إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

السبت، 19 فبراير 2022

حكم صلاة الجمعة لأهل البوادي والمسافرين ومن في حكمهم // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


 حكم صلاة الجمعة لأهل البوادي والمسافرين ومن في حكمهم :

————

١ - تتعين الجمعة على أهل المدن والقرى في حق من تعينت عليه الجماعة ممن يسمع النداء أو في حكم من يسمع النداء، وذلك قياساً على من تلزمه الجماعة، 

ممن لا يخشى الضرر . وما عدا ذلك لا يكون في حقهم لازماً .


وعلى المذهب : أهل البلد تلزمهم، 

لأن الأصل أن الجمعة لا تكن في البلدة الواحدة إلا في مسجد واحد ، وإنما تتعدد بحسب الحاجة .

قال المرداوي في "الإنصاف" : " محل الخلاف في التقدير بالفرسخ ، أو إمكان سماع النداء ، أو سماعه ، أو ذهابهم ورجوعهم في يومهم : إنما هو في المقيم بقرية لا يبلغ عددهم ما يشترط في الجمعة ، أو فيمن كان مقيما في الخيام ونحوها ، أو فيمن كان مسافرا دون مسافة قصر ، فمحل الخلاف في هؤلاء وشبههم . أما من هو في البلد التي تقام فيها الجمعة فإنها تلزمه ، ولو كان بينه وبين موضع الجمعة فراسخ ، سواء سمع النداء أو لم يسمعه ، وسواء كان بنيانه متصلا أو متفرقا ، إذا شمله اسم واحد " انتهى.

والذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى : لا تلزم إلا من سمع النداء ، أو في حكم من سمع النداء .

وفي الحديث ( أتسمع النداء) قال : نعم ، قال :( فأجب ).

وقال تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ..) فعلق الحكم على النداء.

إلا من استطاع أن يقيمها في بيته مع وجود الشروط وانتفاء الموانع، فتتعين.


٢ - عدم وجوب الجمعة على أهل البوادي ، - الذين ليسوا في محل إقامة دائمة ، لكونهم لا يجتمعون غالباً، أو لعدم وجود من يخطب بهم ، أو  نحو ذلك من الأعذار ، وعند عدم الاستطاعة على إقامة الجمعة ، أو كان في ذلك مشقة عليهم غير معتادة تسقط الجمعة للعذر ، وتتعين عليهم ظهراً ، وقيل : إن العلة : هي عدم الاستيطان ، وفي ذلك خلاف مشهور ، وهي علة مستنبطة، محتملة  لما سبق .


٣ - تصح الجمعة ممن لا تجب عليه ، كأن يكون مسافراً  لقوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ).

و( الذين ) في الآية : اسم موصول ، وهو من صيغ العموم ، فيشمل المقيم والمسافر ، والصحيح والمريض، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير، والحر والعبد، والعاقل والمجنون، ويخص من الوجوب : الصغير ، والأنثى ، والمسافر ، والعبد، والمريض الذي يتضرر بحضوره من المرض، والمجنون ، بالأدلة التي دلت على عدم وجوبها عليهم ، فإن صلى الجمعة المسافر والمريض والأنثى ، والعبد ، صحت منهم ، وكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة، لا يعني عدم صحتها لمن صلاها من المسافرين، لدخولهم في الآية ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ). 


٤ -ذهب الفقهاء إلى وجوب وصحة صلاة الجمعة في حق المقيمين إقامة دائمة في المدن والقرى وما حولها مما هو متصل بها . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: كل قوم مستوطنين ببناء متقارب لا يطلعون عنه شتاء ولا صيفا؛ تقام فيه الجمعة إذا كان مبنيا بما جرت به عادتهم، من مدر وخشب وقصب وجريد وسقف وغير ذلك، فإن أجزاء البناء ومادته لا تأثير لها في ذلك، إنما الأصل أن يكونوا مستوطنين، ليسوا كأهل الخيام والحلل الذين ينتجعون في الغالب مواقع القطر، وينتقلون في البقاع، وينقلون بيوتهم إذا انتقلوا، وهذا مذهب جمهور العلماء، لكن البدو الذين بضواحي المدن، والقرى إن كانوا قريبين من محل إقامة الجمعة بحيث يسمعون النداء عند عدم المانع لزمتهم صلاة الجمعة مع الناس، أما إن كانوا بعيدين لا يسمعون النداء عند عدم المانع، فإنهم محل تفصيل: فإن كانوا مستوطنين في محلهم لا يظعنون عنه شتاء ولا صيفا: فإنهم تلزمهم إقامة صلاة الجمعة في محلهم، كأهل القرى، وإلا فهم في حكم البادية، لا جمعة عليهم، وإنما عليهم أن يصلوا ظهرا جماعة كسائر الأيام، عند أكثر أهل العلم، وهو مقتضى أدلة الشرع. 


٥ - في حكم أهل البوادي ، كل من لم تكن له محل إقامة دائمة كأهل المزارع  إذا كان بالمزارع التي يعملون بها جماعة مستوطنون : وجبت عليهم صلاة الجمعة تبع أولئك المستوطنين ، ولهم أن يصلوها معهم ، وأن يصلوها مع غيرهم ممن يتيسر لهم صلاة الجمعة معهم ؛ لعموم أدلة وجوبها ووجوب السعي إليها .

وإذا كان من يعملون في هذه المزارع يسمعون أذان الجمعة من قريتهم أو قرية أخرى حول مزارعهم : وجب عليهم السعي لصلاتها مع جماعة المسلمين ؛ لعموم قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) .

وإذا لم يكن بهذه المزارع مستوطنون ، ولم يسمعوا أذان الجمعة من القرى التي حول مزارعهم : لم تجب عليهم الجمعة وصلوا الظهر جماعة .

فإن المدينة كان حولها قبائل ومزارع بالعوالي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر من فيها بالسعي لصلاة الجمعة ، ولو كان لنقل ، فدل ذلك على عدم وجوبها على مثل هؤلاء للمشقة . 


وكذا الشركات  التي بها جمع من البشر ، إذا كانت الشركة التي يعملون بها ليست في بلدة تقام فيها الجمعة ، ولا قريبة منها ، ولم يكن بالشركة مستوطنون تجب عليهم الجمعة : فليس عليهم  صلاة جمعة ، إنما عليهم صلاة الظهر ، وأما إن كانت الشركة في بلدة تقام فيها الجمعة ، أو قريبة منها بحيث يسمعون الأذان ، أو كان معهم مستوطنون بها ممن تجب عليهم الجمعة : فتجب عليكم صلاة الجمعة بالتبع للمستوطنين بالبلدة أو الشركة عند جمع من أهل العلم ، وذلك لكون المسافر ومن في حكمه تجب عليه الجمعة بالتبع، 


والأقرب  عدم وجوبها على المسافر  بالتبع  وإنما يكون على سبيل الأفضلية ، وذلك: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها المسافرين ولا أهل البادية ، ولم يفعلها في أسفاره عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه رضي الله عنهم ، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع صلى الظهر في عرفة يوم الجمعة ، ولم يصل الجمعة ولم يأمر الحجاج بذلك؛ لأنهم في حكم المسافرين .

والله تعالى أعلم .


كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت