حكم مراجعة الزوجة بعد طلاقها بالفعل .
العصيمي / يجوز مراجعة الزوجة بالفعل بنية الرجوع ،سواء كان جماعاً أو غيره من مقدمات الجماع ونحوه .وهو قول المالكية .
وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم
frown رمز تعبيري
إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امريء ما نوى )
حيث كان الفعل من جماع أو مقدماته أو غيره من الأفعال المقرون بنية المراجعة منزّل منزلة القول الدال على المراجعة .
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز لامتي عمّا حدثت به أنفسها ما لم تعمل او تتكلم) وحيث إن العمل المجرد غير صالح للمراجعة لأنها في وقت العدة زوجة له ، يباح له منها ما يباح مع الزوجة ، فكان الفعل الذي يدل على المراجعة هو المقرون بنية المراجعة لا مجرد الفعل.
وقياساً على بيع المعاطاة الذي دلت العلامة
والقرينة على وجود نية الرضى وإلا لما جاز .
ولأن الاستدلال بالعلامة والحكم بما دلت عليه مقرر في الشرع والعقل ، - كما سبق بيان الأدلة على هذه القاعدة - فلما وجدت العلامة وكانت هذه العلامة صالحة للمراجعة وغيرها لم تتميز علامة المراجعة إلا بنية الزوج فإذا وجدت النية مع الفعل وقعت المراجعة ، وإذا انفرد الفعل لم يكن كافياً للمراجعة ، لأن الفعل يصلح لها ولغيرها.
وقياساً على الكناية في الطلاق لمّا كان اللفظ يحتمل الطلاق وغيره لم ينصرف للطلاق إلا مع وجود النية، فكذا الفعل.
ولان العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني .
علماً بأن المراجعة بالقول لانزاع في مشروعيتها بالقول ،وإنما اختلف في وجوب الإشهاد على المراجعة ، والراجح أنه سنة ، لحديث ابن عمر لمّا طلق زوجته وهي حائض فقال صلى الله عليه وسلم لعمر ( مره فليراجعها) ولم يأمره بالإشهاد، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا
يجوز.
وقد ذهب الحنفية إلى أن الرجعة تصح بالوطء ومقدماته ولو بدون نية،
لأن الرجعة تعتبر استدامة للنكاح واستمرار لجميع آثاره ، ومن آثاره الجماع ومقدماته .
والجواب : أن المرأة في العدة زوجة وكل ما يجوز للزوجات يجوز لها .وعلى هذا لا يفرق بين فعل رجعه وغيره إلا بالنية.
فإن قيل : إن الأفعال صريحها ودلالتها تدل على نية الفاعل ، فإذا وطئها أو قبلها يعتبر بالدلالة رجعة .
فالجواب : أن العبرة بنيته هو - الزوج- لا بنية غيره ،لأن الطلاق والرجعة ملك له ، فإذا وجدت منه النية مع الفعل كانت رجعت وإن عدمت النية ووجد الفعل لم تتم الرجعة ،لأن الفعل صالح للرجعة وغيرها.
وذهب الشافعية : إلى أن الرجعة لا تكون إلا بالقول قياساً على النكاح والطلاق ، فإذا كان الطلاق والنكاح لا يكون إلا بالكلام فلا تكون الرجعة إلى به .
والجواب : عدم التسليم بأن الطلاق لا يكون إلا بالكلام ،وكذا النكاح ، فلو كتب ذلك أو أشار إشارة مفهمه لصح نكاحه وطلاقه ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها مالم تعمل أو تتكلم). وبالكتابة والإشارة يحصل العمل .
وذهب الحنابلة : إلى أن الرجعة تصح بالوطء من الأفعال لا بغيره.
لأن الطلاق سبب لزوال الملك ومعه خيار في العدة ، فتصرف المالك بالوطء يمنع عمله . كمن له الخيار في المبيع المعين إذا تصرف ببيع السلعة أو هبتها كان دليلاً على فسخ الخيار.
والجواب : فرق بين الفعل الذي لا يدل إلا على شيء معين ، كمن شرط الخيار في السلعة المعينة ثم باعها فهذا لا احتمال في أنه قطع خياره . بخلاف العمل الذي يستوي فيه الاحتمالان فلا يتحدد إلا بالنية .
فإن قيل : بالقياس على الإيلاء ، فإذا وطيء الزوج إرتفع الإيلاء ، فكذا الحال في الرجعة.
فالجواب : - أن الإيلاء : حلف على عدم الوطء ، فإذا وطيء ارتفع بخلاف مسألتنا فإن الوطء للزوجة الرجعية في زمن العدة جائز،فلا يدل بمجرده على المراجعة إلا بالنية.
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق