إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 13 سبتمبر 2017

العلة في تحريم النرد // لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


العلة في تحريم النرد 
    وحكم لعب البلوت والشطرنج والشيش :

لعب النرد والبلوت والشطرنج  على البالغ العاقل محرم ، ولا يجوز .

كل لعبة تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتوقع في العداوة والبغضاءغالباً فهي حرام .
وكل ذلك قياساً على النرد.

والنردِ  عرفه صاحبُ " المعجم الوسيط " (2/912) فقال : " النردُ لعبةٌ ذاتُ صندوقِ وحجارةٍ وفصين تعتمدُ على الحظِ ، وتنقلُ فيها الحجارةُ على حسبِ ما يأتي به الفصُ " الزهرُ " وتعرفُ عند العامةِ بالطاولةِ " .ا.هـ. 

وقال ابن منظور في " لسان العرب " (3/421) : " النردُ معروفٌ : شيءٌ يلعبُ به ، فارسي معرب ، وليس بعربي ، وهو النردشير ، فالنردُ اسمٌ عجمي معربٌ ، وشير بمعنى حلو " .ا.هـ. 

وقال الزبيدي في " تاج العروس " (9/219) : " يقالُ : " النردشير " ، إضافةً إلى واضعهِ أرد شير بن بابك من ملوكِ الفرسِ ، وقوله : " شير بمعنى حلو " وهمٌ ، فالحلو شيرين كما هو معروفٌ عندهم " .ا.هـ. 

وفِي القاموس الفقهي : النرد: لعبة ذات صندوق وحجارة وفصين تعتمد على الحظ، وتنتقل فيها الحجارة على حسب ما يأتي به الفص - الزهر - وتعرف عند العامة بالطاولة.

وعرفها علي حسين يونس في " الألعاب الرياضية ... أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي " ( ص 252) فقال : " لعبةٌ ذاتُ صندوقٍ وحجارةٍ وفصين " مكعبين صغيرين " تعتمدُ على الحظِ ، وتنقل فيها الحجارةُ على حسبِ ما يأتي به الفصُ ، وهي المعروفةُ في أيامنا بـ " طاولة الزهر " . 

ويقالُ لها " الطبلُ " و " الكعابُ " و " الأرنُ " و " النردشير " و " الكوبةُ " . 
@ قيل: هو الزهر.

وقيل : هو قطعة قماش تقسم ١٢ قسم بحسب عدد شهور السنة وكل قسم يقسم ٣٠ قسم بعدد أيام الشهر ويتحرك الذي يلعبه برمي المكعبات وفيها معتقد فارسي ينكر القدر وأن الحياة تقوم على الحظ. وسبب التحريم والله أعلم ليس وجود المكعبات بل اللعبة كاملة لمافيها من العقيدة الفاسدة ولذلك كانت العقوبة  عظيمة .

@ قال شمس الدين الرملي الشافعي رحمه الله :
" مُعْتَمَدُ النَّرْدِ الْحَزْرُ وَالتَّخْمِينُ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةٍ مِنْ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : كُلُّ مَا مُعْتَمَدُهُ التَّخْمِينُ يَحْرُمُ " انتهى مختصراً من "نهاية المحتاج" (8 /295) .

وذلك للأدلة الآتية : 
١ - ولقوله صلى الله عليه وسلم ( من لعب بالنردشير، فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه ) رواه مسلم وغيره .
والنرد  والنرد شير مسميان للعبة واحدة وهي ما يسمّى الآن بلعبة الزهر .، أو الطاولة .
ويقاس على النرد : كل ما ألهى كثيراً، وأكسب قليلاً ، وأخذ بكلية القلب  -  يتعلق بها القلب كثيراً- مما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع في العداوة والبغضاء غالباً.
.وذلك كالبلوت ، والشطرنج .

٢ - ‏عَنْ ‏‏أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏قَالَ ‏" ‏مَنْ لَعِبَ ‏ ‏بِالنَّرْدِ ،‏ ‏فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ " . 

أخرجهُ مالكٌ في " الموطأ " (2/958) ، وأحمدُ (4/397) ، والبخاري في " الأدب المفردِ " (1272) . 

والحديثُ فيه انقطاعٌ بين سعيدِ بنِ أبي هند وأبي موسى الأشعري . 

قال العلامةُ الألباني في " الإرواء " (8/285) : قلتُ : وله علةٌ ، وهي الانقطاعُ بين سعيد وأبي موسى ، فقد ذكر أبو زرعة وغيرهُ أن حديثه عنه مرسلٌ . وقال الدارقطني في " العلل " : رواه أسامة بن زيد الليثي عن سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى أم هاني عن أبي موسى . قال الدارقطني بعد أن أخرجه : هذا أشبهُ بالصوابِ .ا.هـ. 

ولكن الحديث يشهدُ له حديثُ بريدةَ بنِ الحصيب في مسلم . 

3 - عن عبد اللهِ بنِ مسعود قال : " إياكم وهاتين الكعبتين الموسُومَتَين ؛ اللتين تزجران زجرا ؛ فإنهما من الميسر . 

أخرجهُ البخاري في " الأدب المفردِ " (1270) . 

قال العلامةُ الألباني في " صحيحِ الأدبِ المفردِ " (958) : صحيحٌ . 

وفي " الأدبِ المفردِ " بوب الإمامِ البخاري فقال : " بابُ الأدب وإخراج الذين يلعبون بالنردِ وأهل الباطل ، وأورد عدداً من الآثارِ ، نذكرُ ما صح منها كما في " صحيحِ الأدبِ المفردِ " . 

4 - عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنرد، ضربه وكسرها . 

- قال العلامةُ الألباني في " صحيح الأدب المفردِ " (960) : " صحيحُ الإسنادِ موقوفٌ " . 

5 - عن عائشةَ أنهُ بلغها أن أهلَ بيتٍ في دارها كانوا سكاناً فيها عندهم نردٌ ، فأرسلت إليهم : لئن لم تخرجوها لأخرجنكم من داري، وأنكرت ذلك عليهم . 

أخرجهُ مالكٌ في " الموطأ " (2/958) ، ومن طريقهِ البخاري في " الأدب المفردِ " (1247) . 

- قال العلامةُ الألباني في " صحيح الأدب المفردِ " (961) : " حسنُ الإسنادِ موقوفٌ " . 

- وقال عمرو عبد المنعم سليم في تخريجهِ لكتاب " ذم الملاهي " لابن أبي الدنيا (86) : " إسنادهُ حسنٌ . أمُ علقمةٍ اسمها مرجانة ، ذكرها ابنُ حبان في " الثقات " ، وقال العجلي : " مدنيةٌ تابعيةٌ ثقةٌ " ، وعلق لها البخاري جزماً ، فأقلُ أحوالها أن تكونَ حسنةَ الحديثِ " .ا.هـ. 
- قال الإمامُ ابنُ عبدِ البرِ في " الاستذكار " (8/460) : " إنكارُ عائشةَ لهذا لا يكونُ إلا لعلمٍ عندها لا رأيها ، وكذلك عبدُ اللهِ بنُ عمر ، لا يكسرُ النردَ ويضربُ اللاعبَ إلا وقد بلغهُ فيها النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم .ا.هـ. 

ومع ذلك فإن هذه الآثار موقوفة ، ولا ترتقي بدرجة الحديث إلى الحسن لغيره، ويغني عنها الحديث الأول فقد أخرجه مسلم في صحيحه.

٣ - ولما روى البخاري من حديث ابن عباس ( بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه، فقالوا : أبو إسرائيل : نذر أن يقوم ولا يقعد ، ولا يستظل ، ولا يتكلم ، ويصوم ، فقال صلى الله عليه وسلم ( مره فليتكلم ، وليستظل ، وليقعد ، وليتم صومه ).
ففيه دليل على قاعدة وهي  : كل فعل يتضرر به الإنسان ، بلا مصلحة له فيه راجحة ، فهو عليه حرام .
ففعل الإنسان القيام بلا قعود، وعدم الإستظلال تحت الظل ، ونحو ذلك يضره بلا مصلحة له فيه راجحة ، فكان عليه حراماً، وكذا لعب البلوت يضيع مصالحه الدينية ، والدنيوية ، بلا مصلحة فيه راجحة، فكان عليه حراماً، مع تعلق القلب بهذه الألعاب كثيراً،وصده عن ذكر الله والصلاة غالباً ،  بلا مصلحة راجحة .
- وكذا تشجيع الكرة محرم ، لأنه يلهي كثيراً، ويكسب قليلاً، ويأخذ بكلية القلب ، ويصد عن ذكر الله تعالى ، وعن الصلاة ، ويوقع في العداوة والبغضاء غالباً ، مع ما فيه من محظورات أخرى - سبق بيانها ، أما لعب الكرة فلا بأس -.

وهذه الألعاب محرم لعبها بدون عوض ، فإذا دخلها العوض زاد تحريمها، فتكون محرمة لتحريم ذات اللعبة ،  ومحرمة لوجود القمار والميسر فيها. 
فالميسر هو : كل ما فيه مخاطرة محرمة .
والقمار هو : كل مغالبة ومخاطرة فيها المال .

ويستثنى من ذلك آلالات الجهاد فتجوز المسابقة فيها بعوض ، وبدون عرض ، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) ويقاس عليها عند الجمهور، كل ما كان من الآلات الجهاد، 
وسبق : بفتح الباء : المال المدفوع في المسابقة ،  أي لا عوِض في المسابقات إلا ما استثني.
أما المسابقات في المباحات فجائز ، بلا عوض، فإذا دخله العوض ، حرم . كالمسابقة على الأقدام ونحوه .
وقد أفتى سماحة شيخنا الشيخ ابن باز ، وشيخنا الشيخ ابن عثيمين بتحريم لعب البلوت والنرد، وكذا الشيخ ابن إبراهيم .

اما النردشير فالجمهور من العلماء المعاصرين  يفسرونه بالزهرة .
 ومن اقدمهم ماذكره المناوي في فيض القدير عند هذا الحديث.
وإن لم يكن هو ، فهو بمعنى الزهر، والمنصوص عليه وما في معناه حكمهما واحد.

@ روى البخاري في "الأدب المفرد" (1270) عن عبد الله بن مسعود قال : ( إياكم وهاتين الكعبتين الموسومتين اللتين تزجران زجرا ؛ فإنهما من الميسر ) . صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" برقم (1270).
- والجواب : أنه قول صحابي يستأنس به ولا يحتج به في الأحكام الشرعية على القول الراجح من أقوال الأصوليين .
وفيه تحريم اللعب بالنرد وهو الزهرة وعليه جمهور أهل العلم .

@ وبهذا يتضح حكم اللعبة الإلكترونية التي تعرف بالنرد  قد انتشرت بين الشباب والأطفال  فهل تدخل  في النهي السابق . وذلك بناء على الاختلاف في تعريف لعبة، النرد  وعلى فرض عدم دخولها في تعريفه، فهي تشترك مع النرد في علته ،  والحكم يدور مع علته ، وجوداً وعدماً.

@ وعلة التحريم في النرد إما لكونها يفعل ما يفعله الخمر من إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله كما في الآية :( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة  )،  وسواء كان بعوض أو بغير عوض ، أو لما فيها من الاعتقادات الجبرية والقدرية ، فنهى الشارع عن لعبها صوناً لجناب محكمات العقيدة والإيمان  بالقدر .سواء عرفنا النرد بأنه هذه المكعبات المرقمة أو الطاولة أو أنهما بعض منه .
وسواء كانت العلة الأولى أو الثانية ، فكل علة منهما كافية في التحريم ، وفِي العلة الأولى : يدخل التعليل السابق: كل ما ألهى كثيراً ، وأكسب قليلاً، وأخذ بكلية القلب، إذ إنها والحالة تلك تصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، ولكن التعليل الأول  أشمل ، لأن فيه الوقوع  في العداوة والبغضاء .
 والقاعدة في ذلك : أن الحكم إذا علق على وصفين لا يجوز تعليقه على أحدهما،
بمعنى : أن الحكم إذا علق على أوصاف ، لا يجوز تعليقه على بعضها.
والجواب  : إن هذا في العلة المركبة، لا العلل المتعددة .فالعلة المركبة : أجزاء كأجزاء علة القصاص في القتل العمد.
والعلل المتعددة : علل لمعلول واحد، كأسباب نقض الوضوء.
وعلى هذا فإن التعليل في الآية من قبيل العلل المتعددة،  لأن  العدم هنا عدم مانع للعلة فلا تتركب منه العلة، ولأن الأدلة دلت على على أن العلة ههنا متعددة، فكل علة مستقلة عن الأخرى ، فالعداوة والبغضاء الغير جائزة صالحة للتعليل ،ففي الحديث  ( ولا تباغضوا) .
والميسر : علة أخرى في التحريم ( إنما الخمر والميسر وَالأَنصَاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ) .
وما يصد عن دين الله، علة مستقلة في التحريم ( ويبغونهاعوجاً) ( إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل  الله). 
وما يصد عن ذكر الله ، وكذا عن الصلاة علتان مستقلتان أخريان ، (  أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى  ) وحديث ( يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت أو صلى ساعة من ليل أو نهار) وقال تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى، ونحشره يوم القيامة أعمى) والوسائل لها أحكام المقاصد، 
وقال صلى الله عليه وسلم في شأن الثلاثة الذين دخلوا المسجد( أما أحدهما فآوى إلى الحلقة فآواه الله، وأما الثاني فاستحى فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض، فأعرض الله عنه.

@ فكل ما يصد عن دين الله فهو حرام.
وكل ما يوجب العداوة والبغضاء بغير حق، فهو حرام.
وكل وسيلة إلى الإعراض عن ذكر الله أو الصلاة فهي حرام .
وكل لعبة تشتمل على عقيدة فاسدة، فهي حرام،
كالاعتراض على القضاء والقدر، أو مشابهة الأزلام، أو التثليث فهي حرام.
فإن التشبه بالعقائد الفاسدة من أبشع صور التشبه المحرم .
- ففي الحاوي والمهذب أنها موضوعة إلى ما يأتي به من كعابها وفصوصها فهو كالأزلام - .
- وهذا موافق للتعليل باعتماد الحظ؛ فإن اعتماد ما تخرجه الكعاب هو اعتماد الحظ؛ والتشبيه بالأزلام إنما هو في هذا الوجه فقط لا في كل وجه
ويشكل على هذا أن  ذكروا أن تحريم الأزلام لكون من يستعملها يعتقد أنها هي الآمرة وهي الناهية .
والجواب : إذا اعتقد ذلك زاد التحريم ووقع في إثمين من الذنوب والآثام.
فهل هذا التعليل مذكور في النرد كذلك ؟
يأتي بيانه.
@ وكل ما ألهى كثيراً، وأكسب قليلاً، وأخذ بكلية القلب، فهو حرام.
وعلى هذا فإن كل لعبة ليس فيه محظور شرعي- كالعداوة والبغضاء، والميسر، والصد عن ذكر الله والصلاة ، والتشبه المحرم، فهي جائزة.
@ قال ابن القيم رحمه الله :
وسر الْمَسْأَلَة وفقهها أَن الله سُبْحَانَهُ لماذا حرم الميسر هَل هُوَ لأجل مَا فِيهِ من المخاطرة المتضمنة لأكل المَال بِالْبَاطِلِ فعلى هَذَا إِذا خلا عَن الْعِوَض لم يكن حَرَامًا فَلهَذَا طرد من طرد ذَلِك هَذَا الأَصْل وَقَالَ إِذا خلا النَّرْد وَالشطْرَنْج عَن الْعِوَض لم يَكُونَا حَرَامًا وَلَكِن هَذَا القَوْل خلاف النَّص وَالْقِيَاس كَمَا سَنذكرُهُ أَو حرمه لما يشْتَمل عَلَيْهِ فِي نَفسه من الْمفْسدَة وَإِن خلا عَن الْعِوَض فتحريمه من جنس تَحْرِيم الْخمر فَإِنَّهُ يُوقع الْعَدَاوَة والبغضاء ويصد عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة وَأكل المَال فِيهِ عون وذريعة إِلَى الإقبال عَلَيْهِ واشتغال النُّفُوس بِهِ فَإِن الدَّاعِي حِينَئِذٍ يقوى من وَجْهَيْن من جِهَة المغالبة وَمن جِهَة أكل المَال فَيكون حَرَامًا من الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا المأخذ أصح نصا وَقِيَاسًا نعم وأصول الشَّرِيعَة وتصرفاتها تشهد لَهُ بِالِاعْتِبَارِ فَإِن الله سُبْحَانَهُ قَالَ فِي كِتَابه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء فِي الْخمر وَالْميسر ويصدكم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ وَأَطيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول واحذروا فَإِن توليتم فاعلموا أَنما على رَسُولنَا الْبَلَاغ الْمُبين) [الْمَائِدَة: ٩٠ - ٩١] فقرن الميسر بالأنصاب والأزلام وَالْخمر وَأخْبر أَن الْأَرْبَعَة رِجْس وَأَنَّهَا من عمل الشَّيْطَان ثمَّ أَمر باجتنابها وعلق الْفَلاح باجتنابها ثمَّ نبه على وُجُوه الْمفْسدَة الْمُقْتَضِيَة للتَّحْرِيم فِيهَا وَهِي مَا يوقعه الشَّيْطَان بَين أَهلهَا من الْعَدَاوَة والبغضاء وَمن الصد عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة وكل أحد يعلم أَن هَذِه الْمَفَاسِد ناشئة من نفس الْعَمَل لَا من مُجَرّد أكل المَال بِهِ فتعليل التَّحْرِيم بِأَنَّهُ مُتَضَمّن لأكل المَال بِالْبَاطِلِ تَعْلِيل بِغَيْر الْوَصْف الْمَذْكُور فِي النَّص وإلغاء للوصف الَّذِي نبه النَّص عَلَيْهِ وأرشد إِلَيْهِ وَهَذَا فَاسد من الْوَجْهَيْنِ .
@ وذهب الأئمة الأربعة وغيرهم إلى تحريم لعبة الشطرنج قياساً على النرد، وذلك لما فيها من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة والوقوع في العداوة والبغضاء.

@ فإن قيل : الصد  والعداوة إنما هي نتيجة للتخمين والحرز إذ إنه إنما ظفر وانتصر على خصمه لا بجهد وعمل منه وإنما بمطلق المصادفة فترتب عليها العداوة .
@ فاللهو الذي يعتمد الحزر والتخمين يحرم لأنه موضوع للقمار إذ لا فائدة له غير ذلك.
والذي يعتمد الحساب والتفكير لا يحرم لأنه موضوع لتمرين الذهن وتدريبه وذلك مطلوب؛ لكنه يكره من جهة كونه لهواً.
وهذا هو تفريق الشافعية بين النرد والشطرنج ، وهم عدلوا لهذه العلة أو قالوا بهذه العلة لأن الشطرنج عندهم أو عند بعضهم جائز .

نعم الكلام في الخالي عن العاوضة وإلا حرم النوعان.
وهم لا يقولون بوجود المقامرة إذا لم يكن عوض؛ لكنهم يقولون ما تمحضت فائدته للقمار حرم ولو لم يوجد القمار نظراً  لأصل مقصوده في الجملة.
فالظاهر أنه عندهم يلتحق بما يعتمد الفكر؛ لأن الحظ والنصيب لا يخلو منه لهو؛ فيكون المحذور تمحضه لا وجوده

ولهذا تجد من يفوز على قرينة بجهد واجتهاد منه لا يقع له عداوة في الغالب وإنما تتم معاداة من لا يستحق .

فالذي قال إن علة النهي هي التخمين إنما علل بالمقدمة والذي علل بالعداوة و الصد والاشغال عن ذكر الله أنما علل بالنتيجة فهو تعليل بالمتلازمات
@ والجواب : أن التخمين والحرز والحظ  إنما علل بها بعض الفقهاء لما أورد عليهم تجويزهم الشطرنج ..
وأما العداوة والصد فهو تعليل القرآن، فلا ينبغي الالتفات إلى غيره ..
والقرعة يحصل تحصل نتيجتها بلا جهد ولا اجتهاد، ولا تورث شيئا من هذا غالبا، فكيف وهي مشروعة في بعض المواطن ؟
وأما أن العداوة لا تحصل فيما يكون فيه اجتهاد وجهد فغير ظاهر، وانظر إلى من يلعبها كم تسبب حقداً وبغضاً لبعضهم البعض بسبب أندية كرة القدم، ومطلق المصادفة غير موجود أصلاً في هذه اللعبة ..
@ ولهذا كان التخمين والظن المورث العداوة هو العلة وليس مجرد العداوة بسبب أن العداوة قد تحصل بحق وقد تحصل بغير حق 

فإذا حصلت بغير حق كانت هي علة النهي كما في النرد 

واذا حصلت بحق كمن عاداك لتميزك عليه في علم أو منصب تستحقه أو فضل مال حلال فليست بعلة النهي .

@ ومجمل ما قيل في تعليل تحريم لعبة النرد :

١/ لكونها توقع العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة غالباً، وهذا تعليل القرآن، والحكمة تكون علة أحياناً.
‎قاعدة : فرق بين العلة والحكمة . فالعلة :فا هي التي يناط - يعلق - بها الحكم ، وهي وصف مناسب منضبط. والحكمة : ما يترتب على ربط الحكم بعلته أو سببه من جلب لمصلحة أو دفع لمضرة . فعلة القصاص : القتل العمد العدوان، وحكمته : حفظ النفس . وعلة قطع اليد : السرقة ، والحكمة حفظ المال . وعلة قصر الصلاة الرباعية : السفر ، وحكمته : دفع المشقة . فليس كل ما فيه دفع لمشقة يكون به ترخيص في الحكم أو تخفيف إلا بدليل ، وقد يوجد الحكم ولا توجد الحكمة ، كجواز قصر الرباعية في السفر بلا مشقة ، بخلاف العلة : إذا وجد السفر جاز قصر الرباعية وإذا عدم السفر عدم قصر الرباعية - حتى في الحج على القول الراجح ، لأن القصر فيه للسفر لا للنسك . ،والتعرف على العلل والحِكم طريق لمعرفة مقاصد الشرع، والعلم بالمقاصد الشرعية له أثره الكبير في الأحكام الشرعية ،إذ أن الشريعة جاءت بجلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها ، ولا يمكن معرفة الحكمة إلا إذا عرفنا العلة إذ أن الأحكام منها ماهو معقول المعنى ، ومنها ما هو غير معقول المعنى . فالحكمة التي شرع لها الحكم لا يصلح بها التعليل ، ولا يستند عليها عند القياس، خلافاً للعلة . فحكمة الحكم : هي الباعث على تشريعه، والغاية المقصودة منه، أما علة الحكم : فهي الأمر الظاهر المنضبط الذي بنى الشارع الحكم عليه، وربطه به وجوداً وعدماً. علماً: بأن الرازي والبيضاوي وابن الحاجب من الأصوليين قالوا : بجواز التعليل بالحكمة مطلقاً، ومنع من ذلك الجمهور. أما إذا كانت الحكمة ظاهرة منضبطة بنفسها فهي حكمة وعلة ، كما ذهب له الآمدي .

والعبرة في هذا بالأعم الأغلب لا بالقليل والنادر.
فإذا كان هذا اللهو يسبب ذلك غالباً، أخذ حكم التحريم ، لأن النادر لا حكم له.

٢/ لما فيها من التشبه  ممن لا يجوز التشبه بهم من المجوس  والكفار ،  أو التشبه بالفساق على القول بعدم جواز التشبه بهم.
والجواب عنه : أن كل ما فيه تشبه في الكفار مما هو من خصائصهم وعباداتهم فهو حرام، وظاهر الدليل : تحريم النرد مطلقاً ، سواء كان فيه تشبه أم لا.

٣/ لكونها موضوعة على عقائد باطلة كالجبرية والقدرية  .
ملحض كونها مبنية على عقائد فاسدة، أمر خفي ، ويكون الذنب فيها والحالة تلك أعظم ،والجرم أكبر، لا يكفي فيها مجرد العصيان، بل يصل إلى الشرك، لأن كل ما كان وسيلة إلى الشرك الأكبر فهو شرك أصغر، وقد حمى الشارع جناب التوحيد، وحذر من وسائله.
والذي في صحيح مسلم ( من لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه) وهذه العقوبة تدل على من لعب ذلك بالنرد لم يصل إلى حد الوقوع في الشرك  أو وسائله من العقائد الفاسدة، ولم يقع أيضاً في الكبائر، وحديث ( من لعب بالنرد فقد عصى أبا القاسم ) ففي صحته نظر - كما تقدم - 

٤/ لما فيها من الحزر والتخمين .
والجواب : أن ليس كل  فيه حرز وتخمين حرام، فالقرعة تشرع إذا تزاحمت الحقوق ولا مرجح، وهي مبنية على الحض والحرز والتخمين، فإذا كان هذا في الحقوق جائزاً ففي اللهو من باب أولى .

٥/ أن التحريم تعبدي .
والجواب عنه : أن الأصل في الأحكام الشرعية التعليل، لقوله تعالى ( وهو العليم الحكيم) والحكيم هو الذي يضع الشيء في موضعه.
ولحديث ( أرأيت لو كان أمك دين ...).
@ قال محقق كتاب الآجري : تحريم النرد والشطرنج والملاهي :( قطع صغيرة من العاج- سن الفيل - أو العظم أو الخشب ، وله أوجه ستة، ولكل وجه من الأوجه الستة نقاط مرتبة

 والذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى  أن علة التحريم كونها تصد عن ذكرالله وعن الصلاة ، وتسبب العداوة والبغضاء غاباً.

@ قال ابن القيم :  سر هذا التشبيه: أن اللاعب بها إذا كان مقصوده بلعبه أكل أموال الناس بالباطل الذي هو حرام كحرمة لحم الخنزير، وتوصل إليه بالقمار، وظن أنه يفيده حل المال كان كالمتوصل إلى أكل لحم الخنزير بذكاته، والنبي صلى الله عليه وسلم شبه اللاعب بغمس يده في لحم الخنزير ودمه، إذ هو مقدمة الأكل، كما أن اللعب بها مقدمة أكل المال، فإن أكل بها كان كأكل لحم الخنزير.

@ ومن الألعاب المحرمة التي تشارك النرد في التحريم ، الشطرنج :  لعبة فكرية و هي لعبة لوحة أي أنها تلعب على لوحة (الرقعة) مقسمة إلى 64 مربعاً، (8 مربعات × 8 مربعات) من لونين بحيث يكون كل مربع من لون وبجانبه مربع من اللون الثاني، وهي لعبة ذهنية من أشهر اللُعَب في العالم. ويملك كل لاعب 16 حجرًا (قطعة) (تسمى البيادق) تتحرك كل منها بإتجاهات محددة، والأحجار هي 8 جنود، وقلعتين، وحصانين، وفيلين، ووزير(أو ملكة) وملك. أحد اللاعبين يتحكم بالأحجار من اللون الأول (الأبيض عادة) والآخر يتحكم بالأحجار المماثلة من اللون الآخر (اسود عادة). الهدف من اللعبة هو الوصول إلى حصر الملك (أو الشاه) بحيث لا يستطيع الهروب، فاللعبة تنتهي عند تلك النقطة.

@ تعريف الأنصاب :  أشياء كانت في الجاهلية كان المشركون ينصبونها ويذبحون عندها لأصنامهم، فأنكر الله عليهم ذلك وأمر بإزالتها والقضاء عليها، قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وغير واحد: الأنصاب هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها، وقال القرطبي والشوكاني: الأنصاب هي الأصنام ورجس أي إثم كما قال الطبري وقيل سخط أو شر.

@ تعريف الأزلام : واحدها: زُلَم، وقد تفتح الزاي، فيقال: زَلم.
وقد كانت العرب في جاهليتها يتعاطون ذلك، وهي عبارة عن أقداح ثلاثة، على أحدها مكتوب: "افعل" وعلى الآخر: "لا تفعل" والثالث "غُفْل ليس عليه شيء. ومن الناس من قال: مكتوب على الواحد: "أمرني ربي" وعلى الآخر: "نهاني ربي". والثالث غفل ليس عليه شيء، فإذا أجالها فطلع السهم الآمر فعله، أو الناهي تركه، وإن طلع الفارغ أعاد [الاستقسام].
والاستقسام: مأخوذ من طلب القَسم من هذه الأزلام.

قال شيخنا ابن باز رحمه الله :
 (الأنصاب والأزلام، أنصاب شيء ينصب يذبح عليه المشركون ويتقربون لأصنامهم، للذبائح، والأزلام أشياء يقسمون بها، أشياء يقال لها السهام من أنواع الخشب يكتبون عليها افعل ولا تفعل والثالث غفل لا يكتب عليه شيء فإذا أرادوا أن يسافروا أو يفعلوا شيئاً عندهم فيه اشتباه أجالوها أعطوها أحد يخرجها واحداً واحداً أو هو نفسه يخرجها واحداً واحداً من محلها فإن خرج افعل نفذ وإن خرج لا تفعل ترك وإن خرج غفل اللي ما فيه شيء أعاد إجراءها خلطها ثم أعاد إخراجها فإن خرج افعل فعل وإن خرج لا تفعل ترك وإن خرج الغفل أعادها وهكذا، هذه سنة لهم وطريقة جاهلية فشرع الله سبحانه وتعالى لعباده بدل استعمال الأزلام صلاة الاستخارة فالمشروع للمؤمن إذا هم بأمر يشكل عليه كالزواج أو السفر أو ما أشبه ذلك صلى ركعتين يصلي ركعتين ثم يستخير الله جل وعلا ويدعو بدعاء الاستخارة المعروف الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. والله ولي التوفيق ) .

@  فقد قال البغوي رحمه الله: الميسر: أي القمار، والأنصاب: يعني الأوثان سميت بذلك لأنهم كانوا ينصبونها، والأزلام: يعني القداح التي كانوا يستقسمون بها واحدها زلم، رجس: يعني خبيث مستقذر. انتهى بتصرف. قال الطبري: وأما {الميسر} فإنها المفعل من قول القائل: يسر لي هذا الأمر إذا وجب لي فهو ييسر لي يسرا وميسرا، والياسر الواجب بقداح، ثم قيل للمقامر: ياسر ويسر. فالميسر هو القمار. وأما الأنصاب فقال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وغير واحد: هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها. وأما الأزلام فقالوا أيضا: هي قداح كانوا يستقسمون بها. رواه ابن أبي حاتم. نقله ابن كثير. وقال القرطبي والشوكاني:الأنصاب هي الأصنام و(رجس) أي إثم كما قال الطبري، وقيل، سخط أو شر.

@ حكم لعبة :  "اللودو  ستار"

هذه اللعبة مثل الألعاب الأخرى الكثيرة التي تعتمد على رمي المكعب  أو على الحظ وهي كثيرة و معروفة

والأقرب جواز هذه الألعاب إذا لم تشتمل على محذورات أخرى مثل القمار أو غيره.

ومجرد الاعتماد على الحظ لا يحرم اللعبة- كما سيأتي -.

وهذه خلاصة لعلة تحريم النرد :
( كل لعبة تؤدي إلى العداوة والبغضاء أو الصد عن ذكر الله  والتساهل في الصلاة وفساد القلب فهي حرام ...أما الألعاب اليسيرة التي لا تستغرق وقتاً طويلاً عادة ولا يعرف أنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ولا تؤدي إلى العداوة والبغضاء مثل هذه الألعاب التي يستعملها الأطفال (كالتي يسمونها الدومينو مثلا) فلا حرج فيها إن شاء الله ؛ لانتفاء العلة )

وحاصل ما تقدم جواز هذه اللعبة

إلا أنه لا ينبغي لعب هذه اللعبة بالذات لكونها تشبه القمار ، فاللاعب إذا فاز كسب مبالغا من المال أو قدراً من الذهب، وقد تزيد أو تنقص حسب فوزه، فكل لاعب يدخل بمبلغ يخاطر عليه . 
 مع أنه  ليس هناك أموال حقيقة ولا ذهب حقيقي بل هو فقط من باب اللعب ،  لكن هذا قد يسهل القمار في نفوس الناس و يجعلهم يعتادون عليه وهذه مفسدة واضحة الأفضل تركها.

@  فالمقابلة بين الفعل والتشبيه الوارد في حديث ( من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه).
والذي ظهر لي فيه انه لما كان اللعب يكون مباشرة باليد لهذه اللعبة الخبيثة فهو كحال الذي وضع يده في هذا الخبيث المتفق على خبثه.

@ قال شيخ الإسلام لما سئل عن الشطرنج:
‎فأجاب : الحمد لله رب العالمين . أما إذا كان بعوض أو يتضمن ترك واجب : مثل تأخير الصلاة عن وقتها أو تضييع واجباتها أو ترك ما يجب من مصالح العيال وغير ذلك مما أوجب على المسلمين ; فإنه حرام بإجماع المسلمين وكذلك إذا تضمن كذبا أو ظلما وغير ذلك من المحرمات ; فإنه حرام بالإجماع . وإذا خلا عن ذلك فجمهور العلماء : كمالك  وأصحابه  وأبي حنيفة  وأصحابه  وأحمد بن حنبل  وأصحابه  وكثير من أصحاب الشافعي  : أنه حرام . وقال هؤلاء : إن الشافعي  لم يقطع بأنه حلال ; بل كرهه . 

‎وقيل : إنه قال : لم يتبين إلي تحريمه . والبيهقي  أعلم أصحاب الشافعي بالحديث وأنصرهم للشافعي  . ذكر إجماع الصحابة  على المنع منه : عن علي بن أبي طالب  وأبي سعيد  وابن عمر  وابن عباس  وأبي موسى وعائشة  - رضي الله عنهم - ولم يحك عن الصحابة  في ذلك نزاعا . 

‎ومن نقل عن أحد من الصحابة  أنه رخص فيه فهو غالط . والبيهقي  وغيره من أهل الحديث أعلم بأقوال الصحابة  ممن ينقل أقوالا بلا إسناد قال البيهقي  : جعل الشافعي  اللعب بالشطرنج من المسائل المختلف فيها .  [ ص: 241 ] في أنه لا يوجب رد الشهادة فأما كراهيته اللعب بها فقد صرح بها فيما قدمنا ذكره وهو الأشبه والأولى بمذهبه . فالذين كرهوا أكثر ومعهم من يحتج بقوله . وروي بإسناده عن جعفر بن محمد  عن أبيه عن علي بن أبي طالب  رضي الله عنه أنه كان يقول : الشطرنج ميسر العجم . 

‎وروي بإسناده عن علي  : أنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج وقال : { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } ؟ لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها . وعن علي  رضي الله عنه أنه مر بمجلس من مجالس تيم الله وهم يلعبون بالشطرنج فقال : أما والله لغير هذا خلقتم أما والله لولا أن يكون سنة لضربت بها وجوهكم وعن مالك  قال : بلغنا أن ابن عباس  ولي مال يتيم فأحرقها . وعن ابن عمر  أنه سئل عن الشطرنج فقال : هو شر من النرد . 

‎وعن أبي موسى الأشعري  قال : لا يلعب بالشطرنج إلا خاطئ . وعن عائشة  : أنها كانت تكره الكيل وإن لم يقامر عليها . وأبو سعيد الخدري كان يكره اللعب بها . فهذه أقوال الصحابة  رضي الله عنهم ولم يثبت عن صحابي خلاف ذلك . ثم روى البيهقي  أيضا عن أبي جعفر محمد بن علي المعروف بالباقر  أنه سئل عن الشطرنج فقال : دعونا من هذه المجوسية . قال البيهقي  : روينا في كراهية اللعب بها . عن يزيد بن أبي حبيب ومحمد ابن سيرين  وإبراهيم  ومالك بن أنس  . قلت : " والكراهية " في كلام السلف  كثيرا وغالبا يراد بها التحريم وقد صرح هؤلاء بأنها كراهة تحريم ; بل صرحوا بأنها شر من النرد والنرد حرام ; وإن لم يكن فيها عوض . 

‎[ ص: 242 ] وروي بإسناده عن جامع بن وهب  عن أبي سلمة  قال : قلت للقاسم بن محمد  : ما " الميسر " ؟ قال : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة : فهو ميسر . قال يحيى بن أيوب  : حدثني عبد الله بن عمر  . أنه سمع عمر بن عبد الله  يقول : قلت للقاسم بن محمد  : هذا النرد ميسر . أرأيت الشطرنج ميسر هي ؟ قال القاسم  : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر . 

‎وقال ابن وهب  : حدثني يحيى بن أيوب  حدثنا أبو قيس  عن عقبة بن عامر قال : لأن أعبد صنما يعبد في الجاهلية أحب إلي من أن ألعب بهذا الميسر . 

‎قال القيسي  : وهي عيدان كان يلعب بها في الأرض . وبإسناده عن فضالة بن عبيد  قال : ما أبالي ألعبت بالكيل أو توضأت بدم خنزير ثم قمت إلى الصلاة . وما ذكر عن علي بن أبي طالب  : أنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } ؟ ثابت عنه يشبههم بعباد الأصنام وذلك كقوله : { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون } { إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } . 

‎و " الميسر " يدخل فيه " النردشير " ونحوه وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { من لعب بالنردشير فقد صبغ يده في لحم خنزير ودمه } وفي السنن أنه قال . { من لعب بالنردشير فقد عصى الله ورسوله } . ومذهب الأئمة الأربعة  أن اللعب بالنرد حرام وإن لم يكن بعوض . وقد قال ابن عمر  ومالك بن أنس  وغيرهما : إن الشطرنج شر من النرد وقال أبو حنيفة  [ ص: 243 ] وأحمد بن حنبل  والشافعي  وغيرهم : النردشير من الشطرنج . وكلا القولين صحيح باعتبار ; فإن النرد إذا كان بعوض والشطرنج بغير عوض : فالنرد شر منه وهو حرام حينئذ بالإجماع . 

‎وأما إن كان كلاهما بعوض أو كلاهما بلا عوض فالشطرنج شر من النرد ; لأن الشطرنج يشغل القلب ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة أكثر من النرد . ولهذا قيل : الشطرنج مبني على مذهب القدر والنرد مبني على مذهب الجبر . فإن صاحب النرد يومي ويحسب بعد ذلك وأما صاحب الشطرنج فإنه يقدر ويفكر ويحسب حساب النقلات قبل النقل ; فإفساد الشطرنج للقلب أعظم من إفساد النرد ; ولكن كان معروفا عند العرب ; والشطرنج لم يعرف إلا بعد أن فتحت البلاد ; فإن أصله من الهند  وانتقل منهم إلى الفرس  ; فلهذا جاء ذكر النرد في الحديث ; وإلا فالشطرنج شر منه إذا استويا في العوض أو عدمه . وقد بسط جواب السؤال في موضع آخر . والله أعلم . 

@ وكذا لعبة الشيش محرمة فهي لعبة فيها نرد.
وكل لعبة تتضمن  النرد فيها فهي حرام.
وكذا كل ما شارك النرد في علته - كما سبق- فهو حرام .

كتبه / محمد بن سعد العصيمي . عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة.  جامعة أم القرى .

هناك تعليق واحد:

  1. مكافحة النمل الابيض بالقطيف

    يوجد في شركة مكافحة النمل الابيض بالقطيف الكثير من المميزات في مجال مكافحة النمل الأبيض ومن أهمها:
    1. تضم الشركة مهندسين وفنيين وزراعين متخصصين في مجال مكافحة الحشرات وبالأخص النمل الأبيض، بحيث يقوم فريق العمل بعمل كافة الدراسات المتطورة والحديثة على أحدث الطرق الخاصة في إبادة النمل الأبيض دون أن تسبب الإزعاج للمقيمين في المكان.
    2. حرص الشركة على استخدام أجود أنواع المبيدات الحشرية الآمنة تماماً على الإنسان والحيوانات الأليفة التي توجد في المنزل.
    3. تهتم الشركة على توفير أفضل إمكانيات القضاء على كافة أنواع الحشرات دون أن تغادر المنزل والقيام بتحريك الأواني أو القيام بإخلاء دواليب الملابس من كافة المحتويات بها.

    ردحذف

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت