إذا برأ المنوب عنه قي الحج قبل فراغ النائب :
————————
قيل : يعيد المنوب عنه الحج ، لأن المنوب عنه قد فرغ قبل فراغ النائب ، كما لو وجد الماء أثناء الصلاة ، فإنه يجب عليه أن يقضيها ، لقوله صلى الله عليه وسلم :( فإذا وجد الماء فليق الله وليمسه بشرته ).
ومال إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-.
والجواب عنه : قاعدة الفرق بين انتفاء الشرط، ووجود المانع، فالصبي إذا بلغ وسط نهار رمضان أمسك وصح صومه، لكون البلوغ شرط وجوب ، بخلاف المرأة إذا حاضت قبل غروب الشمس بلحظة فسد صومها ووجب عليها القضاء، وذلك لوجود المانع .
فكذلك وجود الماء قبل تمام الصلاة ، لم تصح على الأصح لوجود المانع ، بخلاف ما إذا بريء المنوب عنه قبل فراغ النائب ، فإن هذا في الشرط ، لا في وجود المانع .
- وقد سبق تقرير قاعدة الفرق بين انتفاء الشط ، ووجود المانع ، في كتاب القواعد الفقهية والأصولية -.
القول الثانيي : إذا برأ المنوب عنه قبل فراغ النائب ، يخرج بذلك من العهدة ، لأنه قد تلبس النائب بما أمر به ، بحسب إذن الشارع ، فخرج به من العهدة ، وهذا في نظري أقرب ، للأسباب التالية .
1 - قياساً على من شرع في الصلاة الثانية في حال الجمع عند وجود العذر، ثم انقطع العذر قبل تمام الثانية ، لا يبطلها فكذلك ههنا.
وهو أقرب من القياس الأول، لكونهما في الصلاة، والأول أحدهما في الصلاة والآخر في الوضوء والتيمم.
والقاعدة : القياس في الباب أولى من القياس في خارج الباب.
2 - القاعدة : العبرة بالمنظور لا بالمنتظر، وهو عند النيابة كان لا يستطيع الحج .
3 - ولأنه فعل ما أمر به بحسب استطاعته، والقاعدة : كل من فعل ما أمر به بحسب استطاعته فلا إعادة عليه.
4 - ولأن في وجوب إعادة الحج عنه لمن لم يحج حجة الإسلام ، إلزام له بحجتين ،
والقاعدة : لازم المذهب ليس بمذهب، ولكنه يدل على بطلان المذهب.
ولما دخل النائب في الحج لزمه الإتمام ، فإلزام المسنيب بالإعادة يلزم منه الحج مرتين .
5 - ولأنه عند استنابته لغيره قبل أن يبرأ ، فعل ما يجوز ، ولم يترك ما وجب .
والقاعدة : كل فعل ما يجوز ، ولم يترك ما وجب فلا ضمان عليه .
وهي قاعدة : كل من لم يترك ما وجب، ولم يفعل ما لا يجوز ، فلا ضمان عليه .
والله أعلم .
كتبه :أ. د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق