في يوم الأحد، الموافق ١٤٤٣/٩/٢ هجرية.
——————————————————
(باب شروط البيع وما نهى عنه):
حديث:[ ابن مسعود رضي الله عنه، أنه سَمِعَ رَسولَ اللَّهِ ﷺ ، يقول: ((إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة، فالقول ما يقول رب السلعة أو يتتاركان)) - رواه الخمسة، وصححه الحاكم-.
١/ قاعدة: كل قرينة تعارض البينة فلا عبرة بها.
٢/ كل قرينة تعارض قرينة أقوى منها لا عبرة بها.
٣/ القرينة معتبرة ما لم تعارض قرينة أو بينة أقوى منها.
- موضعها من الكتاب : قوله:(وليس بينهما بينة)
- العلاقة بينهما: البينة عند الجمهور هي الشهود أو اليمين وكذلك من باب أولى هي الإقرار، والقول الآخر أن البينة هي كل ما أظهر الحق وبينه على أي وجه كان .
ومعنى لاعبرة بها؛ أي لا عبرة بالقرينة الضعيفة مع وجود القوية، ودليل هذه القواعد أنه لما فرق ﷺ بين المتلاعنين قال ﷺ:((لاسبيل لك عليها))، وفرق بينهما، ثم قال:(( أبصروها، فإن جاءت به أبيض سبطاً فهو لزوجها، وإن جاءت به أكحل جعداً فهو للذي رماها به))،فجاءت به على النعت المكروه ، فقال ﷺ:(( لولا ما سبق من كتاب الله لكان لي ولها شأن)).
فلما كانت القرينة وهي الشبه، معارضة لبينة اللعان، فلا عبرة بالقرينة لكون القرينة وهي الشبه معارض للبينة.
٤/ قاعدة: حذف المتعلق مشعر بالعموم.
٥/ ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم من المقال.
- موضعها من الحديث:(إذا اختلف المتبايعان) ولم يذكر في أي شيء اختلفوا في العين أو القدر أو الثمن أو...
- العلاقة بينهما: هنا لم يبن نوع الاختلاف، فإن اختلفوا في عين السلعة كمن يقول بعتك هذه السيارة فيقول لا أنا اشتريت منك السيارة الأخرى، أو في الثمن أو أي شيء آخر، فهي مشعرة بالعموم يعني يشمل جميع ما يحصل الاختلاف فيه.
٦/ قاعدة: كل منكر فالقول قوله.
٧/ كل من كان القول قوله فعليه اليمين.
٨/ البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
٩/ اليمين تكون في جانب أقوى المتداعيين في الدعوى؛ لأن النبي ﷺ قضى بيمين وشاهد.
- موضعها من الحديث:(فالقول ما يقوله رب السلعة)
- العلاقة بينهما: أن هذه القواعد الأربع قد سبق تقريرها حال اختلاف المتبايعان عند حصول الدعوى، فيأخذ بها من يرى بتضعيف هذا الحديث، ومنها قاعدة: إعمال الكلام أولى من إهماله
- فهذه القواعد تقضي على الاختلاف بين المتبايعان، مثالها: لو ادعى البائع أنه باع السلعة بمئة، وقال المشتري با اشتريتها بثمانين، فهنا اتفقا على وقوع البيع واختلفوا في الزيادة فالقول قول المشتري لأنه منكر وعليه اليمين مالم يأتي المدعي ببينة .
- وقد سبق بيانها - في حكم اختلاف المتبايعان-.
-
١٠/ قاعدة الاصل الأقرب مقدم على الأصل الأبعد.
١١// الظاهر مقدم على الأصل.
- موضعها (سبق)
- العلاقة بينهما: في اختلاف البائعان، قد يقول قائل إن تعارض أصلان بقولنا أن المشتري المنكر إذا أنكر مع يمينه فالقول قوله، أن الاتفاق على الثمن الاقل -وهو الثمانون ريال- هو الآصل الأول،
والثاني أن المشتري الأصل أنه لم يخرج السلعة إلا بالثمن الذي يرضاه؟؟
- فالجواب عن ذلك بهذه القاعدة
أن الأصل الأقرب مقدم على الأصل الأبعد.
