حكم المعانقة والمصافحة :
حكم خفض الرؤوس تحية للغير :
——————————————
أ - الانحناء على سبيل العبادة لا يجوز إلا لله تعالى، وذلك أن غاية الذل والخضوع مع كمال المحبة والتعظيم لا تصرف إلا لله الواحد القهار .
وصرف أي نوع من أنواع العبادة شرك أكبر يخرج صاحبه من الإسلام .
ب - الانحناء للمخلوق تحية ، لا يجوز وذلك للأسباب التالية :
١ - لقوله صلى الله عليه وسلم :( لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها) وسجود المرأة لزوجها ليس على سبيل التعبد ، بل على سبيل التحية والاحترام، ومع ذلك نفاه صلى الله عليه وسلم من أن يكون في شريعتنا .
٢ - ولأنه وسيلة للشرك، وكل وسيلة للشرك الأكبر فهو شرك أصغر ، وقيل : الشرك الأصغر : ما سمي في شريعتنا شرك ، وأجمع العلماء على عدم خروج صاحبه من الإسلام .
والشرائع السماوية تختلف في سد باب ذرائع الشرك ، وتتفق على تحريم الشرك الأكبر، بل في شريعتنا : جواز الحلف بالآباء ونحوهم من المخلوقين ، ثم نسخ وحرم الحلف بغير الله تعالى ( من حلف بغير الله فقد أشرك ).
٣ - وروى الترمذي وابن ماجه وفيه " الرجل يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ " قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ) " .
وهذا الحديث حسنه الترمذي والألباني ، وأكثر أهل العلم على تضعيفه .
٤ - ولأنه قد ورد النهي عن القيام كما تفعل الأعاجم بعضها لبعض ، فكيف بالركوع والسجود من باب أولى ، وكذلك ما هو ركوع ناقص ، يدخل في النهي عنه.
٥ - ولأن في فعل ذلك تشبه بفعل أهل الجاهلية والأعاجم من الكفار ، ونحوهم.
والتشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم في عاداتهم وعباداتهم أقل درجاته التحريم - كما سبق في القواعد -.
٦ - ولأن الركوع والسجود يكون لله تعالى فقط لا لغيره سبحانه، والانحناء الذي لا يصل إلى حدهما يشترك معهما في وجود مجرد الانحناء، الذي لا يصرف في شريعتنا إلا لله تعالى، وصرفه لغير الله تعالى احتراماً وتقديراً، وسيلة لحدوث الشرك الأكبر : الذي هو ذلاً وخضوعاً ومحبة وتعظيماً.
ج - وأما المصافحة ، فقد وردت أدلة كثيرة تدل على مشروعيتها واستحبابها.
( جاءكم أهل اليمن وهم أول من جاء بالمصافحة) وفي حديث كعب بن مالك في قصة توبته( فلقيني طلحة فصافحني).
وغير ذلك كثير .
والمعانقة لا بأس بها، ولم يرد في تحديدها من الشارع شيء، والقاعدة : ما لم يحدد في الشرع فالمرجع في تحديده إلى العرف.
والقاعدة : ما لم ترد به سنة ، فالسنة فيه موافقة العادة - وقد تقدم تقرير ذلك في القواعد -.
والقاعدة : الأصل في العادات الحل.
وبناء على ذلك فلا مانع مما تعارف الناس على انعقاد المعانقة بينهم بسببه ، ولا حرج في ذلك .
كتبه : د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق