حكم رمي من ظاهرها الفجور بالزنا // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.

 

حكم رمي من ظاهرها الفجور بالزنا ؟

————

صورة المسألة : فمثلاً: قذف المشهورات في تويتر

تعلم أن قذف المومنة المحصنة الغافلة من الكبائر كما في الحديث

لكن امرأة مشهورة وتخرج في السناب و تخلع الحجاب و ترسل ايحاءات فما حكم قذفها و اتهامها في عرضها

هل تهتكها يجيز قذفها ام أن ذلك كبيرة

وما حكم من قذفها هل يعزر1 - .

__________________________

يتضح الجواب في النقاط التالية :-

1 - لا يجوز قذف المسلم الغير معروف بالزنا ، ولم يجاهر به أو يعلنه أو يثبت عليه بالبينة الشرعية ، لقوله تعالى :( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون).

2 - من أقر بالزنا وأعلن به أو جاهر به ، يجوز رميه بالزنا للمصلحة الدينية أو الدنيوية ، كعدم تغرير الناس به، وتحذيرهم من شره ، والقاعدة : ذكر الرجل بما يكرهه للحاجة يجوز - وقد تقدم تقريرها بالأدلة في القواعد -.

ورمي الفاسق بالزنا لغير مصلحة لا يجوز ، وقد يدخل في قوله تعالى :( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب …).

وقد سبق بيان ذلك في حكم غيبة الفاسق.

3 - من كان فاسقا من المسلمين بغير الزنا ، لا يجوز قذفه بالزنا ، لأن قيد المحصنات في الآية يراد به : العقيفات عن الزنا . 

والمحصن في القرآن يطلق ويراد به عدة معان، منها العفيفات عن الزنا، ومنها: ذوات الأزواج، مثل قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾

ومنها الحرائر ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ أي الحرائر ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ 

ويحدد المراد الدليل أو القرينة كالسياق .

4 - الكافر أو الكافرة ممن لهم عهد أو ميثاق ، لا يجوز رميهم بالزنا إذا كانوا عفيفين عنه ، ويعتبر ذلك من الصغائر لا الكبائر ، ولا يجب على القاذف حد القذف والحالة تلك .

بخلاف الكافر الذي ليس بيننا وبينه عهد ولا ميثاق، فهو حلال الدم والعرض والمال.

5 - الْعِفَّةُ عَنِ الزِّنَى: مَعْنَى الْعِفَّةِ عَنِ الزِّنَى أَلاَّ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ وَطِئَ فِي عُمْرِهِ وَطْئًا حَرَامًا فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلاَ نِكَاحٍ أَصْلاً، وَلاَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَسَادًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَل شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ سَقَطَتْ عِفَّتُهُ .


والإمام أحْمَدُ يَكْتَفِي بِالْعِفَّةِ الظَّاهِرَةِ عَنِ الزِّنَى ، فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ الزِّنَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، وَمَنْ لَمْ يُحَدَّ لِلزِّنَا : فَهُوَ عَفِيفٌ ، وهو الظاهر،

6 - الأصل في المسلم العفة، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بدليل - وهو البينة - أو ظاهر .

والقاعدة : إذا تعارض الأصل والظاهر قدم الظاهر على الأصح ، وقد تقدم تقرير هذه القاعدة بأدلتها في القواعد .

وبناء على ذلك إذا وجدت القرائن القوية التي تنقل المسلم من الأصل إلى الظاهر وهي عدم العفة ، فلا يقام الحد على من قذف من ظاهره عدم العفة .

لأن البينة هي كل ما أوضح الحق وبينه على أي وجه كان .

والقاعدة : الاستدلال بالعلامة والحكم بما دلت عليه مقرر في الشرع والعقل- وقد تقدم بيانها في القواعد -.

والقاعدة : يعامل الإنسان معاملة الظاهر .

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل المنافقين معاملة الظاهر ، ويكل سرائرهم إلى الله تعالى .

ولهذا يعامل من ظاهره الفسوق بالفسق، ويحكم عليه بأنه فاسق.

ويعامل من ظاهره الإيمان بأنه مؤمن .

ويعامل من كان ظاهره الفجور ، بأنه فاجر .

ومن ظاهره الفقر أنه فقير ، ومن ظاهره أنه غني بأنه غني لا يجوز دفع الزكاة له .

ومن ظاهره عدم العفة أنه ليس بعفيف .

 والله أعلم .

محمد بن سعد الهليل العصيمي.