قاعدة : الاستدلال بالعلامة والحكم بما دلت عليه مقرر في الشرع والعقل ، ،مالم تخالف علامة - قرينة - أقوى منها .أو بينة .
ويدلّ على هذه القاعدة أدلة كثيرة منها : -
١ - ما جآء في الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغير إذا طلع الفجر فإن سمع أذاناً كف وإلا أغار ).
فوجود الأذان في القرية علامة إسلام ،وعدم وجوده علامة عدم إسلامهم ، فحكم عليهم بالظاهر والقرينة .
٢ - ما روى أبو داود وغيره عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
يقال : تشبه فلان بفلان :إذا تكلف أن يكون مثله .والمشابهة بين الشيئين:الاشتراك بينهما في معنى من المعاني ،ومنه : أشبه الولد أباه : : إذا شاركه في صفة من صفاته .
فاللباس الخاص بالكفار ،علامة الكفر ، ففي أحكام الدنيا يعامل معاملة الكافر مالم يعرف إسلامه أخذاً بالعلامة التي لم يعارضها غيرها ، ولهذا ذهب الحنفية والمالكية وجمهور الشافعية إلى أن التشبه بالكفار في اللباس الذي هو شعار لهم ويتميزون به عن المسلمين يحكم بكفر فاعله ظاهراً ،أي في أحكام الدنيا ، كمن وضع قلنسوة المجوس على رأسه إلا إذا فعله للضرورة ،أو الإكراه أو لدفع الحر أو البرد .وكذا إذا لبس زنار النصارى إلا إذا فعل ذلك خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين ، أو نحو ذلك . لظاهر الحديث ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
وذهب الحنفية في قول ،والحنابلة إلى حرمة التشبه بالكفار في اللباس الذي هو شعار لهم ، كأن يتزيّن بما صار شعاراً لأهل الذمة ،أو علق صليباً يصدره حرم ولم يكفر .
. وعند التأمل نجد أن قول الجمهور إنما يحكمون بكفره فيما يتعلق بالظاهر من حاله في الدنيا لمن لا يعرف عن أمره شيئاً أخذاً بالقرائن وظواهر الأحوال ،مع حرمة فعله - التشبه- مالم يكن هناك ضرورة أو حاجة معتبرة شرعاً،وعلى هذا فالخلاف بينهم لفظي .
٤ - حديث معاذ بن عمرو بن الجموح ، رمعاذ بن عفراء وفيه ، قال صلى الله عليه وسلم لهما لمّا قال : كل واحد منهما أنا قتلته ( أريني سيفيكما ) ثم قال ( كلاكما قتله - شارك في قتله - وقضى بسلبه- المتاع الذي يكون مع المقتول - لمعاذ بن عمرو بن الجموح _ الضربه القاتله منه -).
العلامة والقرينه في السيف بينت القاتل فحكم له بسلبه .
٥ - قال تعالى ( وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رءا قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم )
فحكم بصدقه لوجود العلامة الدالة على ذلك ، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخه شرعنا .
٦ - وكذا حديث القسامة من حديث سهل بن أبي حثمة وفيه ( إما أن يدوا صاحبكم ،وإما أن يأذنوا بحرب ). ومنه أخذ بعض العلماء : أن كل ما يغلب على الظن صدق المدعي فإنه تجري فيه القسامة ، أما إذا خالفت العلامة علامة أقوى منها أو بينة فلا عبرة بها .
لقوله صلى الله عليه وسلم في اللعان : ( أبصروها فإن جآءت به أبيض سبطا فهو لزوجها ،وإن جآءت به أكحل جعداً فهو للذي رماه به ، فلما جاءت به على النعت المكروه قال ( لو ما سبق من كتاب الله لكان لي ولها شأن ) فالشيه علامة وقرينه على صدق الزوج ولم يعمل به لوجود بينة وهي اللعان .وحينيئذ لا عبرة بالعلامة عند وجود ما يعارضها من بينة أو قرينة أقوى منها . والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق