حكم [ مرسول ] الذي يتصل عليه من أجل الشراء للمتصل وتسديد المبلغ من عنده، ثم يستوفي المبلغ الذي دفعه وزيادة تكلفة اجرة توصيله من صاحب الطلب :
قاعدة : لا عبرة بأجرة المثل إذا كانت فيما حرم الشارع التفاضل بينهما :
———-
في هذا العصر خرجت شركة تقوم بتطبيق يسمى مرسول تتصل على هذا التطبيق ويقوم المشترك مع هذه الشركة بتنفيذ الطلبات والمتلقي لاتصالات الراغب في البضاعة ، بتوفير السلعة المطلوبة ودفع ثمنها من عنده، ومن ثم تسليم السلعة للذي طلبها وأخذ المبلغ الذي دفعه في السلعة إضافة إلى قيمة المشوار ، وتكون الشركة القائمة على تطبيق مرسول ضامنة للمشترك - القائم بالتوصيل - في حال عدم دفع الزبون لثمن السلعة أو قيمة المشوار ، بحيث تضع الزبون في القائمة السوداء بعدم التوصيل له مرة أخرى ، وتدفع للمشترك معها في خدمة التوصيل ما خسره ، علماً بأن قيمة المشوار إذا تم دفع العميل لها تكون بين شركة تطبيق مرسول وبين القائم بتنفيذ الطلب .
———-
هذه العملية فيها تحتوي على القرض الذي جر نفعاً فيما إذا دفع منفذ عملية مرسول المشترك في تطبيق مرسول من ماله على أن يرجع على العميل بقيمة السلعة وأجرة التوصيل .
ووجه ذلك : أن المشترك القائم بتنفيذ طلب الشراء من العميل : يدفع من ماله ، على أنه قرض للزبون الراغب في السلعة ، - فمن دفع لغيره بأمر زيد ، كان مقرضاً لزيد - ولكن المشترك- المندوب - إنما أقرض الزبون من أجل أن يحصل على أجرة المشوار ، فيكون من قبيل القرض الذي جر نفعاً، وكل قرض جر نفعاً فهو ربا .
فالقائم بتنفيذ الطلب دفع قرضاً للعميل واشترى سلعته بها ، وهذا القرض ليس من أجل الإرفاق والإحسان ، وإنما من أجل الربح والاتجار ، والتكسب بهذه الطريقة التي يدفع فيها مالاً عن الغير - قرضاً - من أجل أن يحصل على أجرة سيارته وعمله في التوصيل ، فكان من قبيل القرض الذي جر نفعاً.
١ - فإن قيل : إن القرض لم يجر نفعا للمقترض من نفس القرض ، لأن نفعه أتى من الإجارة التي هي التوصيل ، فأشبهت جمعية الموظفين .
فالجواب : وكون القرض جر نفعاً ، للمقرض ، وهذا النفع هو أجرة التوصيل .
فالقرض الذي جر نفعاً في العقد يقتضي تحريمه وفساده من أي جهة كانت .
وهنا لو لم يحص المندوب على أجرة التوصيل لما أقرض العميل، فكان القرض من المندوب لأجل أن يحصل على منفعة من هذا القرض، وهي أجرة التوصيل، ولولا أجرة التوصيل لما دفع المندوب من ماله قرضاً للعميل . - والسلعة في ضمان العميل - بمجرد قبض المندوب لها - ولا ضمان على المتجر بعد قبض ثمنها، ولا ضمان على المندوب ما لم يتعد أو يفرط ، لأن يده يد أمانة .
وأما جمعية الموظفين: تجوز بشرطين :
أن لا يشترط عدم الانسحاب
وأن لا تشترط دورة ثانية فأكثر ، وقد بينت ذلك في بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية . وعند ذلك فلا إشكال .
٢ - فإن قيل : إن هذا النفع مشتركاً بينهما ، فالمقرض والمقترض النفع مشتركاً بينهما
فالجواب : أن النفع هنا خاصاً بالمقرِض ، لأنه دفع من أجل الحصول على أجرة التوصيل . وأما انتفاع المقترض فليس من أجل القرض وإنما من أجل معنى خارج عن القرض .
٣ - فإن قيل : إن النفع ليس هو المقصود في هذه المعاملة ، فلا يكون سبباً في منعها، لأن التابع تابع .
فالجواب : وإن كان القرض ليس مقصوداً فيها ، ولكن العقد يحتويها ، والعقد إذا تضمن محظوراً شرعياً يعود لحق الله تعالى كان سبباً في فساد العقد - وقد تقدم في قاعدة النهي هل يقتضي الفساد في القواعد -
٤ - فإن قيل : إن القرض رد كما هو بلا زيادة ، ولكن قيمة المشوار كانت بقدر التكلفة الفعلية .
والجواب : أن جماهير العلماء ومنهم الأئمة الأربعة ، أنه لا عبرة بأجرة المثل إذا كانت فيما حرم الشارع التفاضل بينهما ، كالمصارفة، وكبيع الذهب غير المسبوك بالمصاغ ، فلا يجوز أخذ أجرة الصياغة والحالة تلك .
٥ - فإن قيل : هل يمكن تكييف موظف تطبيق مرسول بأنه وكيل عن طالب السلعة، يدفع من ماله أي الوكيل ثم يعود على الموكل ويطلبه الثمن + أجرة التوصيل؟
فالجواب : في ذلك توكيل وقرض جر نفعاً، فوجود عقد التوكيل لا ينفي وجود القرض الذي يجر نفعاً.
٦ - فإن قيل : ألا يمكن تككييف الصورة السابقة على بيع المرابحة للآمر بالشراء .
فالجواب : يشكل على تخريج هذه المسألة على أنها من باب : بيع المرابحة للآمر بالشراء ما يلي :
أ - أن العاقدين يصرحان على أنهما لم يريدا ذلك : فالمندوب : يقول : أنا لا اشتري لنفسي وإنما اشتري للعميل ، والعميل يقول : أنا لا اشتري من المندوب وإنما أرغب في التوصيل منه فقط، وكوننا نجعل العقد على خلاف مراد المتعاقدين لا يمكن ذلك شرعاً ، وفي الحديث( إنما الأعمال بالنيات وأنما لكل امريء ما نوى )
والقاعدة : أنه إذا تشابهت المعاملة في الصورة ، واختلفت في الحكم فالمرجع في ذلك إلى النية .
كدينار بدينار نسيئة ، على أنه قرض يجوز، وعلى أنه صرف حرام .
ب - ولأنه يترتب على ذلك : بيع ما لا يملك في الصورة المذكورة ، لأن مندوب : لا يملك السلعة في وقت العقد ، فإن قيل : سلم .
فالجواب : يشترط في السلم : تقديم الثمن كاملاً في مجلس العقد .
ج - - ولأن الشركة تضمن خسارة المندوب ، ولو كانت ملكه لم تضمن خسارته .
٧ - ولا يقال : إن هذه الصورة يكييف العقد فيها على أنها وكالة بأجر .
لأن هذا التوكيل بأجر ، تضمن في تلك الصورة المذكورة : قرض، ولم يكن هذا القرض من باب التبرعات المحضة، بل كان من أجل الحصول على نفع خاص بالمقرض.، وهو أجرة التوصيل ، ولولا غلبة الظن على حصول أجرة التوصيل ، لما قام المندوب بدفع المال - قيمة السلعة - عن العميل ، فهو متخذ هذا العقد من أجل الربح والاتجار ، لا من الفرق التطوعية التي تسعف احتياجات العملاء رفقاً وإحساناً ومجاناً.
فالمندوب يدفع من جيبه من أجل ان يحصل على أجرة العمل الذي قام به من التوصيل ، أشبه صاحب المعرض يدفع قرضاً للشريطي في معرضه من أجل أن يحصل على أجرة حصول البيع في معرضه
- الدلالة أو السعي بين البائع والمشتري -.
٨ - فإن قيل : القرض هنا تابع لا حكم له ولم يراعى في الأجرة. والقاعدة التابع تابع .
فالجواب : سبق الجواب على أن العقد إذا تضمن محظوراً شرعياً حرم ، سواء كان تابعاً أو مستقلاً، فالعقد الشرعي لا يجوز أن يحتوي على المحظور مطلقاً، .
وقاعدة التابع تابع في هذه الصورة ،
فالجواب عنها من أربعة أوجه :
أ - أنه لا يسلم بأنه تابع ، بل هو مقصود ، رذلك أن المندوب لولا الحصول على أجرة التوصيل لما دفع من ماله قرضاً للعميل .
ب - على فرض أنه تابع من جهة العميل، فهو ليس بتابع من جهة المندوب كما تقدم .
والقاعدة : إذا اجتمع حاظر ومبيح غلب جانب الحظر .
ج - أن قاعدة : التابع تابع ، معناها : يغتفر في الشيء ضمناً ما لا يغتفر فيه قصداً.وهذه في التوابع التي لها ارتباط بمتبوعاتها لا تنفك عنها حساً أو لارتباطها ارتباطاً لا يقبل الانفكاك عنها إلا بعسر خارج عن المعتاد ، وذلك كبيع الشاة وبها حمل ، أو بيع الدار ولم يطلع المشتري على ساساته وقواعد تلك الدار ، أو يكون في الشيء الذي يتبعه شرعاً للدليل عليه أو في معنى ذلك الدليل ككون منفعة العضو تابعة للعضو في تضمين جناية البدن .
ولو قلنا بكون الشيء التابع في مسألتنا لصححنا الشروط الفاسدة التي تكون تابعة للعقد وليست مقصودة بذلك وهذا اجتهاد يخالف النص الشرعي في حديث عائشة لما أرادت عتق بريرة وشرط أهلها أن يكون الولاء لهم ، وفيه ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق ).
د - على فرض التعارض بين إلحاق هذه الصورة بكون القرض فيها تابع، أو إلحاقها بالشرط الفاسد ، فإن إلحاقها بالشرط الفاسد أولى .
والقاعدة : القياس في الباب أولى من القياس في خارج الباب - وقد سبقت في القواعد -.
٩ - فإن قيل : يشكل على هذه المعاملة أيضاً أن شركة تطبيق مرسول : تضمن ما دفعه المشترك المنفذ لعملية الطلب ، في حالة عدم دفع العميل ثمن السلعة أو أجرة المشوار في مقابل أنها تاخذ نسبة متفق عليها مسبقاً من قيمة المشوار . وأخذ الأجرة مع وجود الضمان لا يجوز ، لأنه جمع بين عقد وتبرع .
فالجواب : أن كل جمع بين عقد معاوضة وتبرع لا يأول إلى ربا لا حرج فيه .
والقاعدة : الجمع بين القرض أو الضمان - وهما عقدا تبرع - مع المعاوضة إذا أدى إلى الربا فهو حرام .
ولا يؤدي اجتماع الضمان والمعاوضة إلى الربا إلا في حالة واحدة ، وهي : إذا أدى الضامن من ماله عن المضمون عنه ، لأنه يكون مقرضاً للمضمون عنه في هذه الحال .
واجتماعهما والحالة تلك يكون طريقاً لأخذ الزيادة الربوية عند أداءالضامن من ماله عن المضمون عنه فيؤول الضمان إلى إقراض .
وهنا المشترك المنفذ عملية التوصيل أقرض مالاً للعميل - قيمة السلعة - والشركة ضامنة له إذا لم يسدد راغب السلعة تدفع للمشترك ما أقرض راغب الشراء مع زيادة نصيبه من أجرة التوصيل ، في مقابلة العوض الذي فد تحصل عليه الشركة لو تمت العلية بسلام ، وفي حقيقة الأمر أن الشركة لم تربح في هذه العملية بل هي خاسرة ، فلا يترتب على الجمع بين عقد الأجرة والقرض زيادة للضامن حتى يكون من قبيل الربا ، بل ترتب عكسه هو الذي وقع والحالة تلك .
١٠ - فإن قيل يشكل على هذه المعاملة أيضاً : أن في العقد بين الشركة صاحبة تطبيق مرسول وبين العميل : غرر .
وذلك في حالة عدم دفع العميل تلتزم الشركة بالدفع للمشترك المنفذ لعملية التوصيل ، مما يجعل عقد الشركة دائر بين الربح والخسارة .
والجواب عن ذلك : أن هذا ليس فيه غرراً في ابعقد ، بل تم العقد بحسب الاتفاق الذي لا غرر فيه بين الأطراف الثلاثة في تطبيق مرسول، وكون العميل لم يدفع خالف مقتضى العقد الصحيح ، ويتحمل إثم أكله أموال الناس بالباطل .
تنبيه : إذا فرضنا أن العقد تم بين صاحب السلعة وبين العميل الراغب فيها، كان المرسول بينهما له أجرة سعيه، ولا علاقة له بمسألتنا والحالة تلك .
وأما إذا كان الطلب عن طريق تطبيق مرسول أو كان ذلك بين العميل الراغب في السلعة وبين الوسيط ، هنا يكون ما يتعلق بهذه المسألة فيما إذا دفع الوسيط قيمة السلعة من ماله ثم رجع بها على صاحب السلعة .
والخلاصة : أن المحظور هو فيما إذا دفع المنفذ لعملية طلب التوصيل مالاً من عنده في السلعة على أن يرجع على العميل من أجل أن يأخذ أجرة توصيله ، فيكون من باب القرض الذي جر نفعاً. والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
أذا افترضنا أن مندوب الشحن لا يعمل لتطبيق مرسول بل انه يحصل علي الاوردات من اعلانات تطبيقات التواصل الاجتماعي الفيس بوك و الواتس حيث يقوم صاحب السلعة او شخص بالنيابة عنه بطلب مندوب من هذه الجروبات من اجل توصيل السلعة التي سبق الاتفاق مع المشتري علي تفاصيلها و يطلب منه ان يدفع ثمن السلعة ليس لغرض إعطاء قرض للمشتري بل كضمان لحقه في السلعة وان ال مندوب لن يسرقها او لا يرسل ثمنها ثم يأخذ المندوب ثمن السلعة و عليها أجرة التوصيل فما حكم هذه الحالة و هل هي من باب القرض الذي جر نفعا باعتبار أنه يدفع من ماله الخاص من اجل أجرة التوصيل كما اكدت الحالة السابقة و لكن جزيل الشكر
ردحذفارجو من حضراتكم الرد لأهمية الموضوع
حذفالرد جزاكم الله
ردحذف