فالأصل الابعد: وهو أن المشتري لم يخرج السلعة إلا بالمبلغ الذي يوافق عليه، والأصل الأقرب : أن البيع تم بالإيجاب والقبول .وهم اختلفوا على الزيادة.
وهذا ما لم يعارض الظاهر، وهو: أن تكون قيمة هذه السلعة في السوق بمائة ريال، فالعرف هنا هو الذي يقدم على ما يخالف الأصل لأن الظاهر مقدم على الاصل.
فالاصل قول المشتري.
——————————————————
حديث:[ أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ: ((نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن)) -متفق عليه-
١٢/ قاعدة: (ال) الأصل فيها أن تكون للاستغراق فهي تفيد العموم.
- موضعها من الحديث:(نهى عن ثمن الكلب)
- العلاقة بينهما: الألف واللام في كلمة الكلب تفيد شيئا من ثلاثة أمور: إما الاستغراق -وهو الاصل- وإما العهد: عهد ذهني، أو ذكري، أو حضوري. وقد تكون للجنس: كالعرب أفضل من العجم، أي جنس العرب أفضل من جنس العجم.
فثمن الكلب منهي عنه ، سواء كان معلم أو غير معلم ويشمل ما يقتنى وما لا يقتنى.
١٣/ قاعدة: الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في الحكم.
- موضعها من الحديث(سبق)
- العلاقة بينهما: المراد بالكلب هنا هو الكلب المعروف، وقد يطلق على السباع كلاب، لكن الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في الحكم، فالجد يسمى أب ومع ذلك لا يأخذ حكم الاب في الميراث.
١٤/ قاعدة: إنما الظلم يوجب التحريم على الظالم لا على المظلوم.
فمن احتاج كلباً معلماً ولم يجد إلا بشرائه ، جاز له أن يشتريه ، ويكون حلال له الدفع، وحرام على البائع ثمنه.
١٥/ الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
- موضعها من الحديث:(سبق)
- العلاقة بينهما: كما سبق وبينا أنه يحرم ثمن الكلب حتى على الكفار .
لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
١٦/ قاعدة: المعين كالفاعل.
- موضعها من الحديث:( وحلوان كاهن).
- العلاقة بينهما: لما حرم الشارع الكهانة حرم عوضها؛ لأن فيه إعانة على الكهانة، لقوله تعالى:(ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، فمن كان يبيع مباحاً لمشتري يعلم أنه يستعمله في حرام، يحرم عليه بيعه له ؛ لأن المعين كالفاعل، وهذا يرجع فيه إلى اليقين أو غلبة الظن في كونه يستخدمه في حرام .
١٧ - المال المحرم كسبه إذا كان يعود لحق الله تعالى وتاب بعد قبضه : لا يجب عليه أن يتخلص منه، وإذا تاب قبل قبضه لا يحل له أخذه.
كمن تاب من الربا( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف) ( فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون).
١٨ - المال المحرم لكسبه إذا كان يعود لحق المخلوق، فبعد التوبة ما أخذ منه بغير رضاه - كالمغصوب والمسروق - وجب رد الحق لصاحبه.
وما أخذ برضا صاحبه واستوفى عوضه المحرم ، لا يجب رده إليه ، - كمهر الغي بعد التوبة لا يجب رد المال لمن استوفى عوضه المحرم، فلا يجمع له بين العوض والمعوض-، وما لم يستوفي عوضه المحرم، وجب رد عين المال الغير محرم له - كمن أعطاه مائة ليشتري له خمراً، فتاب قبل أن يشتري له الخمر ، وجب رد المائة إلى صاحبها -، والله أعلم .
محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق