حكم الجهر بالقراءة في ركعتي الطواف:
حكم قراءة سورتي الإخلاص والكافرون في ركعتي الطواف:
————-
عنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ بِسُورَتَيِ الْإِخْلَاصِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).
وقراءة هاتين السورتين في ركعتي الطواف مدرجة في حديث جابر ، وليست مرفوعة
فقد روى أبو أويس عبد الله بن عبد الله المديني هذا الحديث بطوله عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر بن عبد الله وفيه كلمات لم يسمعها محمد بن علي من جابر فأدرجت في الحديث .
وكان محمد بن علي يرسل هذه الكلمات عن علي ويقول لم يذكرها جابر بن عبد الله في حديثه
بين ذلك وهيب بن خالد وعبد الملك بن جريج ويحي بن سعيد القطان في روايتهم هذا الحديث عن جعفر بن محمد بن علي
وكان يحيى بن سعيد يدرج في روايته أيضا أحرفا ويجعلها مرفوعة ومنها : وقرأ فيهما ب قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد
وذكر قراءة هاتين السورتين خاصة في هذا الحديث ليس بمرفوع
وإنما هو حكاية جعفر بن محمد عن أبيه كما بينه أبو أويس عن جعفر وكذلك رواه وهيب وابن جرج عن جعفر عن أبيه وقالا لم يذكر ذلك في حديث جابر.
وعلى هذا فإن السنة أن يقرأ ما شاء بعد الفاتحة في ركعتي الطواف ولا يتقيد بهاتين السورتين فيهما.
فإن تقيد بها فيهما فلا بأس ، وذلك لعموم الأدلة الدالة على مشروعية القراءة بعد الفاتحة بشيء من القرآن ، ومنها قوله تعالى ( فاقرأوا ما تيسر منه)
وقد سبق تقرير قاعدة : كل ما توفر سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، فتركه هو السنة، ولكن فعله فيه تفصيل : إن اندرج تحت عموم الأدلة التي تدل على مشروعيته فهو مشروع، وإلا ففعله بدعة.
وهذا الحديث - حديث جابر في قراءة هاتين السورتين - لكان فيه دليل على الجهر بالقراءة فيهما، وبما أنه لم يثبت مرفوعاً، وإنما هو مدرج من كلام أحد الرواة ، والمدرج من أقسام الضعيف، بقي التساؤل عن حكم الجهر بالقراءة في ركعتي الطواف؟
والجواب : أن القياس يقتضي من حيث الأصل الجهر بالقراءة فيهما في الليل، وأن لا يجهر بالقراءة فيهما في النهار.
قياساً على استحباب الجهر بالقراءة في الصلاة المفروضة في الليل، والإسرار بالقراءة بالصلاة النهارية، ما لم يوجد مقتضي يقتضي العكس، كالتشويش على من جاوره ، أو يقصد بذلك تعليم من يراه ويشاهده.
والقاعدة : إن الفعل المفعول لبيان الجواز قد يكون أفضل بذلك الاعتبار ، وإن كان غيره أفضل منه باعتبار ذاته.- وقد تقدمت في القواعد -.
وقياساً على صلاة التراويح والتهجد ليلاً، وهما من النوافل ، ويستحب الجهر فيهما بالقراءة
* فإن قيل : هذا القياس ينتقض بالجهر في صلاة الجمعة وكسوف الشمس وهما نهاريتان.
*
* فالجواب من أوجه :
*
* ١ - أن هذه الصلوات دل الدليل على كونها مستثناة من الأصل لمصلحة راجحة تقتضي ذلك .
*
* ٢ - أن هذه الصلوات يشرع فيها الجهر بالقراءة لمصلحة راجحة في الجهر بهما .
*
* ٣ - على فرض التعارض فإن القياس على الفرائض ونوافلها أولى من القياس على الجمعة والكسوف، لكونها أكثر ،
* والقياس بالأكثر أولى بما هو دونه.
*
* وذلك لأن القاعدة : أن الفرع إذا تردد بين أصلين ألحق بأكثرهما شبهاً.
فإن قيل : إن صلاة الفجر يجهر فيها بالقراءة مع كونها من صلاة النهار.
فالجواب: أن صلاة الفجر تصلى قبل طلوع الشمس، وقد جاء في الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها بغلس) أي في الظلمة.
والقاعدة : العبرة بالمنظور لا بالمنتظر .
فهي من هذه الناحية من صلاة الفرض بالليل . والله أعلم .
كتبه / د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق