إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 22 فبراير 2022

حكم رجوع المحال على المحيل عند موت المحال عليه أو تفليسه: // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


 حكم رجوع المحال  على المحيل عند موت المحال عليه أو تفليسه:

————————

يتوجه الرجوع عند عدم تمكن المحال من استيفاء حقه من المحال عليه عند موته.

وهذه رواية عن الإمام أحمد : لا يبرأ المحيل مطلقاً ، فللمحتال الرجوع إن لم يحصل له الوفاء ممن أحيل عليه ، وهو الأقرب، وهو اختيار الشيخ عبدالرحمن السعدي.

للأسباب التالية :

١ - أن عقد الحوالة عقد استيفاء، لا عقد بيع ، فهو من عقود الرفق والإحسان لا من عقود المعاوضة.

وليس من الرفق والإحسان التسبب في فقد حق صاحب الحق من حقه، فإذا تعذر البدل رجع إلى الأصل.


٢ - كون  عقد الحوالة : نقل الحق من ذمة إلى ذمة لا يستلزم عدم الرجوع عند تعذر الاستيفاء لكونه عقد إرفاق لا معاوضة  وبيع، ولهذا يجوز في الحوالة من عدم تقابض ما يجري فيه الربا في عقود المعاوضة.


٣ - ولأن جمهور العلماء - من الحنفية والمالكية والشافعية - لا يرون الوجوب على  المحتال في قبول الحوالة على المليء بل يرون أنها على الاستحباب لكون أصل عقد الحوالة عقد إرفاق لا معاوضة .


٤ - ولأن العقد إذا ترتب عليه غرر  عظيم في عقود المعاوضة كان المظلوم بالخيار بين الفسخ والإمضاء، فمن باب أولى حصول ذلك في عقود الإرفاق والإحسان .

وأي غرر أعظم من رضا المحتال بمن يظن ملاءته ثم يتبين عكسه، أو يعرف ملاءته ثم يموت ويترك غير مليء.


٥ - ولأن نقل الحق  من ذمة إلى ذمة ، معناه : أن صاحب الحق وهو المحتال لا يأخذ حقه مرتين ، بل يأخذه ممن أحيل عليه إن رضي، فإن لم يتمكن رجع على الأصل، فلا يجمع بين البدل والمبدل منه .


٦ - فإن قيل : فلما ندب المحتال إلى إتباع المحال عليه بشرط أن يكون المحال عليه مليئا علم أن الحق يتحول عن المحيل إلى ذمة المحال عليه تحولا يمنع المحتال من الرجوع إلى المحيل إذ لو كان له الرجوع إليه لم يكن لعقد هذا الشرط ضرورة.


فالجواب : أن الحق ينتقل ، ولكن لا يمنع الرجوع عند وجود العذر  من تعسر أخذ الحق أو تعذره، لما تقدم .


٧ - فإن قيل : روى أبو داود والنسائي، بسند صحيح على شرط الشيخين : حديث جابر بن عبدالله قال  :( تُوفِّيَ رَجُلٌ مِنَّا، فغسَّلْناه، وحنَّطْناه، وكفَّنَّاه، ثم أَتَيْنا به رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلنا: تُصلِّي عليه؟ فخَطا خُطًى، ثم قال: أعليه دَينٌ؟ قلنا: دينارانِ، فانصَرَفَ، فتحَمَّلَهما أبو قَتادَةَ، فقال أبو قَتادَةَ: الدِّنيارانِ عليَّ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حَقُّ الغَريمِ، وبَرِئَ منهما الميِّتُ؟ قال: نَعَمْ، فصلَّى عليه).


الشاهد ( حق الغريم وبريء منهما الميت) يدل على أحد معنيين  - :


أ - أن الدين في الحوالة يبرأ  صاحب الدين عند تحمل الغير عنه .

ب - أو يبرأ صاحب الدين عند الاشتراط على من تحمل عنه براءة صاحب الدين .


ويحتمل أن الحديث يحمل علهما جميعاً إذ لا تعارض بحسب وضع واحد .

والقاعدة : النص إذا كان يحتمل أكثر من معنى بحسب وضع واحد ، حمل على جميع تلك المعاني.- كما سبق في القواعد -.


فالجواب عنه من أوجه  : 


١ - أن هذا ليس فيه حوالة، والميت لم ينقل الحق الذي عليه إلى من له عليه حق أو دين ، وإنما فيه التبرع بتحمل دين الغير عنه تحملاً لا رجعة فيه، حتى تبرأ ذمته من الدين،فهو ضمان عن الميت وليس حوالة .


٢ - أن خلوص الميت من الدين وبراءة ذمته من تبعاته ، ودفع العذاب عنه إنما يكون بالقضاء عنه، لا بمجرد تحمل الدين عنه وضمانه له، لحديث( نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ).

وقد أخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة حديث أبي قتادة  أنه قال ( أرأيت إن قد قضيت عنه أتصلي عليه ؟) قال :( إن قضيت عنه بالوفاء صليت عليه) قال : فذهب أبو قتادة فقضى عنه ، فقال : أوفيت ما عليه ؟) قال نعم ، فدعاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه).



وأما في لفظ لأحمد ، من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل - وفي حفظه ضعف - زيادة :( ما فعل الديناران ؟) فقال : إنما مات أمس، قال فعاد إليه من الغد ، فقال : قد قضيتهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الآن بردت عليه جلده ).


٣ - أن جمهور العلماء على أن من ضمن ديناً عن الميت فإنه يلزمه قضاؤه ، وليس له أن يرجع عن هذا الضمان ، استدلالً باللفظ الأول من حديث أبي قتادة .

والجواب عنه : أن اللفظ الثاني من حديث أبي قتادة يوضح المراد ، وهو الوفاء بعد الالتزام بالوفاء.


وإنما هو ضمان لدين الميت فإن قضاءه تبرعاً ليس له أن يرجع، وإن قضاءه بنية الرجوع رجع على تركة الميت إن ترك وفاء، وإن لم يترك وفاءاً رجع به على بيت مال المسلمين .


وبهذا يتبين رجحان القول بعودة المحتال على المحيل إذا لم يحصل له الوفاء من المحال عليه .



تنبيه : قال أبو حنيفة: يرجع إليه في حالين، إذا مات المحال عليه مفلسا، وإذا جحد الحق وحلف.

وقال أبو يوسف ومحمد: يرجع إليه في هذين الحالين، وفى حالة ثالثة إذا أفلس المحال عليه، وحجر عليه.

وقال الحكم: يرجع عليه في حالة واحدة إذا مات المحال عليه مفلسا، وأيس من الوصول إلى حقه .

خلافاً للجمهور : في أن الحوالة برضى المحتال ، نقل للحق من ذمة إلى ذمة فلا يرجع على المحيل بحال - وقد سبق الجواب عنه -. والله تعالى أعلم .


كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت