حكم قول الرجل لامرأته: أنت الطلاق.
أو قال لها : طلاق، أو قال : زوجتي طلاق.
أو قالت له طلقني ، فقال : طلاق.
———————-
جمهور العلماء يعتبرون ذلك صريحاً في الطلاق ، فيقع به الطلاق وإن لم يقصده، لأن الصريح لا يحتاج إلى نية.
وذلك للأسباب التالية :
1 - لأن لفظة :( طلاق ) مصدر يراد به اسم القاعل ، فيكون طلاق هنا بمعنى طالق .
2 - ولأن لفظة ( طلاق ) مصدر، والأعيان لا توصف بالمصادر إلا مجازا، ، فكأنه قال لها : أنت طالق ، فيقع به الطلاق صريحاً.
3 - قياساً على قوله أنت طالق ربع طلقة ، فتجبر بطلقة ، فاعتبار المصدر ( طلاق) بكونه طلقة أولى من إهماله وإلغائه ، فألحق المصدر ببجزء من الطلقة الواحدة من باب أولى ، وللقاعدة : إعمال الكلام أولى من إهماله .
فقول الزوج لما تلفظ بكلمة ( طلاق ) على زوجته ، إما أن تحمل على طلقة ، لأن المصدر يطلق على اسم الفاعل ، وإما أن لا تلغى ولا تعتبر شيئاً، والإعمال أولى من الإهمال .
4 - ولأن قوله : أنت الطلاق ، من الألفاظ التي يراد بها الطلاق صراحة ، فيكون المراد : أنت طالق .
والقاعدة : حذف ما يعلم جائز .
والصريح من الطلاق هو اللفظ الذي لا يحتمل غير الطلاق.
وهذا ما ذهب إليه الحنفية والمالكية والحنابلة على أن المصدر ( طلاق ) صريح في الطلاق إذا وجهه الزوج لزوجته .
والقول الثاني : وهو قول الشافعية أن المصدر :( طلاق ) كناية وليس صريحاً في الطلاق ، فإن نوى به الطلاق فهو طلاق، وإن لم ينوه لم يقع شيئاً، وهو الأقرب في نظري والعلم عند الله تعالى ، وذلك لأن لفظ :( طلاق ) يحتمل أكثر من معنى ، فأحياناً يطلق ويراد به الطلاق يلزمني أي في المستقبل فلا يقع الطلاق به إلا إذا كرره، فيكون حينئذ وعداً بالطلاق في المستقبل لا طلاقاً ناجزاً، وأحياناً يطلقه الزوج ولا يريد به الطلاق وإنما إيهاماً لزوجته أنه طلقها وهو لا يريد طلاقها بنفس اللفظ، وإنما يذكر المصدر أمامها حتى تفهم الطلاق وهو لا يريد به سوى ذكر المصدر ، لا الإيقاع به ولم ينوه .
وأحياناً يقصد به الحلف بالطلاق ، يعني والطلاق .
فلا يكن طلاقاً، والحلف بالطلاق حلف بحكم من أحكام الله تعالى، وأحكام الله تعالى من كلامه، وكلامه من صفاته .
والقاعدة : يجوز الحلف بأسماء الله وصفاته وأحكامه .
- وقد تقدم تقريرها في القواعد -.
فلما كان هذا اللفظ الذي هو المصدر من الطلاق:(. طلاق) يحتمل أكثر من معنى كان منألفاظ الكناية .
فإذا كان في لغة المتكلم وعرفهم يعتبر صريحاً، بحيث لا يطلقون هذا اللفظ وإلا ويراد به الطلاق ، فهو صريح، وإلا فهو كناية ، وبهذا يتبين الجواب عن أدلة أصحاب القول ، وهو فيما كان في مجتمع لا يطلقون المصدر إلا ويريدون به اسم الفاعل ، فهو صريح عندهم ، وكناية عند من يحتمل عندهم أكثر من معنى ، والله أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق