الاختلاف في حجية الاستحسان والمصالح المرسلة في الأحكام الشرعية لفظي. حجية الاستحسان والمصالح المرسلة في الأحكام الشرعية : الاستحسان : العدول عن حكم دليل إلى خلافه لدليل أقوى منه . - وأما ما يستحسنه المجتهد بعقله فهو معنى باطل للاستحسان-.
فالاستحسان عند الأصوليين يجري في مسألة لها نظير ، وستثنيت من الحكم لدليل يوجب ذلك.
وعند التأمل نجد أن الاستحسان لا يخرج عن الجمع بين الأدلة التي ظاهرها التعارض ، وهو تعارض نسبي لا حقيقي ، إذ أن نصوص الشارع لا تعارض بينها في الحقيقة . فلا تعارض بين النصوص الصحيحة ، لأنها خرجت من مشكاة واحدة ،قال تعالى ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً).
وأما التعارض النسبي فهو عند مجتهد في مسآئل معينة دون آخر .
وعلى هذا فلا نزاع في وجوب العمل بالدليل الراجح ، واختلف في تسمية ذلك استحساناً، ولامشآحة في الاصطلاح .
وكذا المصالح المرسلة : المدار فيها على وجود وصف مناسب ، ولكن لم يتعرض له الشارع بالاعتبار أو الإلغاء، بل أرسله ، فليس هناك نص أو إجماع أو قياس في المسألة المجتهد فيها ، فهي لا تستند إلى دليل خاص معين ، بل تستند إلى مقاصد الشريعة وعموماتها كجمع القرآن في عهد الصديق - رضي الله عنه - .
إذ أن المصالح : هي المحافظة على مقصود الشارع من الخلق في حفظ الدين ، والنفس، والعقل ، والنسل - العرض- ،والمال .
والمصالح المرسلة : هي المصالح الملائمة لمقاصدالشارع ،ولا يشهد لها أصل خاص بالاعتبار أو الإلغاء. وتسمى بالاستصلاح ،وبالمناسب المرسل .
وعند التأمل نجد أن الشارع ليس فيه مصلحة مرسلة ، فكل مصلحة داخلة في عموم النص أو خصوصه ،سواء كان في الاعتبار أو الإلغاء.
( ما فرطنا في الكتاب من شيء) (وقد فصل لكم ما حرم عليكم )وفي صحيح مسلم ( إن أعظم المسلمين جرماً يوم القيامة من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته).
فالمصلحة : ما قصده الشارع بتشريع الحكم ، سواء كان بجلب منفعة أو دفع مفسدة ومضرة .وهذا نتيجة العمل وثمرته. والشريعة لا تأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة،ولا تنهى إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة،وعلى هذا فلا يمكن التعارض بين الشرع والمصلحة ،فإذا عارض ظاهر العقل الشارع في المصلحة فالخلل في العقل لا الشرع .
وعلى هذا فإن المصلحة التي دلّ الدليل عليها بعمومه أو خصوصه ، أو كانت في معنى ما دلّ الدليل عليه أو أو أولى ممّا دلّ الدليل عليه معتبرة وما لا فلا .سواء سمي ذلك مصلحة مرسلة ، أو قياساً ،أو عموماً، أو اجتهاداً، أو عملاً بمقاصد الشريعة .
علماً بأن المصلحة تنقسم بحسب قوتها إلى ثلاثة أقسام :
أ - مصلحة ضرورية : بحيث يترتب على تفويت هذه المصلحة تفويت شيء من الضروريات أو كلها، والضرورة لا تكن ضرورة إلا بثلاثة شروط:- ١ - أن نتيقن أن بها تزول الضرورة .٢ - أن لا يوجد غيرها يقوم مقامها .
٣ - أن يكون الضرر الواقع عليك أعظم من الضرر الصادر منك .
ب - مصلحة حاجية : بحيث تكون هذه المصلحة في محل الحاجة لا الضرورة، والحاجة المعتبرة هي التي دلّ الدليل عليها أو كانت في معنى ما دلّ الدليل عليه أو أولى مما دلّ الدليل عليه وما لا فلا - ًوقد سبق توضيحها والخلاف فيها -.
ج - مصلحة تحسينية : وهي ماليس ضرورياً ولا حاجياً، وإنما من باب الجري على الأفضل والأتم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / جامعة أم القرى / كلية الشريعة / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق