باب صفة الحج والعمرة من قول المصنف
(أو يقصر من جميع شعره)...
(أو يقصر من جميع شعره)...
(أو يقصر من جميع شعره) لا من كل شعرة بعينها ومن لبد رأسه أو ظفره أو عقصه فكغيره، وبأي شيء قصر الشعر أجزأه، وكذا أن نتفه أو أزاله بنورة، لأن القصد إزالته، لكن السنة الحلق أو التقصير، (وتقصر منه
المرأة) أي من شعرها (قدر أنملة) فأقل، لحديث ابن عباس يرفعه «ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير» رواه أبو داود، فتقصر من كل قرن قدر أنملة أو أقل، وكذا العبد ولا يحلق إلا بإذن سيده، وسن لمن حلق أو قصر أخذ ظفر أو شارب وعانة وإبط.
(ثم) إذا رمى وحلق أو قصر (قد حل له كل شيء) كان محظورا بالإحرام إلا النساء) وطءا ومباشرة وقبلة ولمسا لشهوة وعقد نكاح، لما روى سعيد عن عائشة مرفوعا «إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب والثياب وكل شيء إلا النساء» .
(والحلق والتقصير) ممن لم يحلق (نسك) في تركهما دم لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فليقصر ثم ليتحلل» ، (ولا يلزم بتأخيره) أي الحلق أو التقصير عن أيام منى (دم ولا بتقديمه على الرمي والنحر) ولا إن نحر أو طاف قبل رميه ولو عالما، لما روى سعيد عن عطاء أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من قدم شيئا قبل شيء فلا حرج» ويحصل التحلل الأول باثنين من حلق ورمي وطواف، والتحلل الثاني بما بقي مع سعي، ثم يخطب الإمام بمنى يوم النحر خطبة يفتتحها بالتكبير يعلمهم فيها النحر والإفاضة والرمي.
[فصل طواف القارن والمفرد بنية الفريضة طواف الزيارة]
فصل (ثم يفيض إلى مكة ويطوف القارن والمفرد بنية الفريضة طواف الزيارة) ويقال: طواف الإفاضة فيعينه بالنية، وهو ركن لا يتم حج إلا به، وظاهرة أنهما لا يطوفان للقدوم ولو لم يكونا دخلا مكة قبل، وكذا المتمتع يطوف للزيارة فقط كمن دخل المسجد وأقيمت الصلاة فإنه يكتفي بها عن تحية المسجد، واختاره الموفق والشيخ تقي الدين، وابن رجب ونص الإمام، واختاره الأكثر أن القارن والمفرد إن لم يكونا دخلاها قبل يطوفان للقدوم برمل ثم للزيارة وأن المتمتع يطوف للقدوم ثم للزيارة بلا رمل.
(وأول وقته) أي: وقت طواف الزيارة (بعد نصف ليلة النحر) لمن وقف قبل ذلك بعرفات، وإلا فبعد الوقوف، (ويسن) فعله (في يومه) لقول ابن عمر: «أفاض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم النحر» متفق عليه، ويستحب أن يدخل البيت فيكبر في نواحيه ويصلي فيه ركعتين بين العمودين تلقاء وجهه ويدعو الله عز وجل،(وله تأخيره) أي تأخير الطواف عن أيام منى لأن آخر وقته غير محدود كالسعي.
(ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا) لأن سعيه أولا كان للعمرة فيجب أن يسعى للحج (أو) كان (غيره) أي غير متمتع بأن كان قارنا أو مفردا (ولم يكن سعى مع طواف القدوم) فإن كان سعى بعده لم يعده لأنه لا يستحب التطوع بالسعي كسائر الأنساك غير الطواف؛ لأنه صلاة، (ثم قد حل له كل شيء) حتى النساء وهذا هو التحلل الثاني، (ثم يشرب من ماء زمزم لما أحب ويتضلع منه) ويرش على بدنه وثوبه ويستقبل القبلة ويتنفس ثلاثا، (ويدعو بما ورد) فيقول: بسم الله اللهم اجعله لنا علما نافعا ورزقا واسعا وريا وشبعا وشفاء من كل داء، واغسل به قلبي واملأه من خشيتك.
(ثم يرجع) من مكة بعد الطواف والسعي فـ) يصلي ظهر يوم النحر بمنى، و (يبيت بمنى ثلاث ليال) إن لم يتعجل وليلتين إن تعجل في يومين، ويرمي الجمرات بمنى أيام التشريق (فيرمي الجمرة الأولى وتلي مسجد الخيف سبع حصيات) متعاقبات يفعل ذلك كما تقدم في جمرة العقبة (ويجعلها) أي الجمرة (عن يساره ويتأخر قليلا) بحيث لا يصيبه الحصا (ويدعو طويلا) رافعا يديه، (ثم) يرمي (الوسطى مثلها) سبع حصيات [يرمي] ويتأخر قليلا ويدعو طويلا لكن يجعلها عن يمينه، (ثم) يرمي (جمرة العقبة) بسبع كذلك (ويجعلها عن يمينه ويستبطن الوادي ولا يقف عندها عندما يفعل هذا) الرمي للجمار الثلاث على الترتيب والكيفية المذكورة (في كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال) فلا يجزئ قبله ولا ليلا لغير سقاة ورعاة، والأفضل الرمي قبل صلاة الظهر ويكون (مستقبل القبلة) في الكل، (مرتبا) أي يجب ترتيب الجمرات الثلاث على ما تقدم.
(فإن رماه كله) أي رمى حصا الجمار السبعين كله (في) اليوم (الثالث) من أيام التشريق (أجزأه) الرمي أداء لأن أيام التشريق كلها وقت للرمي (ويرتبه بنية) فيرمي لليوم
الأول بنية ثم للثاني مرتبا وهلم جرا كالفوائت من الصلاة (فإن أخره) إي الرمي (عنه) أي عن ثالث أيام التشريق فعليه دم (أو لم يبت بها) أي بمنى (فعليه دم) لأنه ترك نسكا واجبا، ولا مبيت على سقاة ورعاة.
ويخطب الإمام ثاني أيام التشريق خطبة يعلمهم فيها حكم التعجيل والتأخير والتوديع، (ومن تعجل في يومين خرج قبل الغروب) ولا إثم عليه وسقط عنه رمي اليوم الثالث ويدفن حصاه (وإلا) يخرج قبل الغروب (لزمه المبيت والرمي من الغد) بعد الزوال، قال ابن المنذر: وثبت عن عمر أنه قال: " من أدركه المساء في اليوم الثاني فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس ".
(فإذا أراد الخروج من مكة) بعد عوده إليها (لم يخرج حتى يطوف للوداع) إذا فرغ من جميع أموره لقول ابن عباس: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طوافا إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» متفق عليه، ويسمى طواف الصدر، (فإن أقام) بعد طواف الوداع (أو اتجر بعده أعاده) إذا عزم على الخروج وفرغ من جميع أموره ليكون آخر عهده بالبيت، كما جرت العادة في توديع المسافر أهله وإخوانه، (وإن تركه) أي طواف الوداع (غير حائض رجع إليه) بلا إحرام إن لم يبعد عن مكة، ويحرم بعمرة إن بعد عن مكة فيطوف ويسعى للعمرة ثم للوداع، (فإن شق) الرجوع على من بعد مكة دون مسافة قصر أو بعد عنها مسافة قصر فأكثر فعليه دم،ولا يلزمه الرجوع إذا، (أو لم يرجع) إلى الوداع، (فعليه دم) لتركه نسكا واجبا، (وإن أخر طواف الزيارة) ونصه أو القدوم (فطافه عند الخروج أجزأ عن) طواف (الوداع) لأن المأمور به أن يكون آخر عهده بالبيت وقد فعل، فإن نوى بطوافه الوداع لم يجزئه عن طواف الزيارة، ولا وداع على حائض ونفساء إلا أن تطهر قبل مفارقة البنيان.
(ويقف غير الحائض) والنفساء بعد الوداع في الملتزم وهو أربعة أذرع (بين الركن) الذي به الحجر الأسود (والباب) ويلصق به وجهه وصدره وذراعيه وكفيه مبسوطتين (داعيا بما ورد) ومنه: " اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك وسيرتني في بلادك حتى أبلغتني بنعمتك إلى بيتك وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا، وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري، وهذا أوان انصرافي إن أنت أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك،
اللهم فأصحبني العافية في بدني والصحة في جسمي والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير" ويدعو بما أحب ويصلي على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويأتي الحطيم أيضا وهو تحت الميزاب فيدعو).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق