منفعة الإنسان ولا ضرر عليه فيه، بدون عوض، فإنه إذا خرج من البدن غهو نجس، والنجس يجوز الانتفاع به، ولا يجوز أخذ العوض عليه.

والله تعالى أعلم.


كتبه/ محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت