شرح كتاب المناسك / باب صفة الحج والعمرة
من قول المصنف رحمه
(ويكثر الاستغفار والتضرع والخشوع وإظهار الضعف والافتقار ويلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة.
(ويكثر الاستغفار والتضرع والخشوع وإظهار الضعف والافتقار ويلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة.
ومن وقف) أي حصل بعرفة ولو لحظة) أو نائما أو مارا أو جاهلا أنها عرفة (من فجر عرفة إلى فجر يوم النحر وهو أهل له) أي للحج بأن يكون مسلما محرما بالحج ليس سكرانا ولا مجنونا ولا مغمى عليه (صح حجه) لأنه حصل بعرفة في زمن الوقوف (وإلا) يقف بعرفة أو وقف في غير زمنه أو لم يكن أهلا للحج (فلا) يصح حجه لفوات الوقوف المعتد به، (ومن وقف) بعرفة (نهارا ودفع) منها (قبل الغروب ولم يعد) إليها (قبله) أي قبل الغروب ويستمر بها إليه (فعليه دم) أي شاة لأنه ترك واجبا، فإن عاد إليها أو استمر للغروب أو عاد بعده قبل الفجر فلا دم عليه؛ لأنه أتى بالواجب وهو الوقوف بالليل والنهار.
(ومن وقف ليلا فقط فلا) دم عليه، قال في " شرح المقنع ": لا نعلم فيه خلافا لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج» .
(ثم يدفع بعد الغروب) مع الإمام أو نائبة على طريق المأزمين إلى مزدلفة) وهي ما بين المأزمين إلى ووادي محسر، ويسن كون دفعه (بسكينة) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيها الناس السكينة السكينة» ، (ويسرع في الفجوة) لقول أسامة: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يسير العنق فإذا وجد فجوة نص» أي: أسرع؛ لأن العنق انبساط السير، والنص فوق العنق، (ويجمع بها) أي بمزدلفة (بين العشاءين) أي يسن لمن دفع من عرفة أن لا يصلي المغرب حتى يصل إلى مزدلفة، فيجمع بين المغرب والعشاء من يجوز له الجمع قبل حط رحله، وإن صلى المغرب بالطريق ترك السنة وأجزأه، (ويبيت بها) وجوبا لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بات بها، وقال: «خذوا عني مناسككم» ، (وله الدفع) من مزدلفة قبل الإمام (بعد نصف الليل) لقول ابن عباس: «كنت فيمن قدم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى» متفق عليه، (و) الدفع (قبله) أي قبل نصف الليل (فيه دم) على غير سقاة ورعاة، سواء كان عالما بالحكم أو جاهلا، عامدا أو ناسيا (كوصوله إليها) أي إلى مزدلفة (بعد الفجر) فعليه دم لأنه ترك نسكا واجبا (لا) إن وصل إليها (قبله) أي قبل الفجر فلا دم عليه، وكذا إن دفع من مزدلفة قبل نصف الليل وعاد إليها قبل الفجر لا دم عليه.
(فإذا أصبح) بها (صلى الصبح) بغلس ثم أتى المشعر الحرام) وهو جبل صغير بالمزدلفة سمي بذلك؛ لأنه من علامات الحج (فيرقاه أو يقف عنده ويحمد الله ويكبره) (ويهلله ويقرأ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] الآيتين، ويدعو حتى يسفر) لأن في حديث جابر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لم يزل واقفا عند المشعر الحرام حتى أسفر جدا» ، فإذا أسفر سار قبل طلوع الشمس بسكينة.
(فإذا بلغ محسرا) وهو واد بين مزدلفة ومنى سمي بذلك لأنه يحسر سالكه أسرع) قدر (رمية حجر) إن كان ماشيا، وإلا حرك دابته؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أتى بطن محسر حرك قليلا كما ذكره جابر، (وأخذ الحصى) أي حصى الجمار من حيث شاء، وكان ابن عمر يأخذ
الحصى من جمع، وفعله سعيد بن جبير، وقال: كانوا يتزودون الحصى من جمع. والرمي تحية منى فلا يبدأ قبله بشيء، (وعدده) أي عدد حصى الجمار (سبعون) حصاة كل واحدة (بين الحمص والبندق) كحصا الخذف، فلا تجزئ صغيرة جدا ولا كبيرة ولا يسن غسله.
(فإذا وصل إلى منى وهي من وادي محسر إلى جمرة العقبة) بدأ بجمرة العقبة فـ (رماها بسبع حصيات متعاقبات) واحدة بعد واحدة فلو رمى دفعة واحدة لم يجزئه إلا عن واحدة، ولا يجزئ الوضع (يرفع يده اليمنى) حال الرمي (حتى يرى بياض إبطه) لأنه أعون على الرمي (ويكبر مع كل حصاة) ويقول: اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا.
(ولا يجزئ الرمي بغيرها) أي غير الحصاة كجوهر وذهب ومعادن، (ولا) يجزئ الرمي (بها ثانيا) لأنها استعملت في عبادة فلا تستعمل ثانيا كماء الوضوء، (ولا يقف) عند جمرة العقبة بعد رميها لضيق المكان. وندب أن يستبطن الوادي وأن يستقبل القبلة وأن يرمي على جانبه الأيمن، وإن وقعت الحصاة خارج المرمى ثم تدحرجت فيه أجزأت.
(ويقطع التلبية قبلها) لقول الفضل بن عباس: " إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة» " أخرجاه في " الصحيحين " (ويرمي) ندبا بعد طلوع الشمس) لقول جابر: «رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده» أخرجه مسلم، (ويجزئ) رميها (بعد نصف الليل) من ليلة النحر لما روى أبو داود عن عائشة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أمر أم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت» ، فإن غربت شمس يوم الأضحى قبل رميه رمى من غد بعد الزوال.
(ثم ينحر هديا إن كان معه) واجبا كان أو تطوعا، فإن لم يكن معه هدي وعليه واجب اشتراه وإن لم يكن عليه واجب سن له أن يتطوع به، وإذا نحر الهدي فرقه على مساكين الحرم.
(ويحلق) ويسن أن يستقبل القبلة ويبدأ بشقه الأيمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق